لاشك في أن أهم وأخطر خلا ف نشب بين المسلمين في وقت مبكر كان حول مسألة الحكم،وأفلح الشهرستاني في التوصيف الدقيق لهذا الخلاف فقال إن أول سيف سل بين المسلمين كان حول الإمامة،فما بالنا نثير الموضوع من جديد في واقع لا يحكمه لا خلفاء راشدون ولا أئمة "معصومون"،بل يحكمه مستبدون مسلطون على رقاب الناس،نثيره لرفع سوء الفهم ،والتخفف من التركة الثقيلة للخلاف حول الإمامة. ولقد نوقشت مسألة الإمامة وفق تصورين: تصور في الأذهان: من حيث وجوب الإمامة على الله (عند الشيعة)، أو على الأمة (عند أهل السنة)، ومن حيث محل الإمامة من الإيمان وأصول الدين وفروعه. وتصور في الأعيان : من حيث ترجمة الإمامة إلى الواقع العملي الذي عاشه المسلمون بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - واختلفوا بشأن تلك الترجمة . خلاصة رأي الشيعة في الإمامة: أنها أصل من أصول الدين ومنصب إلهي كالنبوة، فكما لا يجوز تعيين أو تنصيب النبي من الخلق، لا يجوز لهم كذلك تنصب أو تعيين أو ترشيح الإمام، إذ يرد النص عليه من الله – عز وجل- نصا جليا على لسان رسوله، أو على لسان الإمام السابق في حق الإمام اللاحق،[1] ولا يجوز أن تخلو الأرض من الإمام "ولو خلت ساعة لساخت الأرض ومن عليها"،[2] والذين تبث النص عليهم اثنا عشر إماما، أو لهم علي بن أبي طالب وآخرهم محمد المهدي – الذي يعتقدون غيبته ورجوعه في آخر الزمان- وهم كلهم معصومون عن الكبائر والصغائر. ومنزلة الإمام والإمامة من الدين بمنزلة الصلاة والصيام والزكاة والحج، فيروي الكليني عن محمد الباقر أنه قال: بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية"،[3] وعن الحارث بن المغيرة قال: قلت لجعفر بن محمد: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال: جاهلية كفر ونفاق وضلال"،[4] ويروى عن علي بن موسى الرضا أنه قال: "إن الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، وأن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ومقام أمير المؤمنين، وميراث الحسن والحسين، إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي".[5] والإمام به " تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل ما أحل الله، ويحرم ما حرم الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه، والحجة البالغة (...) الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين، لا يدانيه أحد، ولا يوجد بدل له، ولا له مثل ولا نظير".[6] وعقد الكليني في كتاب الحجة من أصول الكافي أبوابا جامعة لصنوف قول الشيعة في الإمامة:[7] - "باب فرض طاعة الأئمة". - "باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه". - "باب في أن الأئمة هم الهداة". - "باب في أن الأئمة خلفاء الله عز وجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى". - "باب في أن الأئمة نور الله عز وجل". - "باب في أن الأئمة هم أركان الأرض". - "باب عرض الأعمال على النبي والأئمة". - باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم". - باب أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها". - باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة وأنهم يعلمون علمه كله". - باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي أخرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل". - باب أن الأئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علموا". - باب أن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وأنهم لا يخفى عليهم شيء". - "في أن الأئمة محدثون مفهمون". ويأتون بروايات كثيرة يثبتون بها تفضيل الأئمة على الأنبياء،وبهذا الأصل (الإمامة)، وعلى التفصيل المذكور، تكون الشيعة قد "امتازت عن سائر فرق المسلمين، وهو فرق جوهري أصلي، وما عداه من الفروق عرضية".[8] وأهل السنة وإن اعتقدوا أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الاعتقاد[9] فقد درجوا على الحديث عن الإمامة في سياق بيانهم لمقتضيات العقيدة الصحيحة: من حيث موجب انعقاد الإمامة (النص أو الاختيار)، منبهين على شرائطها الصحيحة، ومنوهين بفضل الراشدين الأربعة – رضي الله عنهم- وفضل سائر الصحابة، داعين إلى الإمساك عما شجر بينهم من خلاف وقتال، ومصوبين لعلي في حروبه، ناعتين من خرجوا عليه خوارج، ومن نصبوا له العداوة ولأهل بيته نواصب، وكل من حاربوه بغاة.