قبل ثلاثة أيام، جاءت سيارة الشرطة إلى الحي الذي أقطنه بعد أن تلقّى البوليس مكالمة هاتفية من أحد المحسنين، أخبرهم فيها عن وجود ثلاث فتيات في أحد المنازل التي يسكنها الزوافرية. آش كايديرو تمّا؟ الخْبار فراسكم! بعد مداهمة المنزل تمّ اعتقال الفتيات الثلاث ومعهن الشبان الذين كنّ في ضيافتهم وتم شحن الجميع على متن الصطافّيت تحت أنظار الفضوليين والفضوليات. مثل هذه المشاهد بطبيعة الحال تحدث كل يوم تقريبا في المغرب، ولكن هذا لا يعني أن كل من يمارس الجنس خارج الإطار الشرعي يتم اعتقاله. أبدا! "" ممارسة الجنس في المغرب بدون عقد زواج، أو ما يسمى بالزنا في التعريف الإسلامي، شيء عادي جدا، رغم أن قانون البلد يحرم ذلك تحريما مطلقا، ويسانده في ذلك القانون الشرعي، لكن عباد الله يضربون بهما عرض الحائط معا! ومع ذلك يدّعي 98 في المائة من المغاربة حسب دراسة سابقة أجراها معهد "گالوب" الأمريكي أنهم متدينون. إنها قمة السيكيزوفرينيا! إذا كان المغاربة متدينون حقا إلى هذه الدرجة، فلماذا يمارس الناس الجنس بهذا الشكل الذي نراه اليوم، ألم يقل الله تعالى في كتابه الكريم بأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ أم أن هؤلاء "المتدينين" دْيال بلعاني لا يعرفون بوجود هذه الآية؟! أكثر من ذلك، كشف بحث أجراه عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي، عن كوْن 65% من الفتيات المستجوبات مارسن الجنس على الأقل مرة واحدة قبل الزواج. گالّك حْنا فدولة إسلامية! فالمفروض في من يقف أمام الله تعالى خمس مرات في اليوم من أجل أداء فريضة الصلاة، هو أن يكفّ عن إتيان كل الأفعال التي يحرمها الإسلام، وعلى رأسها فاحشة الزنى. بالنسبة لي ليس هذا مشكلا، حيتْ غدّا يوم القيامة كل معزة غادا تعلّق من كْراعها! المشكل هو لماذا لا نريد أن نعترف بحقيقتنا كما هي، عوض أن نكذب على أنفسنا وننافقها عندما نتهم الغرب بالانحلال والفسوق والفجور، ونصبغ على أنفسنا صفة الطهارة والنقاء والطاعة! والكل يعلم أن لدينا في المملكة كازينوهات للقمار يملؤها المغاربة المسلمون، ولدينا مراقص ليلية وبارات تُسكب فيها كؤوس الخمر يملؤها المغاربة المسلمون، ولدينا متاجر تبيع الخمور ولحم الخنزير للمغاربة المسلمين، رغم أن القانون يمنع ذلك! ولدينا مواخير أو ما يسمى ب"البورديلات" أعزّكم الله في مدن كثيرة تعجّ بالعاهرات اللواتي يمارسن "عملهن" في أماكن معروفة دون أن تزعجهن السلطات المسؤولة، لدرجة أن المغرب أصبح أسوأ بكثير من بعض الدول الغربية، مثل السويد وبريطانيا وإيطاليا التي صار فيها ممنوعا على العاهرات أن يمارسن "نشاطهن" على أرصفة الشوارع، بينما في المغرب يكفيك أن تتوفر على سيارة وتقوم بجولة صغيرة في المدينة لتملأها بالعدد الذي تريد من بائعات الهوى! خلاصة القول، يجب علينا أن نمسح نظاراتنا لكي نرى واقعنا على حقيقته عوض أن نستمر في الاعتقاد بأننا ما زلنا خير أمة أخرجت للناس! وهنا أعود إلى الدعوى القضائية التي رفعها أحد المواطنين ضد مجلة "نيشان" يتهمها فيها بالإخلال بالحياء العام وخدش مشاعر المغاربة المسلمين. المجلة، وإن كانت حقا تقدم ملفات ومقالات صادمة، إلا أنها على كل حال لا تأتي بما تنشره من كوكب المريخ أو زحل، بل تستنبطه من الواقع المغربي المعاش. لذلك فالذي كان يجب على صاحب الدعوى أن يفعله عندما قصد علماء المجلس العلمي الأعلى لاستفسارهم في هذه القضية، هو أن يسألهم أولا إن كان يجوز شرعا أن ترخّص الدولة ببيع الخمور ولحم الخنزير في الأسواق الممتازة لعامة الناس والترخيص ببناء كازينوهات القمار ومراقص ليلية؟ وهل يجوز شرعا أن يتم السماح بفتح أبواب المواخير في مدننا حيث تتجاور مع المساجد؟ وهل يجوز شرعا أن تختلط النساء بالرجال على شاطيء البحر؟ وهل يجوز لبلدنا الذي ينص دستوره على الإسلام كدين رسمي للدولة أن يسمح لأموال الحرام المستخلصة من الضرائب على الخمور والبارات والكازينوهات أن تدخل إلى صندوق خزينة الدولة؟ وهل يجوز للقناة الثانية مثلا، أن تقدم وصلات إشهارية لمسابقات الحظ التي تدخل في نطاق القمار؟ هذا ما يجب على صاحب الدعوى ضد "نيشان" أن يفعله، لأن مسؤولية هذا الانحلال إذا أردنا أن نحاسب عليه جهة ما، فالدولة هي التي توجد على رأس قائمة المتهمين! أما مجلة "نيشان" فلا تنقل سوى ما يراه صحافيوها على أرض الواقع. ويبقى السؤال الأكبر هو: ماذا نريد بالتحديد؟ إذا كنّا نريد أن نعيش في دولة الحريات كما هو متعارف عليها كونيا، فالذي يجب أن يسود هو القانون الوضعي مثلما هو الحال في البلدان الغربية الديمقراطية، وإذا أردنا أن تكون حياتنا مؤطرة بالقانون الشرعي المستمد من القرآن والسنة النبوية فعلينا أن نطبق القانون الجاري به العمل في السعودية، ممنوع اختلاط الذكور والاناث في أي مكان. من يزني إذا كان غير متزوج يتم جلده مائة جلدة، وإذا كان ثيّبا يُرجم إلى حدّ الموت. ومن يشرب الخمر يُجلد. واللي سْرق شي حاجة مْشات يدّو فالمزاح! نحن إذن أمام خيارين: إما أن نطبق القانون الوضعي، أو القانون الشرعي. لكي نتخلص من هذه السيكيزوفرينيا. المشكلة هي أننا ما شادّين لا هذا ولا ذاك، هادشّي علاش حْنا تالفين