حمّل التنسيق النقابي الرباعي بقطاع الجماعات الترابية وزارةَ الداخلية مسؤولية توقف الحوار الاجتماعي في القطاع، واصفا الوضع العام للموظفين والعمال ب"المؤسف" و"المزري"، مطالبا بإقرار زيادة عامة في أجورهم بقيمة 2000 درهم شهريا. التنسيق النقابي الرباعي المذكور، المكون من النقابات القطاعية بكل من الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل، أخلى مسؤوليته في توقف الحوار، مشيرا إلى أنه قام بمبادرات لاستئنافه، عبر مراسلة وزارة الداخلية في الموضوع، وتوقيف الإضراب عن العمل لمدة 21 يوما، بعد التصريحات التي أدلى بها الوزير الوصي في البرلمان، والتي رَهن فيها استئناف الحوار مع النقابات بوقف إضراب الموظفين عن العمل. وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قد أكد في مجلس المستشارين، نهاية يناير الماضي، أن الوزارة لن تستأنف الحوار مع النقابات الممثلة لموظفي وعمال الجماعات الترابية "تحت الضغط"، رابطا الجلوس إلى طاولة الحوار بوقف الإضرابات. في المقابل، يرفض التنسيق النقابي الرباعي في قطاع الجماعات الترابية تحميله مسؤولية توقف الحوار، مشيرا في ندوة صحافية احتضنها مقر الاتحاد المغربي للشغل بمدينة الرباط، صباح اليوم الثلاثاء، إلى أن الإضرابات التي يخوضها الموظفون والعمال "هي رد فعل على رفض الوزارة الوصية للحوار دون الالتفات لمعاناة الشغيلة"، وأن عدم ردّ الوزير على المراسلات التي وجهها إليه، يعكس "أنه لا يريد التفاوض بشكل مطلق". وحمّل التنسيق النقابي ذاته مسؤولية غياب الحوار بين الطرفين، منذ شهر مارس 2023، إلى وزارة الداخلية، ورئاسة الحكومة، معتبرا أن النقابات المكوّنة له "عبرت في أكثر من مناسبة عن استعدادها للانخراط في حوار مسؤول لإيجاد الحلول لكل الملفات العالقة، وتجاوز المشهد غير المستساغ، وضمان استقرار القطاع". وانتقدت الهيئات ذاتها "عدم احترام وزارة الداخلية لأدبيات الحوار" في قطاع الجماعات الترابية، وذلك بسبب عدم إشراف الوزير الوصي بشكل شخصي على الحوار، بخلاف باقي القطاعات الحكومية الأخرى، وتفويضه إلى المدير العام للجماعات الترابية، "الذي له صلاحيات محدودة، ما يجعل الحوار معطلا". ووصفت النقابات وضع موظفي وعمال الجماعات الترابية ب"المزري"، وبأنهم أصبحوا منتمين إلى الطبقة الفقيرة بسبب ضعف أجورهم مقابل ارتفاع تكلفة العيش، معتبرة أن أغلبهم "يوجد في الدرك الأسفل من حيث الأجور وشروط العمل غير اللائقة في بعض الجماعات، بل واحتقارهم واعتبارهم في درجة أدنى مقارنة مع موظفي باقي القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية". واستعرض ممثلو الهيئات النقابية ذاتها جملة من المشاكل التي يتخبط فيها موظفو وعمال الجماعات الترابية، منها توقف صرف تعويضات الترقيات وتراكم المستحقات بسبب العجز المالي الذي تعاني منه عدد من الجماعات، معتبرين أن "ما يزيد من معاناة الموظفين أن الجماعات الترابية تسيَّر من طرف مجالس منتخبة تفرز بعض الرؤساء الذين لا علاقة لهم بتسيير الشأن العام، ومنهم من يستعمل جميع الوسائل والأدوات لمحاربة العمل النقابي واعتبار النقابيين أعداء، ومحاصرتهم، وهناك من الرؤساء من ينتقم من الموظفين عبر الامتحانات المهنية". وسجّل عدد موظفي الجماعات الترابية انخفاضا كبيرا خلال السنوات العشر الأخيرة، متراجعا من 144 ألفا إلى أقل من 90 ألفا، "دون تعويض الخصاص المهول في عدد الموظفين"، بحسب النقابات، مشيرة إلى أن الجماعات الترابية تستعين بالأجراء العرضيين، الذين لا تتعدى أجورهم، في الحد الأقصى، 1700 درهم. ويتضمن الملف المطلبي لموظفي وعمال الجماعات الترابية جملة من النقط، من بينها الزيادة العامة في الأجور، حيث طالب التنسيق النقابي بزيادة "لا تقل عن 2000 درهم شهريا". ويطالب التنسيق النقابي الرباعي ب"وقف التضييق على الحريات النقابية وإرجاع الموقوفين، ومنْح وصولات الإيداع، والحق في الإضراب". كما يطالب بإدماج حاملي الشهادات في السلالم الملائمة أسوة بباقي القطاعات الوزارية "في إطار احترام مبدأ المساواة"، وحل ملف خريجي مراكز التكوين بأثر رجعي ومالي. وفي الوقت الذي أكد فيه أنه "مستعد للحوار"، أعلن التنسيق النقابي الرباعي بقطاع الجماعات الترابية عن تسطير برنامج احتجاجي جديد، حيث دعا إلى إضراب وطني لمدة 72 ساعة، أيام 12 و13 و14 مارس الجاري، وإضراب آخر أيام 26 و27 و28 من الشهر نفسه، كما أعلن عن خوض إضراب ثالث أيام 2 و3 و4 أبريل المقبل، مع تنظيم مسيرة شعبية ممركزة في مدينة الرباط يوم 26 أبريل.