[10] والحديث عن الخلاف حول ورود النص على المستحق للإمامة أو عدم وروده،وحول عدد الأئمة الذين استجمعوا شرائط الخلافة الكاملة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل هم أربعة أو اثنا عشر) له صلة بالتصورين معا:في الأذهان(ورود النص أو عدمه) وفي الأعيان(تعيين الأئمة) . النص على الإمام لخص الشيخ المفيد اعتقاد الشيعة في وجوب النص على الإمام فقال: "اتفقت الإمامية على أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - استخلف أمير المؤمنين في حياته، ونص عليه بالإمامة بعد وفاته، وأن من دفع ذلك دفع فرضا من الدين".[11] ويحتجون لإثبات ورود النص على أحقية علي – كرم الله وجهه- في الإمامة بأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الإمام علي والنظر العقلي. 1- الكتاب: احتج ابن مطهر الحلي في مصنفه (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) بأربعين آية من كتاب الله عز وجل على ورود النص، ويصرف القصد من كل آية إلى علي بوجه من وجوه التفسير والتأويل[12]: فعلي هو الولي في قوله تعالى: ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾[13]، وما أمر الرسول تبليغ الأمة به هو إمامة علي في قوله تعالى: ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾[14] وكمل الدين وتمت النعمة بإقرار ولاية علي في قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي﴾[15] وبيت علي من البيوت التي ذكرها الله في قوله: ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع﴾[16]، وعلي هو الهادي في قوله تعالى: ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾[17]، وهو السابق في قوله سبحانه: ﴿والسابقون السابقون أولئك المقربون﴾[18]، والذي جاء بالصدق وصدق به هو علي في قوله تعالى: ﴿والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون﴾[19]، والذي عنده علم الكتاب هو علي في قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريئة﴾[20]. وعزا ابن مطهر الحلي إلى الإمام أحمد رواية ابن عباس: "ليس من آية في القرآن ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ إلا وعلي رأسها وأميرها وشريفها وسيدها"،[21] ويعقد الكليني في كتاب الحجة في أصول الكافي بابا سماه: (باب ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة – عليهم السلام- واحدا فواحدا)،[22] إلا أنه اشتهر الاحتجاج لثبوت النص والوصية بأربع آيات:[23] الأولى: آية الولاية: ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويوتون الزكاة وهم راكعون﴾.[24] الثانية: آية الطاعة: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾.[25] الثالثة: آية التطهير: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾.[26] الرابعة: آية المودة: ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى﴾.[27] يحمل عبد الله الغريفي – بطريق اللزوم- الآية الأولى على معنى وجوب أن يكون علي هو المتلبس بالإمامة بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -،[28] أو الأولى بالتصرف،[29] ويلزم من الآيتين الثانية والثالثة عصمة ولي الأمر المتصدي للإمامة،[30] ومن الرابعة وجوب الطاعة.[31] واستشكل بعض أصحاب الإمام جعفر الصادق عدم ورود ذكر علي بالاسم في القرآن كله، فأجابهم قائلا: "إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - هو الذي فسر فهم ذلك (...) ونزلت ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾[32] فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في علي: "من كنت مولاه فعلي مولاه،[33] فأجابهم عن الاستشكال بما دل – عند الشيعة- على أن النص ورد بصيغة الإجمال في القرآن وبينته السنة. 2- السنة: المراد بالسنة عند الشيعة: قول المعصوم – ويشمل النبي والأئمة- أو فعله أو تقريره.[34] ويتم استقاء الأحاديث من مصدرين اثنين: أولا: من الروايات المنقولة بطرق الإمامية إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وإلى الأئمة. ثانيا: من مرويات أهل السنة في فضائل ومناقب الإمام علي – كرم الله وجهه- قصد إلزام المخالف بما يرويه هو نفسه. أولا: مرويات الإمامية يروي الكليني عن زيد بن الجهم الهلالي عن جعفر الصادق قال: سمعته يقول: لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب، وكان من قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: سلموا على علي بامرة المؤمنين، فكان مما أكد الله عليهما (يعني أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما-) في ذلك اليوم يا يزيد قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لهما: فسلما عليه بامرة المؤمنين، فقال: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :من الله ومن رسوله".