تنظم أكاديمية المملكة المغربية والهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة لها، غدا الثلاثاء، يوما دراسيا حول موضوع "من النقل إلى الترجمة: تملك اللغات وتمثل المعارف". وأوضح المنظمون أن "اليوم الدراسي يهدف إلى بحث عمل الترجمة في صلته بأسئلة الثقافة وتمثلات المعارف؛ ذلك أن تاريخ الترجمة يُنبي عن تواصل حضاري بين المجتمعات، وعن تفاعل بين لغات وثقافات لم يكن، في أغلبه، مجرد انتقال تقني، بقدر ما كان وظل انتقالا فكريا يجعل من الترجمة وساطة لازمة لفهم الذات عبر الآخر والتأسيس لمعرفة مشتركة ومتقاسمة". وأوضح بلاغ توصلت به هسبريس أن "الترجمة كانت في البدء نشاطا لغويا، لكنها غدت، في الآن نفسه، ذلك الفعل المعرفي المشيد لجسور الحوار والتفاهم والتفاعل والتأثير والتأثر والتمثل القائمة بين اللغات والثقافات؛ ومن هنا انفتاح دراسات الترجمة على العديد من العلوم والمعارف كالفلسفة، وعلم الاجتماع اللغوي، والأنثروبولوجيا، واللسانيات، وعلم الأديان، والدراسات الثقافية، وغيرها"، مضيفا أن "الباحث يجد نفسه أمام خطابات متعددة عن الترجمة وما تتيحه من طرق تفكير حول المادة الترجمية في إقامتها بين ضفتي الممكن والمستحيل ترجمة ونقلا وانتقالا من هذه اللغة إلى تلك". وأضاف المصدر ذاته أن "كل فعل للترجمة ينطوي على تغيير للسياق اللغوي والاجتماعي والثقافي، وهو في جوهره نقل يحرص على مراعاة المعادلات الدلالية والتعبيرية بين سجلين لغويين من ناحية المعنى والأسلوب، ويكون كل تملّك للغات في جوهره تمثلا للمعارف الثقافية والتاريخية التي تحدد أفق الترجمة باعتباره ليس مجرد تحويل للنصوص من لغة إلى أخرى، لكنه انفتاح على الثقافات والتفاعل معها". وأشار البلاغ إلى أن "كل تملّك وتمثل للغة والمعرفة يشكل موضوعا لهذا الأفق وتخطيا ل'بلبلة الأسن' كما صورتها الأسطورة البابلية القديمة، وتصبح الترجمة ليست فقط جسرا وإنما تجسيرا ثقافيا بين تفرد النص وتعدد استجاباته الممكنة في ضوء ما يعرفه البحث في نظريات الترجمة من تجدد في التصوّر والإنجاز بإلغاء الحدود بين مختلف ظواهر التواصل بين الثقافات وسياق التخصصات الاجتماعية الإنسانية المتطورة على الدوام". وورد ضمن البلاغ أن المحاضرات العلمية لهذا اليوم الذي يحضره طلبة دكاترة مهتمون بالموضوع، تُقارب العديد من القضايا من منظور متكامل، يلقيها باحثون متخصصون هم محمد المذكوري من الجامعة المستقلة بمدريد – إسبانيا، والحسين المجاهد، أستاذ باحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وإلياس أمحرار من جامعة أكس-مارسيليا ومعهد جاك بيرك بالرباط، وعبد الحق منصف، خبير ملحق لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وعزيز لمتاوي، أستاذ باحث ومترجم.