أجلت هيئة الجنحي التلبسي بالمحكمة الابتدائية لتزنيت، للمرة الثالثة على التوالي، ملف انهيار عمارة في طور البناء بمدينة تزنيت شهر نونبر الماضي في حادث مميت خلف قتلى وجرحى. وحددت الهيئة ذاتها الإثنين 12 فبراير موعدا للجلسة القادمة من أجل إعداد الدفاع واستدعاء باقي الضحايا، على أن يكون هذا القرار الأخير من نوعه من حيث التأخير إذا تعلق الأمر بالأسباب سالفة الذكر، وفق ما أورده رئيس الجلسة. كما قضت محكمة تزنيت برفض السراح المؤقت الذي تقدمت به هيئة دفاع الأظناء الأربعة عبر ملتمسات استمرت أزيد من ساعة، وبسطت فيها توفر المتابعين في الملف على كافة الضمانات في حالة تمتيعهم بالسراح، وهي الطلبات التي أجاب عنها ممثل النيابة العامة بالرفض، نظرا لما أسماها "خطورة الأفعال وانعدام الضمانات"، مشيرا إلى أن الكفالة المالية لا يمكن اعتمادها كضمانة للسراح في صك اتهام كالذي يتابع به المتهمون في الملف. كما عرفت الجلسة التي شهدت حضور جانب مهم من متتبعي القضية، بمن فيهم ممثلو هيئات حقوقية وعائلات الأظناء، ودفاعهم، غياب صاحب العمارة المنهارة من جديد رغم استدعائه من طرف المحكمة، إذ اختار المستثمر المذكور الذي نصب نفسه مطالبا بالحق المدني انتداب أحد ممثلي شركته للحضور بدلا منه، وهي الخطوة التي احتجت عليها هيئة الدفاع التي أكدت على ضرورة حضوره شخصيا، نظرا لصلته المباشرة بالملف. وبخصوص مسؤولية صاحب المشروع أورد محامي أحد المتابعين في الملف، خلال مرافعة ملتمس السراح المؤقت، أن العمارة المنهارة ظلت بدون رخصة طيلة عشرة أشهر، وهي الفترة التي تم استغلالها لرفع وتيرة البناء بطريقة شبهها المتحدث ب"السرعة الصينية"، معتبرا هذا الخرق من بين الأسباب المباشرة وراء حادث الانهيار. ويتابع في الملف المذكور أربعة أشخاص في حالة اعتقال بالسجن المحلي بوصنصار، من بينهم المهندس المعماري، والمهندس صاحب مكتب الدراسات المكلف بتتبع المشروع، والمهندس صاحب مكتب المراقبة، والمقاول صاحب الشركة المكلفة بالبناء. وقررت النيابة العامة متابعة المتهمين بتهم القتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز تزيد مدته عن ستة أيام، والبناء بدون رخصة وعدم احترام الوثائق المكتوبة والمرسومة موضوع الرخص المسلمة في شأنها، وإنجاز بناء بدون احترام المقتضيات والوثائق المكتوبة والمرسومة، والمشاركة في ذلك، وعدم مسك دفتر الورش. وحول الأسباب الواقفة وراء انهيار العمارة التي كانت في طور البناء قالت مصادر مطلعة لجريدة هسبريس إن الخبرة التي تم إجراؤها من طرف مكاتب مختصة بأمر من النيابة العامة وقفت على عدة خروقات في عملية البناء، وعلى رأسها عدم مطابقة التصاميم المرخص بها للبناية التي تم تشييدها على أرض الواقع في الجانب المتعلق بالأبعاد والمقاسات، واستخدام مواد بناء ضعيفة الجودة، والأمر نفسه لحديد التسليح؛ فضلا عن النقص الحاصل على مستوى معدلات الجرعات النموذجية للخلطة. وأضافت المصادر ذاتها أن تقرير الخبرة وقف أيضا على وجود تباعد بين النواة المركزية وشبكة الأعمدة والجسور، مع نقص في قياسات بعض الأعمدة وعدم تطابق عملية البناء وتصميم الخرسانة؛ فضلا عن غياب دفتر الورش الذي اعتبرته مصادر الجريدة خرقا واضحا، وكان موضوع بحث من طرف قاضي التحقيق حول ظروف اختفائه باعتباره من الوثائق المهمة طيلة مدة إنجاز المشروع في الجانب المتعلق بالمراقبة والتتبع. وتحيط بالملف وفق المعطيات التي حصلت عليها جريدة هسبريس مجموعة من التساؤلات التي من شأنها أن تكشف عن تطورات جديدة، خصوصا في الجانب المتعلق باحترام رخص البناء الممنوحة وظروف حفر بئر بدون رخصة أمام أنظار السلطة المحلية، على اعتبار أن الورش يتواجد وسط المدينة، ومن الصعب عدم الوقوف على خرق قانوني كهذا... وغيرها من الأمور التي قد تجر متورطين جددا نحو المتابعة.