[35] ويروي أيضا – عن ابي حمزة الثمالي عن محمد بن علي الباقر قال: سمعته يقول: لما أن قضى محمد – صلى الله عليه وسلم - نبوته واستكمل أيامه أوصى الله تعالى إليه أن يا محمد قد قضيت نبوتك، واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والإسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب، فإني لن أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوة من العقب من ذريتك، كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء".[36] ثانيا: مرويات أهل السنة يحتجون بما يروي الإمام البخاري – رحمه الله- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لأعطين الراية -أو ليأخذن الراية- إذا رجل يحبه الله ورسوله -أو قال يحب الله ورسوله- يفتح الله عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الراية ففتح عليه"،[37] وفي الحديث الآخر عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لعلي: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"،[38] وفي الحديث الآخر "من كنت وليه فعلي وليه"،[39] وفي الحديث الآخر: "علي مني وأنا منه، ولا يؤدي عني إلا علي"،[40] وفي الحديث الآخر: "إن منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قوتلتم على تنزيله".[41] 3- أقوال الإمام علي يرد أغلب هذه الأقوال في كتاب (نهج البلاغة) وهو يتضمن خلاصة ما جمعه الشريف الرضي[42] من خطب علي وحكمه وأقواله،[43] واشتهرت من تلك الخطب الخطبة الموسومة (الشقشقية)، ينتقد فيها علي - كرم الله وجهه- أسلوب تداول السلطة بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فينسب إليه الشريف الرضي القول: "أما والله لقد تقمصها فلان، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، فرأيت الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى (...) ثم مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده (...) فصبرت على طول المدة وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم (...) إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه (...) إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب،فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون"،[44] ومما جاء في خطبة أخرى له: "فإن أقل يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت، هيهات بعد اللتيا والتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه"،[45] ولما سمع بخبر السقيفة قال لمخبره: "ما قالت الأنصار؟ قال: قالوا: منا أمير منكم أمير (...) ثم قال: فماذا قالت قريش؟ قال: احتجت بأنها شجرة الرسول – صلى الله عليه وسلم - فقال: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة".[46] ويضم الشيعة إلى أدلة الكتاب والسنة وأقوال الإمام علي أدلة أخرى من أقوال بعض الصحابة الذين يعتقدون – في نظر الشيعة- بورود النص على إمامة علي: كالخبر الذي ينقله اليعقوبي في تاريخه: ان عثمان – رضي الله عنه- قد بلغه أن أبا ذر – رضي الله عنه- يقف بباب المسجد قائلا: "أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم﴾[47]، محمد الصفوة من نوح، فالأول من إبراهيم والسلالة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد (...) ومحمد وارث علم آدم وما فضل به النبييون، وعلي بن أبي طالب وصي محمد ووارث علمه، أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها أما لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم".[48] ثم يتبعون الاحتجاج بدلالة النصوص والأخبار بالاحتجاج بدلالة النظر والاعتبار. 4- النظر العقلي: ترد بعض الأخبار عن الأئمة تحمل في طياتها ضربا من ضروب الاستنباط والاستنتاج العقلي القاضي بضرورة النص على الإمامة، وقد يجيء ذلك الاستنتاج العقلي عريا عن الأخبار والنصوص. يروي الكليني عن منصور بن حازم قال: قلت لجعفر الصادق: قلت للناس: تعلمون ان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كان هو الحجة من الله على خلقه؟ فقالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم (...) فقلت لهم: من قسم القرآن؟ فقالوا عبد الله بن مسعود كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال له إنه يعرف ذلك كله إلا عليا (!)، فأشهد أن عليا كان قيم القرآن، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقال: جعفر: رحمك الله".[49] وعد ابن مطهر الحلي خمسة من الأدلة العقلية على إمامة علي – كرم الله وجهه- بموجب النص والوصية: الأول: وجوب أن يكون الإمام معصوما، وعلي معصوم.[50] الثاني: وجوب أن يكون الإمام منصوصا عليه عقلا.[51] الثالث: وجوب أن يكون الإمام حافظا للشرع.[52] الرابع: قدرة الله عز وجل على نصب إمام معصوم.