العقول النابهة تهجر أمريكا بعد الركود "" هناك نقاش جار الآن داخل أوساط النخب الأمريكية حول أفول الحلم الأمريكي والاتجاه نحو الهجرة العكسية لدى المغتربين، على اعتبار أن أمريكا لم تعد بمقدورها اجتذاب المواهب الكبيرة في العالم ولم يعد ذلك الحلم الأمريكي بقادر على استجلاب الكفاءات إلى بلاد العم سام . لقد اعتبر البعض أن نزوح وتدفق هذه المواهب خارج قلاع الرفاهية الأمريكية، هو تهديد مباشر للتنافسية الأمريكية . في بحث أشرف عليه أحد كبار الشركاء الباحثين في "برنامج العمالة والحياة العملية" لدى كلية الحقوق في جامعة هارفرد تحت عنوان: "خسارة أمريكا مكسب للعالم" تحدث البروفيسور فيفك وادهوا عن الموجة العارمة لنزوح المغتربين ذوي الكفاءات والمهارات العالية، خارج أمريكا وجد أن المهاجرين المهرة ،غادروا ولازالوا يغادرون، تباعا،إلى أوطانهم بأعداد أكبر وحافزهم لذلك هو فرص عملية أفضل والحاجة إلى أن يكونوا قريبين من الأسرة والأصدقاء. وما هو مزعج حقا ويقلق الأوساط الأمريكية كما يقول توماس ماكلاناهان، عضو هيئة تحرير صحيفة "كانساس سيتي ستار"الأمريكية، أن حوالي ثلث العائدين إلى أوطانهم كانت لديهم إقامة دائمة أوكانوا متجنسين بالجنسية الأمريكية، وهذا في حد ذاته رقم صادم معناه أن أمريكا لم تعد ذلك الفردوس المنشود ووفقا للدراسة التي أعدها العالم وادهوا، فإن هؤلاء العائدون هم على قمة هرم التوزيع التعليمي بالنسبة للجماعات ذات التعليم العالي المهاجرة وبالتحديد ، ذلك النوع من الناس الذين يقدمون الإسهام الأكبر للاقتصاد الأمريكي والمشاريع والشركات الأمريكية والنمو الوظيفي الأمريكي . في مقال تحت عنوان: "وصفة مثالية لمعالجة محنة الاقتصاد الأمريكي" تحدث الكاتب والصحافي الذائع الصيت توماس فريدمان؛عن فكرة أقرب إلى الدعابة كان قد ناقشها مع أحد أصدقائه الهنود، مفادها منح مليوني تأشيرة دخول إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى الهنود والصينيين والكوريين على اعتبار أن هؤلاء الأجناس يتفانون في العمل أكثر من غيرهم إضافة إلى امتلاكهم مواهب ذهنية خارقة. ولأن التاريخ يعيد نفسه، فقد بات الاقتصاد الأمريكي المنهك في حاجة ماسة إلى إعادة بلورة فكرة"التدمير المبدع" لتغيير اتجاه رؤوس الأموال غير المثمرة نحو الشركات والأفكار الأكثر جدوى إضافة إلى استقطاب أكثر المغتربين تنوعا وذكاء وحيوية من أقطار العالم كافة ومزجها في إطار اقتصاد مجتمع مرن ومنفتح إلى أبعد الحدود وهو ماعرف تاريخيا عن بلاد العم سام بأنها بوتقة الانصهار. إنها ببساطة إعادة تحقيق المعادلة أو الوصفة التي جعلت أمريكا تحصد لقب أغنى وأقوى دولة في العالم.اتكأ توماس فريدمان على الدراسة المشار إليها آنفا والتي أنجزها العالم وادهوا لدق ناقوس الخطر على اعتبار أن هِؤلاء المغتربين العائدين إلى بلدانهم سيشكلون منافسا شرسا للاقتصاد الأمريكي المنهك أصلا بفعل صدمات الأزمة الحالية التي أطاحت بأعتى الشركات الأمريكية في مايشبه انقلاب السحر على الساحر وذكر فريدمان في مقاله أن الدراسة بينت أن أكثر من نصف الشركات الحديثة التأسيس في سيليكون فالي، أنشئت خلال العقد الأخير على يد مغتربين . وقد وظفت شركات التكنولوجيا هذه 450ألف فرد وارتفعت مبيعاتها إلى 52 مليار دولار امريكي وسيليكون فالي هذه هي مجموعة شركات أمريكية الأصل متخصصة في تكنولوجيا المعلوميات وبرامج الكمبيوتر والخدمات المتعلقة بتكنولوجيا المعلوميات والأعمال الإلكترونية ولكون الهند تملك عمالة ماهرة ورخيصة في هذا المجال، فقد تحولت مدينة بانغالور الهندية إل مركز عالمي جاذب لهذا القطاع وباتت منافسا قويا للشركة الأم الموجود مقرها في سان فرنسيسكو بولاية كاليفورنيا التي تعتبر جوهرة الاقتصاد الأمريكي والأكثر من هذا فقد أقامت شركة مايكروسوفت العملاق المعلومياتي واحدا من أكبر أبحاثها الأساسية العالمية في بانغالور؛ أما المركزان الآخران فهما في الصين وفي مكاتب مايكروسوفت بالولاياتالمتحدةالأمريكية. الصينيون ومعهم الهنود طبقوا الحكمة الصينية القائلة: "لاتعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطادها". وهاهم الآن تعلموا الصيد في أعالي التكنولوجيا المتطورة. [email protected]