أعادت تصريحات وزير الصحة، الحسين الوردي، أخيرا لإحدى الإذاعات الخاصة، والتي تعهد من خلالها بالعمل على إغلاق ضريح بويا عمر، موضوع هذا الضريح المثير للجدل إلى الواجهة، حيث طالب حقوقيون بضرورة أن "تسارع الدولة إلى منع أنشطته التي تسيء لحقوق الإنسان". وكان الوردي قد أكد في حديث لإذاعة أصوات بأنه أخذ قرارا بكونه "سيعمل كل ما في وسعه لإغلاق ضريح بويا عمر"، قبل أن يستدرك بأن "القرار ليس بيده، مادام الضريح لا يتبع للوزارة التي يشرف عليها"، حيث إنه "لو كان القرار بيدي لأغلقت الضريح غدا صباحا" يقول الوردي. "معتقل علني" للمرضى النفسيين وقال عمر أربيب، عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريحات لهسبريس، إن الجمعية ما فتئت تنادي منذ سنوات خلت بضرورة إغلاق ضريح بويا عمر، للعديد من الاعتبارات التي ترتبط خاصة بالمعاملة الإنسانية غير اللائقة التي تسود هناك إزاء المرضى. وأفاد أربيب بأن ضريح بويا عمر، الذي يوجد بمنطقة العطاوية على بعد 30 كلم من مدينة قلعة السراغنة، تُمارس فيه سلوكيات لاإنسانية وحاطة بالكرامة البشرية، خاصة عندما يتم تصفيد المريض النفسي أو العصبي بسلاسل حديدية في يديه ورجليه منعا له من التحرك لأي مكان". ولفت الناشط الحقوقي بمدينة مراكش إلى أن "العديد من الأسر تؤدي أحيانا مبالغ مالية من أجل "التخلص" من أبنائها ومرضاها، حيث يتركونهم في الضريح وسط ظروف لا إنسانية تتسم بالتعذيب النفسي والجسدي معا" وفق أربيب. ووصف المتحدث ضريح بويا عمر بأنه "معتقل علني" للمرضى النفسيين بالمغرب، مشددا على ضرورة أن "تتحمل الدولة مسؤوليتها في التعاطي بشكل جدي مع المرضى النفسيين والعقليين، خاصة أنها رفعت يدها عن الضريح لتتحكم فيه زمرة من المستفيدين من آلام الناس ومآسيهم النفسية". احتجاز تعسفي للمرضى ومن جهته اعتبر الناشط الحقوقي، عبد السلام أديب، أن ضريح بويا عمر يشهد يوميا طقوسا وخروقات تطال حقوق الإنسان بدعوى علاج المرضى النفسيين والمصابين بالأمراض العصبية، مشددا على "ضرورة منعه وإغلاقه باعتباره يشكل مسا خطيرا بحقوق الإنسان في البلاد". وأفاد الناشط الحقوقي، خالد الشرقاوي السموني، بأن المرضى في ضريح بويا عمر يتعرضون أحيانا كثيرة للضرب المبرح بدعوى إخراج الجن القابع في أجساد المرضى، حتى أن منهم من يصاب بعاهة جسدية قد تفضي بع إلى الوفاة جراء التعسفات عليه وإهمال حالته الصحية". ونبه المتحدث إلى أنه "للأسف يحدث كثيرا أن المريض يدخل أحيانا بمرض نفسي بسيط يمكن أن يجد العلاج المناسب بسهولة لدى الأطباء المختصين، لكنه بسبب مكوثه الطويل في هذا الضريح يتعقد المرض ويصبح صعب العلاج". وفي السياق ذاته سبق للرابطة المغربية لحقوق الإنسان أن طالبت بإرسال فريق عمل أممي معني بالاحتجاز التعسفي، لتحرير المرضى النفسيين المحتجزين من الاعتقال داخل ضريح بويا عمر، بعدما أغلقت السلطات المحلية الضريح مؤقتا". وكان مئات السكان قد نظموا منذ شهور خلت مسيرة احتجاجية انطلقت من الجماعة التي يتواجد فيها ضريح بويا عمر في اتجاه ولاية جهة مراكش، قطعوا خلالها خمسين كيلومترا، للتنديد بتحول منطقتهم إلى ما سموه "غوانتنامو" للمرضى النفسيين والعصبيين بالمغرب". وجدير بالذكر أن ضريح بويا عمر يأوي، وفق أرقام شبه رسمية، أكثر من 1080 نزيلا، حوالي 356 منهم من النساء، بينما يتحدث مراقبون وشهود عيان عن كون الضريح يضم آلاف المرضى من مختلف الطبقات الاجتماعية والفئات العمرية، خاصة من المصابين بأمراض الصرع، والمدمنين على المخدرات القوية أيضا.