[53] الخامس: وجوب أن يكون الإمام أفضل الناس.[54] فهذه جهات استدلال الشيعة على ثبوت إمامة علي بالنص والوصية، ويقترن استدلالهم هذا بالاستلال على أن مناط وجوب الإمامة هو العقل،[55] فالقول بالنص والوصية ينبني على قاعدة كلامية مفادها أن الله تعالى لا يخلي الأرض من "إمام يحتج الله – عز وجل- به على عباده المكلفين ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين".[56] النص والاجتهاد بناء على الأدلة السابقة رفضت الشيعة ما تمخض عنه اجتماع السقيفة من نتائج اعتقدوا مخالفتها للنصوص السالفة: فالاجتماع من حيث المبدأ غير شرعي، ومن حيث النتائج قرار متسرع،[57] ولبعض الشيعة في سبب ما أسفر عنه الاجتماع من انتخاب أبي بكر – رضي الله عنه- تفسيران: الأول: وهو أشدهما: كتمان النصوص الواردة في شأن النص على إمامة علي.[58] الثاني: عدم تعبد الصحابة بالنصوص المتعلقة بالسياسة والإمامة كالولايات والإمارات، أما إذا كانت النصوص "متمحضة للدين مختصة بالشؤون الأخروية فإنهم كانوا يتعبدون بها" (!).[59] ومن هذا القبيل ما قاله الشيخ محمد رضا المظفر: "ولعل لمن يحسن الظن بهم (أي الصحابة) إلا أن يعتقد أنهم لم يقصدوا مخالفة النبي عصيانا، وإنما كانوا يظنون المصلحة فيما لهم من رأي" [60] ،ومؤدى هذا الكلام أن الخلفاء الثلاثة أخذوا بالاجتهاد مقابل النص، أطروحة النص والاجتهاد هذه بذل عبد الحسين شرف الدين جهدا كبيرا في تفصيلها في كتابه الذي يحمل نفس الاسم (النص والاجتهاد)، وإعمالا لأطروحتة اعتقد بأن أبا بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم- قد اجتهدوا مع وجود النص،وهذا اعتقاد خاطيء ومصادرة على المطلوب،والمطلوب هو قبل كل شيء إثبات وجود نص على الإمام،والخلفاء الثلاثة لم يكونوا يعتقدون بوجود نص حتى يقال إنهم اجتهدوا مع وجوده،ولكن وفق الاعتقاد الشيعي بوجود النص،يكون الذين اجتهدوا مع وجوده هم:علي – كرم الله وجهه- لما بايع وقال:"لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين"[61]،والحسن- رضي الله عنه- لما صالح معاوية، وعلي الرضا لما قبل ولايع العهد للمأمون،مما يبين تهافت أطروحة النص والاجتهاد. وقد فسروا قعود علي – رضي الله عنه- عن المطالبة "بحقه" بقلة الناصر والمؤازر تارة،[62] وبإرادته حقن دماء المسلمين، وحذرا من إثارة الخلاف تارة أخرى،[63] ويضفي الدكتور علي شريعتي على تلك الآراء مسحة من تحليله الفكري الفلسفي المعهود فيقول: "لو كانت السقيفة عام خمسين ومائتين (وهي سنة دخول الإمام الثاني عشر في الغيبة في اعتقاد الشيعة) بدل السنة الحادية عشرة لكان التاريخ شكلا آخر، ولكن لم تكن، فقد استندوا على الديموقراطية والشورى بينما الزمان زمان الوصية يعني: قيادة الثورة"،[64] فكان الأولى – في نظره- "أن تنفذ الوصية عمليا بعد النبي – صلى الله عليه وسلم - وتستمر رسالة النبي في بناء الأمة، وبعد آخر الأوصياء تختم مرحلة الإمامة الثورية، ويجب الاعتماد على مبدأ الشورى"،[65] ويميز الدكتور شريعتي بين تعيين الإمام عن طريق الوصية وبين تعيينه عن طريق التنصيب أو الانتخاب أو الترشيح،[66] ولعل في ربطه بين الوصية والجماهير اعتذارا عن عدم نهوض الإمام علي لتولي الخلافة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بذات عذر سابق وهو: قلة الناصر والمؤازر. اختيار الإمام حكى النووي إجماع أهل السنة على عدم استخلاف رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أحدا بعد وفاته،[67] إلا أن ابن تيمية لا يسلم بحصول هذا الإجماع إذ يقول: "ليس هذا قول جميعهم، بل قد ذهبت طوائف من أهل السنة إلى أن إمامة أبي بكر – رضي الله عنه- ثبتت بالنص، وقد ذكر القاضي أبو يعلى وغيره في ذلك روايتين عن الإمام أحمد، إحداهما: أنها ثبتت بالأخبار، قال: وبهذا قال جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشاعرة، وهذا اختيار أبي يعلى وغيره، والثانية: أنها تثبت بالنص الخفي والإشارة، قال: وبهذا قال الحسن البصري، وجماعة من أهل الحديث، وبكر بن أخت عبد الواحد والبيهسية من الخوارج".[68] ويعد ابن حزم من رجحوا الرأي القائل بورود النص الجلي على استخلاف أبي بكر، فقال: "قد اختلف الناس في هذا، فقالت طائفة: إن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحدا، ثم اختلفوا فقال بعضهم: لكن لما استخلف أبا بكر على الصلاة، كان دليلا على أنه أولاهم بالإمامة والخلافة على الأمور، وقال بعضهم: لا، ولكن كان أبينهم فضلا، فقدموه لذلك، وقالت طائفة: بل نص رسول الله – صلى الله عليه وسلم - على استخلاف أبي بكر بعده على أمور الناس نصا جليا، وبهذا تقول البراهين".