يتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة والمعارك بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، الأحد، في وقت يواصل المجتمع الدولي تعبئته لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين المحاصرين والمهدّدين بالمجاعة على أعتاب رمضان في القطاع المحاصر. وفي اليوم السادس والخمسين بعد المئة للحرب وفيما تراجعت تماما آمال التوصل إلى هدنة بحلول شهر رمضان، ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية الى 31045، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس. في مدينة رفح الجنوبية، قال مؤمن أحمد لوكالة فرانس برس: "توقّعنا أن يأتي أول يوم رمضان ونعود إلى منازلنا وأن تكون الحرب قد انتهت. لكن ماذا نفعل؟ كما ترون... القصف مستمرّ منذ الصباح!"، مضيفا أن إحدى الغارات استهدفت سيارة وأوقعت ضحايا. وقال مصدر مقرّب من المفاوضات التي تشارك فيها الولاياتالمتحدة ومصر وقطر كجهات وسيطة، "كان من الأفضل لو تمّ التوصل الى اتفاق" قبل بدء رمضان، لكن "سيتمّ تسريع الجهود الدبلوماسية في الأيام العشرة المقبلة" بهدف محاولة التوصل إلى اتفاق خلال النصف الأول من رمضان المتوقع حلوله الاثنين أو الثلاثاء. وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن أكثر من 60 غارة إسرائيلية أوقعت ليلاً 85 قتيلا واستهدفت مختلف أنحاء القطاع في الشمال والوسط والجنوب. كما استمر القصف المدفعي على شرق رفح وخان يونس (جنوب) وشمال قطاع غزة. وتعهّدت إسرائيل ب"القضاء" على حماس بعد هجوم الحركة الإسلامية الفلسطينية غير المسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر الذي أوقع أكثر من 1160 قتيلا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية. وفيما يخيّم شبح المجاعة الوشيكة على القطاع، وفق الأممالمتحدة ومقاطع فيديو وروايات يومية قادمة من القطاع الفلسطيني المدمّر، أحصى المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس، أشرف القدرة، 25 شخصا توفوا حتى الآن "غالبيتهم أطفال، نتيجة سوء التغذية والجفاف والمجاعة". "لا شيء غير الماء" في مدينة غزة، قالت براق أبهر وهي تحمل طفلتها الباكية بين ذراعيها: "وصلت إلى حدّ أنني أرضع طفلتي الماء حتى لا تفقد حياتها. أنا مضطرة. ابنتي لا تشبع. لا توجد تغذية لا للأم ولا للطفل، ولا يوجد حليب. وإن توافر، فهو غال ويصعب الحصول عليه". وفيما يجري العمل على تسيير خط بحري للمساعدات من قبرص إلى غزة، قالت هيئة المعابر التابعة لحماس إنه تمّ إدخال 140 شاحنة، تسع منها عبر معبر رفح التجاري مع مصر، و131 أخرى عبر معبر كرم أبو سالم التجاري مع إسرائيل، الى القطاع خلال الساعات الماضية. وتواصل دول غربية وعربية عدة إسقاط طرود غذائية ومساعدات طبية على قطاع غزة بالمظلات. لكنّ الأممالمتحدة ترى أنّ عمليّات إلقاء المساعدات جوًّا وإرسال المساعدات عن طريق البحر، لا يمكن أن تحلّ محلّ الطريق البرّي. وتبقى كميات المساعدات شحيحة وبعيدة عن تلبية الحدّ الأدنى من الاحتياجات. وتحذّر الأممالمتحدة من أن 2,2 مليون شخص من سكّان القطاع، البالغ عددهم 2,4 مليون، مهدّدون بالمجاعة. وقد نزح 1,7 مليون من السكان بسبب الحرب، ويتكدّس 1,5 مليون منهم في مدينة رفح في أقصى الجنوب قرب الحدود المغلقة مع مصر. وفي إطار الممرّ البحري الإنساني الذي يعمل على تجهيزه الاتحاد الأوروبي بمساندة بعض الدول العربية، تستعدّ أوّل سفينة محمّلة بالمساعدات للانطلاق من قبرص في اتجاه قطاع غزة. وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، عن أملها في مغادرة السفينة اليوم الأحد. وأوضحت لورا لانوزا، المتحدثة باسم منظمة "أوبن آرمز" (الأذرع المفتوحة) الإسبانية غير الحكومية المشاركة في المشروع، أن السلطات الإسرائيلية فتّشت الشحنة يوم السبت. وقالت إن المنظمة الشريكة لها "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي) "لديها أشخاص في غزة" وتقوم "ببناء رصيف موقت" لتتمكّن من تفريغ البضائع لدى وصول الباخرة. ولكن تسليم المساعدات وإيصالها إلى من هم بأمس الحاجة إليها يبقى تحدياً هائلاً في ظل المعارك والقصف الإسرائيلي المستمر في القطاع. "يضرّ أكثر مما ينفع" وانطلقت الليلة الماضية من الولاياتالمتحدة سفينة محمّلة بدعم لوجستي والمعدات اللازمة لبناء رصيف عائم قبالة قطاع غزة أعلن عنه الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام، ويفترض أن يستخدم في وقت لاحق لتفريغ المساعدات المتجهة إلى غزة. وسيستغرق بناؤه قرابة ستين يوما. في هذا الوقت، تزداد نقاط التباين بين إسرائيل وحليفتها الأولى الولاياتالمتحدة حول الحرب، لا سيما بسبب العدد الهائل للقتلى المدنيين في غزة. وقال بايدن، السبت، إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو "يضرّ إسرائيل أكثر مما ينفعها... وعليه أن يولي المزيد من الاهتمام لأرواح الأبرياء". كما يتعرّض نتانياهو لانتقادات في الداخل حيث يطالب قسم من الرأي العام بالتوصّل إلى اتفاق هدنة يسمح بإطلاق سراح الرهائن، بينما تتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بعرقلة الاتفاق. ومساء السبت، تظاهر الآلاف في تل أبيب للمطالبة برحيل الحكومة هاتفين "انتخابات الآن!"، و"عار على الحكومة". وفي تداعيات الحرب في قطاع غزة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية حيث يتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف وإطلاق النار منذ بدء الحرب، أعلن حزب الله إطلاق عشرات الصواريخ على بلدة ميرون في شمال إسرائيل، الأحد، غداة مقتل خمسة أشخاص، بينهم ثلاثة من عناصره، في قصف إسرائيلي على جنوبلبنان. وتضمّ ميرون قاعدة عسكرية لمراقبة الحركة الجوية كان الحزب أعلن استهدافها مرّات عدة منذ بداية العام. وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إنّ سلاح الجو الإسرائيلي استهدف خلال الليل "بنى تحتية" تابعة لحزب الله. ومنذ بداية الحرب، قُتل 312 شخصاً على الأقل، معظمهم من مقاتلي حزب الله، إضافة إلى 56 مدنياً في لبنان، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية. وقضى في الجانب الإسرائيلي عشرة جنود وسبعة مدنيين، بحسب الأرقام الرسمية.