ما شهدته مبارة الجزائر ومصر مؤخرا يكشف مرة أخرى عن فرق شاسع بين هؤلاء الأشقاء وبين الأوروبيين على مستوى النظام والاحترام المتبادل. فجميع المباريات التي جمعت بين منتخبات أوروبية مرت أجواءها عادية ومفعمة بالروح الرياضية والاحترام بين جماهير تنحدر من شعوب تختلف فيما بينها في جوانب شتى من الدين والثقافة والتقاليد.أما في حالة الأخوة الجزائريين والمصريين، فلم يجد المراقبون وصفا أبلغ من حرب داحس والغبراء تدور رحاها بين جماهير شعبين يشتركان في كافة المقومات التي يختلف فيها الأوروبيون. ببساطة، السر وراء اختلاف موقف "الأخوة" الجزائريين والمصريين من جهة، وبين موقف "المتآخين" الأوروبيين من جهة ثانية يكمن في مدى إيمان كل منهما بالهدف المبتغى من وراء تنظيم هذه التظاهرات الرياضية، ألا وهو التقريب بين الشعوب بالنسبة للأوروبيين، لذلك فهم يحرصون على أن تمر الأجواء في أحسن الظروف. بينما الجزائريون والمصريون هنا وبصفة عامة العرب أو المسلمين يلعبون من منطلق عصبية جاهلية يفترض أن الإسلام قد أقبرها منذ أربعة عشر قرنا. فإذا سلمنا أن ثقافة التعايش والتسامح وإلى جانب الالتزام بالنظام واحترام الآخر تنبع من صميم تعاليم الإسلام، فإن ما حدث بين الجزائر ومصر يؤكد ما قاله الشيخ محمد عبده في القرن الماضي بعد عودته من زيارة إلى أوروبا، حيث قال: وجدت هناك إسلاما بلا مسلمين، أما هنا – أي في مصر- فيوجد مسلمون بلا إسلام. والحق أن كلام الشيخ المصري تعبير صادق عن حالة التناقض بين هوية المسلمين وبين سلوكياتهم، فالناس حقا مسلمين، ولكن أنفسهم تفتقر إلى الروح الإسلامية. وعندما أعلن معهد "كالوب" الأمريكي عن نتيجة تقريره، تبين أن نسبة التدين في المغرب مثلا تقترب من المائة في المائة. إلا أن الواقع يؤكد أن نسبة التدين هذه تنحصر في الجانب المظهري فقط، أما جوهر الإسلام وجوهر كل دين ألا وهو مكارم الأخلاق التي قال عنها الرسل الكريم صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فتكاد تكون منعدمة في شتى مرافق الحياة اليومية، حيث يوجد الملتحون والمحجبات وحتى المنقبات ممن لا يفوتون صلاة أو صياما أو حجا، ولكنهم في النواحي المسلكية في الأندية والمرافق العمومية يوجد من يرتدي جلباب أبي بكر ويحمل في صدره قلب أبي لهب، وتشيع مختلف الموبقات من كذب ورشوة وفوضى أخلاقية وقانونية وغير ذلك. وحتى المساجد تجدها لا تسلم من كثير من التصرفات التي تنبذها الأعراف والقوانين قبل الشرع الإسلامي. وفوق كل هذا الجميع يدعي أنه مسلم ومتدين فقط لأنه يقوم ببعض الطقوس ويتظاهر بمظهر معين. وهو ما عبر عنه أحد أحداث العهد بالإسلام عندما اكتشف أن حذاءه سرق من المسجد، فقال: الحمد لله لأني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين. فالسلوكات المنحرفة للمسلمين من شانها أن تثني الكثير من الناس عن الدخول في هذا الدين أو تدفع الذين اعتنقوه إلى مراجعة موقفهم مثلما حدث مع الفرنسي "روبير ريتشارد" المدان من طرف القضاء المغربي بتهم تتعلق بالإرهاب، والذي أعلن للرأي العام عن عودته إلى دينه الأصلي الكاثوليكية بسبب المعاملة التي تلقاها من جانب الأجهزة الأمنية ومن جانب الناس كذلك. لأنه من المستحيل إقناع الغير بالدخول في دين لم يقتنع أتباعه بمبادئه بعد. ولهذا فإن المطلوب من المسلمين اليوم يبقى واضحا وضح النهار، فموافقة أخلاقهم ومعاملاتهم مع دينهم تبقى أمرا ملحا، لأن التدين الحقيقي يجب أن يتطابق مع الأخلاق، وإلا فإن الأخلاق بلا تدين أفضل بكثير من التدين بدون أخلاق. ******************************** بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، أهنيء كل قارءات وقراء شبكة طنجة الإخبارية ، وأقول للجميع : كل عام وأنتم بألف خير وسلام ...وكل عام وأنتم أوفياء لهذا الموقع الذي هو منا وإلينا جميعا . [email protected]