يُصر النظام الجزائري على مُراكمة الفضائح السياسية والأخلاقية، كلما أمعَن في مساعيه التصعيدية ومخططاته العدائية ضد مصالح المغرب ووحدته الترابية. لكن الفضيحة الأخيرة التي تَورَّط فيها نظام العسكر الجزائري بإعلانه افتتاح مقر "للحزب الريفي الوهمي"، في شارع الشيخ البشير الإبراهيمي بمنطقة الأبيار بالعاصمة الجزائر، في البناية المخصصة لمؤسسة بن صغير لعيد التي تأوي الأيتام والأطفال المتخلى عنهم، هي فضيحة غير مَسبوقة وتَكشف المستوى المتقدم الذي بلغته رُعونة الطغمة العسكرية بالجارة الشرقية. كما تَفضح كذلك زاوية النظر الازدرائية التي تتعامل بها الجزائر مع قضايا الريف المغربي. ورطة.. اختيار المقر! حرص النظام الجزائري على توفير مقر لاحتضان ما يُسمى "الحزب الريفي الوطني" داخل الجزائر العاصمة، في مبادرة أحادية تكشف تخبُّط الجزائر وسعيها إلى مناكفة المغرب في وحدته الترابية. لكن توفير هذا المقر لم يَكن بالسهولة المتصوَّرة؛ لأن الأمر لا يَقتصر فقط على تخصيص بناية عادية تتضمَّن مَرافق مكتبية في فضاء عام، وإنما وَجد النظام الجزائري نفسه مُطالبا بالبحث عن مُنشأة في حي إداري ووظيفي يأوي العديد من البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأجنبية! فالنظام الجزائري يُريد أن يُقدم مقر "الحزب الريفي الوهمي" على أنه بناية مخصصة لبعثة أجنبية! لتجسيد أطماع الانفصال وتنزيل مخططات العَداء للوحدة الترابية المغربية. لذلك، كان هذا النظام مُطالبا بالبحث عن مقر أو بناية يُوجدان ضِمن الأحياء الوظيفية التي تأوي البعثات الدبلوماسية والتمثيليات القنصلية الأجنبية. ومن هذه الزاوية الموغلة في العداء للمغرب، وقع اختيار المخابرات الجزائرية على حي الأبيار في وسط العاصمة، وتحديدا شارع الشيخ البشير الإبراهيمي، الذي يَضم العديد من البعثات الدبلوماسية الأجنبية، خصوصا سفارات هولندا وإيطاليا والولايات المتحدةالأمريكية وليبيا وجمهورية مصر العربية وغيرها. فالجزائر أرادت أن تَصنع من حزب "يوبا الغديوي" دولة وهمية بجرة قلم، مُحدثة بذلك تغييرات جوهرية في مقومات الدول كما هي مُحددة في القانون الدولي! فالجزائر تَتوهم بأنها بمجرد تَوفير "المقرات الوهمية والمخيمات النائية" بمقدورها اختلاق دول جديدة، مُستعيضة في ذلك عن مُرتكزات الأرض والسيادة والشعب التي تَقتضيها القوانين الدولية وهيئة الأممالمتحدة. لكن هذا المخطط الجزائري البئيس سيصطدم بإكراهات واقعية، تَمثلت في صعوبة إيجاد مقر أو بناية مُستقلة في حي الأبيار الذي يَحتضِن أغلب السفارات الأجنبية المعتمدة بالجزائر؛ وهو ما جعل المخابرات الجزائرية تَسقط في "مفارقة الاختيار" بين إفراغ "مؤسسة الأطفال المسعفين بن صغير لعيد" المخصصة للأطفال اليتامى والمتخلى عنهم أو مصادرة مؤسسة محمد بوضياف للأعمال الثقافية. مقر للأيتام.. لاحتضان أيتام الانفصال من سوء حظ الجزائر، ومن ترتيبات القَدر كذلك، أن النظام العسكري اختار أن يُخصص مَرافق من مؤسسة الأيتام والأطفال المتخلى عنهم "بن صغير لعيد" لاحتضان أيتام الانفصال المنضوين في الحزب الوهمي للمدعو "يوبا الغديوي". وكأن الجزائر حاولت أن تَهمس في آذان الانفصاليين بعبارة صريحة مفادها "أنكم مُجرد أيتام أو لُقطاء سوف نحتضنهم في بناية كانت أصلا مخصصة للأيتام الصغار"! لكن كيف انكشفت فضيحة تخصيص الجزائر بناية لإيواء الأيتام والأطفال المتخلى عنهم لاحتضان أيتام الانفصال المحسوب زَعما على أبناء الريف؟ ففي جولته في مرافق البناية التي وضعتها المخابرات الجزائرية رهن إشارته، قام بويا الغديوي بنشر شَريط فيديو يشرح فيه مُشتملات البناية، وكان يُشير بأصابعه إلى المقرات الدبلوماسية المحيطة بالمقر، وفي طَليعتها بناية كبيرة تَحتضن سفارة هولندابالجزائر. وبالبحث عن هذا المقر الجديد في محرك البحث على "غوغل"، والذي يُقابل السفارة الهولندية، تَنكشف الفضيحة التي تَوَّرط فيها النظام الجزائري، والمتمثلة في طَرد أيتامه الصغار من مأواهم لاحتضان "أيتام كبار محسوبين على الريف المغربي". وتَتعزز هذه النتيجة بالعديد من المُطابقات العُمرانية بين الصور التي نَشرها يوبا الغديوي، بكثير من السذاجة، لمقره الجديد وبين صور وفيديوهات مقر مؤسسة بن صغير لعيد التي كانت تأوي الأطفال المهملين والمتخلى عنهم والمسعفين. لقد أخطأت الجزائر عندما انساقت وراء حقدها الأعمى على المغرب، لتَسقُط بذلك في متاهات تَرسيخ عزلتها السياسية والدبلوماسية، وفي براثن الفضائح الأخلاقية، بإهمالها لأطفالها الصغار واليتامى المتخلى عنهم لحساب نزوعات الانفصال التي يَتورط فيها أيتام كبار محسوبين زعما على الريف المغربي.