[69] وعارض الإمام الجويني ورود النص على إمامة أبي بكر، فقال – بعد أن عرض لمذهب الإمامية والزيدية في المسألة-: "ثم تشوفت طائفة من المنتمين إلى السنة إلى ادعاء النص على أبي بكر وصار صائرون يعرفون بالعباسية إلى أنه عليه السلام نص على عمه العباس، وخصصه بالإمامة من بين سائر الناس"،[70] وعمل في رده على أصحاب النص – من كل المذاهب- على إثبات أمرين: الأول: بطلان دعوى النص. الثاني: عدم استخلاف رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لأحد تحقيقا،[71] وقرر "أن الاختيار من أهل الحل والعقد هو المستند المعتقد، والمعول المعتضد".[72] واشتغل نفر من علماء السنة بخوض معارك لإثبات مسلك الاختيار على جبهتين: الجبهة الأولى: تفسير النصوص الموهمة للنص على استخلاف علي. الجبهة الثانية: إيراد النصوص النافية للاستخلاف والنص والوصية، وجلها من السنة وأقوال الإمام علي – كرم الله وجهه- نفسه. 1- تفسير النصوص الموهمة للاستخفاف: جمع الشيخ عبد الله الغريفي وجوه تفسيرات علماء أهل السنة للنصوص من السنة للاستخلاف في أربعة اتجاهات:[73] الأول: الاتجاه المنقبي: يرى أن تلك النصوص لا تتضمن الوصية لعلي، بل أقصى المراد أنها تثبت له فضائل ومناقب.[74] الثاني: الاتجاه الترشيحي: لما رأى أصحاب هذا الاتجاه أن تلك النصوص ترتبط بمسألة الإمامة ولا تقتصر على ذكر الفضائل، فإنهم وإن لم يحملوها على معنى النص والوصية، فقد حملوها على معنى الترشيح".[75] الثالث: يرى أن دلالة النصوص تشير إلى إمامة علي العلمية لا السياسية، وقد زعم الدكتور محمود صبحي اتفاق معظم الفرق على هذا الرأي.[76] الرابع: الاتجاه المآلي: يعترف بدلالة النصوص على إمامة علي –كرم الله وجهه- ولكن ليس بعد النبي – صلى الله عليه وسلم - مباشرة،[77] فيقول الدكتور محمود صبحي عن حديث الغدير: "إن صحِِ ذلك فالحديث لا يشير إلى إمامته بعد النبي – صلى الله عليه وسلم -، وإنما يبشر من ينصره وينذر من يعاديه، كما لو صحت في متن الحديث عبارة: "واخذل من خذله" فإن الحديث لا يدين من حارب عليا فحسب، وإنما يدين أولئك الذين اعتزلوه، وبذلك يلقي الحديث الضوء على حروب علي التي اشتبه في أمرها المسلمون، والتبس عليهم فيها وجه الحق".[78] 2- إيراد النصوص النافية للاستخلاف: يروي الإمام النسائي عن طلحة – رضي الله عنه- قال: "سألت ابن أبي أوفى: أوصى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا، قلت: كيف كتب على المسلمين الوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله"،[79] وفي الحديث الآخر عن مسروق عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: ما ترك رسول الله – صلى الله عليه وسلم - دينارا ولا درهما، ولا شاة ولا بعيرا، ولا أوصى بشيء"،[80] وفي الحديث الآخر عن الأسود عن عائشة قالت: "يقولون: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أوصى إلى علي،لقد دعا بالطست ليبول فيها،فانخنثت نفسه صلى الله عليه وسلم وما أشعر،فإلى من أوصى"،[81] وفي الحديث الآخر عن عائشة أيضا قالت: توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وليس عنده أحد غيري".[82] وعورضت أقوال الإمام علي – رضي الله عنه- التي احتجت بها الشيعة لإثبات الوصية، بأقوال أخرى له لا تحمل على الاعتقاد بوجود نص أو وصية : فيروي الإمام أحمد في مسنده عن أبي جحيفة: سألنا عليا: هل عندكم من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - شيء بعد القرآن؟ قال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهم يؤتيه الله – عز وجل- رجلا في القرآن أو ما في هذه الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر"،[83] وعن علي أنه قال يوم الجمل: "عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لم يعهد إلينا عهدا نأخذ به في إمارة، ولكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا، ثم استخلف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، فأقام واستقام، ثم استخلف عمر، رحمة الله على عمر، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرنه".[84] ولما أسفر اجتماع السقيفة عن مبايعة أبي بكر أقبل أبو سفيان بن حرب على علي فقال له: "أبسط يدك أبايعك، فوالله لو شئت لأملأنها عليه خيلا ورجلا (...) فزجره علي وقال: والله إنك ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للإسلام شرا، لا حاجة لنا في نصيحتك"،[85] ولما قدم علي البصرة قام إليه ابن الكواء وقيس بن عباد فقال له: ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه تتولى على الأمة تضرب بعضهم ببعض؟ أعهد من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عهده إليك؟ فحدثنا فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت: فقال: أما أن يكون عندي عهد من النبي – صلى الله عليه وسلم - في ذلك فلا، والله لئن كنت أول من صدق، فلا أكون أول من كذب عليه، ولو كان عندي من النبي عهد في ذلك، ما تركت أخا تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما بيدي ولو لم أجد إلا بري هذا، ولكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لم يقتل قتلا، ولم يمت فجأة سكت في مرضه أياما وليالي، يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني (...) فلما قبض الله نبيه – صلى الله عليه وسلم - نظرنا في أمورنا فاخترنا لدنيانا من رضيه نبي الله لديننا".[86] ولما عزم المسلمون على مبايعة علي – بعد مقتل عثمان- قال: "دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان (...) واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا"[87] وقال: "والله ما كانت لي في الخلافة رغبة".[88] ومن كلام له في إحدى الخطب ما يدل على استناده في عقد الإمامة إلى البيعة والشورى والاختيار، فيقول: "إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا".[89] وفي سيرة علي – كرم الله وجهه- العملية مع من سبقه من الخلفاء ما يدل على انتفاء وجود النص أو الوصية،[90] يقول مثنيا على عمر – أو على أبي بكر على الخلاف-: "لله بلاد فلان، فقد قوم الأود، وداوى العمد، وخلف الفتنة، وأقام السنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه"[91] فهل يعقل أن يصف الإمام علي شخصا يعتقد أنه اغتصب منه حقا مفروضا له من الله،و"كسر ضلع زوجته" بهذه الأوصاف؟، بل ويزوجه بنته(أم كلثوم)،ويسمي أحد أبنائه باسم"عمر"( ممن ذكر خبر هذه التسمية عباس القمي في منتهى الآمال 1/261،والمجلسي في البحار42/120)،ولما بلغه خبر مقتل عثمان- رضي الله عنه- قال للحسن والحسين: "كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن، وضرب الحسين"،[92] وبعث برسالة إلى الاشتر النخعي لما ولاه على مصر يحذره مخالفة "سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة... فيكون الأجر لمن سنها، والوزر عليك بما نقضت منها".[93] وهكذا رأى المحتجون من أهل السنة بهذه الأدلة أن الإمامة لا تثبت بالنص والوصية، وأن الإمام عليا لم يتول الخلافة –يوم تولاها- بموجب نص خفي أو جلي، بل بموجب البيعة الشرعية من المسلمين[94] إن شجاعة علي – كرم الله وجهه- قد ذاع صيتها واستفاض خبرها،كان في حياته كلها رجلا مبدئيا لا يساوم على مبادئه،ولو قطع رأسه ،أو شق إلى نصفين،لا يجامل ولا يتملق،أفيجوز له شرعا وطبعا وعقلا مع وجود نص جلي مزعوم على خلافته وإمامته أن يتركه ويقدم – بعد أشهر- بيعته على الملأ لأبي بكر- رضي الله عنه- ،لا يجوز،وعلى فرض صحة كل ما ورد بنهج البلاغة من خطب منسوبة إليه،فأقصى ما تفيده الأقوال التي يحتج بها القائلون بالنص هو احتجاج علي على أسلوب تداول السلطة،وعدم مشاورته، وظنه أنه أحق بالحكم من غيره فقال:"احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة"[95] ،ويورد الشيخ المرتضى في "الشافي" الكلام الذي اعتذر به علي – رضي الله عنه- عن تأخره في مبايعة أبي بكر" والله ما نفسنا عليك (يعني أبا بكر) ما ساق الله إليك من فضل وخير، ولكنا كنا نظن أن لنا في هذا الأمر نصيبا استبددت به علينا"[96]ا وجميع مراسلات أهل الكوفة التي كانت تدعو الحسين- عليه رضوان الله- للقدوم لمبايعته لم تأت على ذكر أي نص لا جلي ولا خفي، وهذا نموذج من تلك المراسلات:" للحسين بن علي، من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجيبة، ورفاعة بن شداد البجلي، وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة: سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.. أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها وغصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها واستبقى أشرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبعدا له كما بعدت ثمود. انه ليس علينا إمام، فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق. والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد، ولو بلغنا أنك قد أقبلت الينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام ان شاء الله". فأجابهم قائلا:" من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين.. أما بعد فإن هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم، وكان آخر من قدم علي من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ومقالة