" .. الهاجس الانتخابي الذي يحكم اشتغال المؤسسة الحزبية بالمغرب يعد من مآزق الإفلاس المسؤولة عن تمييع الفعل السياسي وإفراغه من محتواه ، فهذا الهاجس هو الذي يجعل الأحزاب تغط في سباتها العميق ،لتستيقظ متأخرة قبيل الاستحقاقات الانتخابية .."عبد الرحيم العطري "" في المقاهي ،في البيوت ، في الإدارات ،كما في المقرات الحزبية ، لا حديث لدى النخبة السياسية في سيدي البرنوصي وسيدي مومن،إلا عن السياسة وفي السياسة ، وعن الاستعدادات للانتخابات الجماعية المقبلة ، والتي لم يبق لها إلا أيام معدودات ،وعلى رؤوس الأصابع . ولأنها أيام قليلة ، كانت حرارة التحركات " المشبوهة " يصل مداها ، إلا أي شيء وكل شيء ، فهي لا ترحم الأخضر واليابس ، بحيث أصبحت وجوه عديدة ،نكرة ومعروفة ، تتحدث بمناسبة وغيرها ، تحضر إلى كل الأيام والأسابيع الثقافية ، تتسابق لتقديم المساعدات وكل الخدمات الإنسانية ، تحت العديد من المبررات ، فهذه الأيام ،لا تشبه كل الأيام ،فكل حزب يستعد ليوم 12 يونيو وبكل الأشكال والطرق ، المشروعة و اللامشروعة ،كل ما يهم هو حصد المزيد من الأصوات ،ليوم يعز فيه الحزب أو يهان . ولأننا أصبحنا ،نعيش العد العكسي ،للانتخابات المقبلة ، فقد أصبح " الربيع " مرتبطا ، في عرف لدى الكثير من المنتخبين ، بالثقافة والفن ، وكل أشكال التعبيرية ،التي من شأنها أن تلم " شلة " من الانتهازيين والوصوليين وبائعي الضمير . في سيدي مومن كما في سيدي البرنوصي ، أصبحت الأيام الثقافية والفنية والحملات الطبية تتناسل ،بشكل غريب وعجيب ،فهي المطية التي تستغلها بعض الوجوه المحسوبة على التيارات السياسية التي تظهر أثناء الحملات الانتخابية لتختفي عن الوجود ،كأنها لم تكن بالأمس القريب تمطر الناس كل الناس ، بالوعود تلو الوعود ، فيما الواقع يشهد بأن كل تحركاتهم محسوبة لغاية ما لهدف ما ، وما كل تلك " الأقنعة " إلا ستار تخفي به حقيقتها الاستغلالية والانتهازية وضحكها على الذقون . فالمجالس المنتخبة التي تعاقبت على مجلسي سيدي مومن وسيدي البرنوصي ، تكشف بالملموس ، ضعف الآداء ومحدوديته ، فيما تبقى العديد من المطالب حبيسة الرفوف يطالها النسيان والإهمال . ليس لضعف في الميزانيات المرصودة للمشاريع و الأوراش ،لكن لأن العديد من أوجه الصرف تعرف طريقها إلى تنظيم العديد من الموائد المستديرة والمهرجانات ،لتلميع صورة طالها شيء من الضبابية ،وتحوم حولها العديد من الأسئلة النارية التي تتغيا البحث عن الحقيقية ولاشيء غير الحقيقة . المجالس الجماعية المنتخبة ، تحتاج إلى ضخ دماء جديدة في مشهد الشأن المحلي وليس إلا وجوه لا تحسن إلا التصفيق على كل مبادرة والإجماع على كل شيء وأي شيء . المجالس المحلية ليس مجالا للاغتناء الشخصي وفضاء لقضاء المأرب الشخصية ضدا على مصالح المواطنين ، ففي كل المحطات الانتخابية الجماعية بالمنطقة ، تتوالد وجوه لا علاقة لها بالشأن المحلي ، ولا تحمل هما للمواطن الذي وجد نفسه بين مطرقة ضيق ذات اليد وسندان ارتفاع الأسعار ، بشكل صاروخي . فلساكنة سيدي البرنوصي كما سيدي مومن أحلام مؤجلة ،لحين أن تتدارك المجالس المنتخبة طريقها إلى جس نبض الشارع والإنصات إلى المواطن البسيط وليس إلى استغلاله أبشع استغلال وبكل الأشكال في كل محطة انتخابية يأمل بأن تكون هي الأحسن من سابقتها . فهل سيستفيق ساكنة سيدي مومن كما البرنوصي ، يوم 12 يونيو ،على مجالس تمثلهم هم وليس مجالس لا تمثل إلا أصحابها و " شلة " تضيق وتتسع ،بحجم مصالحها الشخصية ؟ا