98 في المائة من المغاربة حسب الدراسة الأخيرة التي أنجزها معهد "گالوب" الأمريكي متدينون . ولكن يلا جيتي تشوف على أرض الواقع تگول حنا ماشي مسلمين! "" هكذا ينطبق علينا ما قاله الشيخ المصري محمد عبده عندما زار أوروپا في بداية القرن العشرين ، وعندما عاد إلى مصر سأله الناس عن رأيه في الغرب ، فقال الرجل وهو ما يزال تحت وقع الإنبهار من الحضارة الغربية وتحضّر الغربيين : "هناك (أي في الغرب) يوجد مسلمون ولا يوجد إسلام ، وهنا (في مصر والشرق عامة(يوجد إسلام ولا يوجد مسلمون". زعما الأخلاق ديالنا راها زيرو. ولو عاد الشيخ ليرى كيف صار حالنا اليوم يعلم الله ماذا سيقول. ففي ذلك الوقت كان الناس على الأقل كايحشمو شوية ، أما دابا ما بقات لا حشمة لا عرض. وهنا بالتحديد يكمن مصدر الغرابة ، فالإنسان المتدين غالبا ما تكون أخلاقه وتصرفاته وتعامله مع الناس في قمة الرقي والتحضر ، وبما أن دراسة معهد " گالوب" كشفت عن كون نسبة المغاربة المتدينين تقترب من بلوغ مائة بالمائة ، فهنا تُطرح علامة استفهام ضخمة تنتظر من علماء الاجتماع وعلماء الدين المغاربة أن يبحثوا لها عن جواب مقنع ، فأبسط خلاف بين سائقين على الطريق ينتهي في الغالب بتبادل عبارات السب المستمدة من قاموس ما تحت الحزام ، مرفوقة بإشارات "التقلاز" بالأصبع الوسطى. هذا بالنسبة للذين ما تزال فرامل أعصابهم تشتغل، أما الآخرون فالحل الوحيد الذي يفضّون به نزاعاتهم التافهة هو البونية ، وما أدراك ما البونية في هذه الأيام الباردة! الداعية الإسلامي عبد الباري الزمزمي قال في تصريح لجريدة "المساء" بهذا الخصوص بأن "التدين هو الالتزام بأحكام الدين ، (يعني الصلاة والزكاة وصوم رمضان...) ، وبالنسة إلى الشعب المغربي ، وحتى لغيره من الشعوب ، لا تصل نسبة المتدينين منه 70 في المائة ، لذلك فإذا كان معهد "گالوب" يقصد بالتدين ممارسة الشعائر الدينية بأكملها فإن الرقم المعلن عنه ، وهو 98 بالمئة يبقى مبالغا فيه". السي الزمزمي عندو الحق فهادي. ولكن من أين استخلص المعهد الأمريكي تلك النتيجة ؟ طبعا من أفواه المغاربة الذين سألهم باحثو المعهد الذين أنجزوا الدراسة. وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة أساسية جدا ، وهي أننا نحن المغاربة ، وكغيرنا من سكان البلدان العربية التي تغيب فيها الديمقراطية ويسيطير فيها الخوف على الناس لا نقول الحقيقة أبدا عندما يوضع ميكروفون التلڤزيون أمام أفواهنا أو عندما يسألنا أحد الباحثين ، خصوصا في ما يتعلق بالسياسة والدين ، خوفا من أن يكون الأمر مجرد "كمين" يتم نصبه من طرف أصحاب الحال . لذلك عندما تسال أي مغربي في الشارع عن الوضع السياسي العام في البلاد ، لن يصارحك بالحقيقة ، وسيجيبك بكلام هو بنفسه غير مقتنع به ، بسبب خوفه من أن تتسبب له الصراحة إذا تحدث بها في ما لا تحمد عقباه. شفتو شحال حنا خوافين ! ونفس الشيء ينطبق على الدين ، فليس هناك من يستطيع أن يجهر لك بأنه لا يصوم رمضان ، حتى لا ينبذه المجتمع . وهنا تذكرت عندما كنت في السجن خلال رمضان الماضي ، حيث يصوم جميع المساجين ، ولكن القلة القليلة هم الذين يصلون ، علاش هادشي ؟ لأن أكل رمضان فظيع لا يتقبله المجتمع ، بينما ترك الصلاة ليس مشكلا، وعدم إخراج الزكاة أيضا ليس مشكلا. ما دام أن المجتمع لا يحاكم تارك الصلاة وماسك الزكاة، في الوقت الذي لا يتساهل فيه مع آكل رمضان ، علما أن الصلاة والزكاة تأتيان في المرتبة الأولى والثانية على التوالي في قائمة الأركان التي يتوجب على المسلم أن يقوم بها. لكننا نضعها في المرتبة الأخيرة ، ونضع الصيام في المقدمة حفاظا على سمعتنا داخل المجتمع، وبعده يأتي الحج بالنسبة للميسورين باش يفوحو بيه على عباد الله . والنتيجة النهائية هي أننا ماشي متدينين، وإنما منافقين بكل ما للكلمة من معنى! طبعا ماشي كلشي، ولكن اللي كايدير الفرائض فقط من أجل سواد عيون المجتمع لا يمكن أن يكون إلا منافقا. هناك أيضا نقطة أخرى تتعلق بالخلط بين التدين والإيمان وحمل الجنسية الإسلامية . نحن مثلا ينص دستورنا على أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلد ، وبالتالي فكل من يحمل بطاقة تعريف مغربية هو بالضرورة مسلم ، ولو لم يكن متدينا ، بل حتى إذا لم يكن مؤمنا ، واش هادا دابا مسلم ؟ طبعا لا ، ولكن بما أنه يحمل الجنسية المغربية فهو مسلم. المهم هاد القضية ديال الدين عندنا راها مرونة مزيان، وعلى هاد القبال معهد " گالوب" خاصو يعاود لحسابو. ولا يخلينا فالتيقار حسن ليه! [email protected]