جلكم:"أنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى" وإني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فان كتب إلي أنه قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم؛ فإني أقدم إليكم وشيكا إن شاء الله. فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، والقائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام". [97] ومن بعده هل كان الحسن- رضي الله عنه- سيسلم الأمر لمعاوية لو كان ثمة نص على إمامته،ولو كان يعتقد أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة. لقد كان- ولايزال- المتضرر الأكبر من الخلاف حول الإمامة هو إرادة الناس،إذ صودرت حقوقهم في اختيار من يحكمهم،فعرفنا وشهدنا: 1. نصا مقابل نص: نص "شيعي" ،ونص "سني" استُحدث بعد الانقلاب على الخلافة الراشدة وهو كتابة السلاطين بولاية العهد لأبنائهم وأسرهم، ويُدعى الناس بموجب ذلك"النص" إلى بذل طاعة مطلقة للمتغلبين والانقلابيين.ويجمع النصين معا(الشيعي والسني) مصادرة حق الناس وحريتهم في اختيار من يحكمهم 2. توريثا مقابل توريث :توريث"شيعي" وفق قائمة محددة من اثنا عشر إماما،وتوريث " سني" يسفر اليوم عن ظهور"الجمهوريات الوراثية" كنسخة منقحة" للملكيات الوراثية". ولبسط الخلاف حول "الأربعة" أو "الاثناعشر" مكان في المقالة القادمة على ضوء أحاديث"الخلفاء الاثناعشر". **** [1] - انظر محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية، ص: 98، محمد حسين آل كاشف الغطاء، أصل الشيعة، ص: 72. [2] - النوبختي، فرق الشيعة، ص: 109، راجع: الشيخ المفيد، أوائل المقالات، ص: 39. [3] - الكليني، أصول الكافي، 2/ 73، وانظر محمد بن بابويه القمي، من لا يحضره الفقيه، 2/50. [4] - المصدر نفسه، 1/ 377. [5] - المصدر نفسه، 1/ 200، يقول إمام الحرمين: "الإمامة رئاسة عامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين والدنيا، متضمنا حفظ الحوزة، ورعاية الرعية، وإقامة الدعوة بالحجة والسيف، وكف الحنف (الميل) والحيف، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، واستيفاء الحقوق في الممتنعين، وإيفاؤها على المستحقين، "غياث الأمم".، ص: 55. [6] - المصدر نفسه، 1/ 201. [7] - انظر: الكليني، أصول الكافي، 1/ 185 وما بعدها. [8] - الإمام الجويني، الإرشاد، ص: 410. [9] - انظر المصدر نفسه. [10] - انظر: أبو الحسن الأشعري، الإبانة عن أصول الديانة، ص: 18، الباقلاني، الإنصاف، ص: 60، عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص: 349- 350، الإمام الجويني، الإرشاد، ص: 417 وما بعدها أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، 1/ 137. [11] - الشيخ المفيد، أوائل المقالات في المذاهب المختارات، ص:40، وانظر له أيضا: الإفصاح في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، ص: 29 وما بعدها، [12] - انظر: ابن مهطر الحلي، منهاج الكرامة، في: ابن تيمية، منهاج السنة، 4/ 3 وما بعدها. [13] - المائدة: 57. [14] - المائدة: 69. [15] - المائدة: 4. [16] - النور: 36. [17] - الرعد: 8. [18] - الواقعة: 12- 13. [19] - الزمر: 32. [20] - الرعد: 44. [21] - وقد رد ابن تيمية هذا العزو لعدم رواية الإمام أحمد لقول ابن عباس المذكور، لا في المسند ولا في فضائل الإمام علي، انظر: مناهج السنة 4/ 63، وانظر أتباع الشيخ عبد الحسين شرف الدين على ذكر آيات أخرى في (المراجعات)، ص: 110 وما بعدها. [22] - الكليني، أصول الكافي، 1/ 286. [23] - انظر: د.حسن عباس حسن، الصياغة المنطقية، ص: 264، وما بعدها. [24] - المائدة: 57. [25] - النساء: 58. [26] - الأحزاب: 33. [27] - الشورى: 21. [28] - انظر: عبد الله الغريفي، التشيع، ص: 125. [29] - انظر: عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، ص: 229. [30] - انظر: الدكتور حسن عباس حسن، الصياغة المنطقية، ص: 272. [31] - انظر: المصدر نفسه، 281. [32] - النساء: 58. [33] - الكليني، أصول الكافي، 1/ 281. [34] - انظر: د.حسن عباس حسن، الصياغة المنطقية، ص: 196. [35] - الكليني، أصول الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين، 1/ 292. [36] - الكليني، أصول الكافي، 1/ 293. [37] - صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب بن أبي طالب، 5/ 88. [38] - المصدر نفسه، 6/ 366. [39] - ابن أبي شيبة، كتاب الفضائل، فضائل بن أبي طالب، 6/365. [40] - المصدر نفسه، 6/ 366. [41] - المصدر نفسه، 6/ 367. [42] - محمد بن الحسين بن موسى المعروف بالشريف الرضي، ولد سنة 359 ه، قال عنه الخطيب البغدادي: "كان من أهل الفضل والأدب والعلم، وكان شاعرا محسنا" تاريخ بغداد 2/ 246- 247. [43] - لقد ثار خلاف بين العلماء والباحثين -قديما وحديثا- بشأن كل ما نسب في نهج البلاغة إلى الإمام علي: د.مضي الدين عبد الحميد في تقديمه للكتاب يرد على حجج المشككين في نسبة كل الخطب إلى علي، ويؤكد أن الشك ينسحب على جزء يسير فقط (انظر: نهج البلاغة، ص: 5 وما بعدها)، ويقول الإمام صالح المقبلي الزيدي: "ورب تدرب في مقاصد سالكي الصراط المستقيم يشهد بكذب كثير مما في نهج البلاغة "العلم الشامخ"، ص: 364. [44] - نهج البلاغة، 1/ 25. [45] - المصدر نفسه، 1/ 36. [46] - المصدر نفسه، 1/ 112، والمتأمل فيما ورد من أقوال الإمام علي يلاحظ أن انتقاده – على فرض صحة وقوعه، انصب على أسلوب تداول السلطة ولم يتعداه إلى أشخاص الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم. [47] - آل عمران: 43- 44. [48] - تاريخ اليعقوبي، 2/ 171. [49] - الكليني، أصول الكافي، 1/ 169. [50] - ابن مطهر الحلي، منهاج الكرامة، في: ابن تيمية، منهاج السنة 3/ 246. [51] - المصدر نفسه، 3/ 266. [52] - المصدر نفسه، 3/ 270. [53] - المصدر نفسه، 3/ 272. [54] - المصدر نفسه، 3/ 277، راجع: الشيخ المفيد، الإفصاح، ص: 37. [55] - انظر: د.محمود صبحي، نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنا عشرية، ص: 195 بيروت، دار النهضة 1991 م. [56] - الشيخ المفيد، أوائل المقالات، ص: 39، وانظر له، الإفصاح، ص: 28. [57] - انظر: د. حسن عباس حسن، الفكر السياسي الشيعي، ص: 214. [58] - انظر: مرتضى العسكري، معالم المدرستين، ص: 403. [59] - عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، ص: 327، ، وانظر: محمد باقر الصدر، بحث حول الولاية، ص: 74- 75. [60] محمد رضا المظفر، السقيفة ص84-85 نهج البلاغة 1/120-121 [61] [62] - انظر: الشيخ المفيد، الإفصاح، ص: 46؟، نهج البلاغة، 1/ 62. [63] - انظر: رضا المظفر، السقيفة، ص: 84- 85، عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، ص: 327- 328. [64] - د.علي شريعتي، الأمة والإمامة، ص: 198- 199، بيروت، دار الأمير، 1992 م. [65] - المصدر نفسه. [66] - المصدر نفسه. [67] - انظر صحيح مسلم بشرح النووي، 12/ 205- 206. [68] - ابن تيمية، منهاج السنة، 1/ 134. [69] - ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، 4/ 107. [70] - الإمام الجويني، غياث الأمم، ص: 60. [71] - المصدر نفسه، ص: 64. [72] - المصدر نفسه، ص: 68. [73] - انظر: عبد الله الغريفي، التشيع، ص: 181 وما بعدها. [74] - لقد أدرج أصحاب الحديث تلك الأحاديث تحت عنوان الفضائل والمناقب: فعند البخاري "باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي"، وعند مسلم: "باب فضائل علي بن أبي طالب "صحيح مسلم بشرح النووي، 15/ 174، وعند أبي بكر بن أبي شيبة: "باب فضائل علي بن أبي طالب "المصنف 6/ 365. [75] - فعلى إثر الحوار الذي جرى بين الشيخ عبد الحسين شرف الدين والشيخ عبد المجيد سليم (ت 1954 م) حول الإمامة، ساق الأول جملة من الأحاديث تؤيدقوله بورود النص على علي، فرد عليه الشيخ سليم بالقول: "هذه النصوص ليست من النصوص الجلية في ذلك، وإنما من خصائص الإمام وفضائله (...) وقد لا تخلو من ترشيحه للإمامة، لكن ترشيحه لها غير العهد بها إليه كما تعلمون والسلام..." عبد الحسين شرف الدين الدين، المراجعات (المراجعة 49)، ص: 249. [76] - انظر: د.محمود صبحي، نظرية الإمامة، ص: 271. [77] - انظر: عبد الله الغريفي، التشيع، ص: 187. [78] - د.محمود صبحي، نظرية الإمامة، ص: 223. [79] - سنن النسائي، كتاب الوصايا، 6/ 240. [80] - المصدر نفسه. [81] - المصدر نفسه، 6/ 241. [82] - المصدر نفسه. [83] - مسند الإمام أحمد 1/ 172- 173. [84] - المصدر نفسه، 1/ 243. [85] - ابن الأثير، الكامل في التاريخ، 2/ 220. [86] - ابن الأثير، تاريخ الخلفاء: ص: 165- 166، وانظر: طبقات ابن سعد، 5/ 249- 250، تح: محمد عبد القادر عطاء، بيروت، دار الكتب العلمية، ط.1. 1990 م. [87] - نهج البلاغة، 1/ 182تح: محي الدين عبد الحميد، مصر، مطبعة الاستقامة. [88] - المصدر نفسه، 2/ 210، راجع: السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص: 64- 65. [89] - المصدر نفسه، 2/8. [90] - انظر: د.موسى الموسوي، الشيعة والتصحيح، ص: 30. [91] - نهج البلاغة: 2/ 249. [92] - السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص: 150. [93] - نهج البلاغة، 3/ 99. [94] - انظر: د.محمود صبحي، في علم الكلام: دراسة فلسفية لآراء الفرق الإسلامية في أصول الدين (3) الزيدية، 3/ 461. [95] نهج البلاغة ص 98 [96] المرتضى ،الشافي 3/242 [97] - المفيد، الإرشاد، ص 204