مكّنت الإجراءات التي باشرتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة للحد من ظاهرة الهدر المدرسي، من إعادة 120 ألف تلميذة وتلميذ إلى الفصول الدراسية، بالأسلاك التعليمية الثلاثة، 42 في المئة منهم إناث، خلال الموسم الدراسي الجاري. ويأتي استرجاع العدد المذكور من التلاميذ ثمرةَ للمجهودات التي تبذلها الوزارة الوصية على القطاع، من أجل استقطاب التلاميذ والاحتفاظ بهم، حيث ألزمتْ جميع المؤسسات التعليمية باسترجاع التلاميذ المفصولين والمنقطعين في سن التمدرس الإلزامي (16 سنة). وتمكنت وزارة التربية الوطنية كذلك من إدماج أكثر من 59 ألف تلميذة وتلميذ، منهم 36 في المئة إناث، في الوسط القروي، بفضل حملات التعبئة المجتمعية للإدماج المباشر 2022-2023، وإرجاع أكثر من 50 في المئة من التلاميذ غير الملتحقين بالمدرسة. واعتبر عادل باجة، مدير المديرية الاستراتيجية والإحصاء والتخطيط، في كلمة ألقاها نيابة عن الوزير شكيب بنموسى خلال المناظرة الوطنية الأولى حول الأسرة والمرأة ورهان التنمية، أن "التنامي المستمر لأعداد الأطفال غير المتمدرسين يُعتبر مظهرا من مظاهر هدر الرأسمال البشري، الذي يعتبر ركيزة أساسية لكسب رهان التنمية". وأوضح أن الوزارة بذلت مجهودات من أجل استقطاب التلاميذ والاحتفاظ بهم، من خلال آليات أساسية، منها العمل على الاحتفاظ بالتلاميذ طيلة مرحلة التعليم الإلزامي الذي يمتد إلى 16 سنة، وتوسيع وتجويد العرض التربوي، خاصة بالمناطق القروية، عبر تجربة إطلاق المدارس الجماعاتية، كآلية مهمة لمحاربة الهدر وتعزيز نسبة تمردس الفتاة، خاصة بالوسط القروي. ويتوفر المغرب حاليا على 273 مدرسة جماعاتية في الوسط القروي، مع وضع هدف إنشاء 250 مدرسة جماعاتية إضافية في أفق 2027. ويعد الهدر المدرسي من بين التحديات الكبرى التي تواجه المنظومة التربوية الوطنية، "وتشكل إحدى المعيقات البنيوية التي تحول دون تحقيق المنظومة لأهدافها وغاياتها الكبرى، حيث يغادر فصولَ الدراسية كل سنة أكثر من 300 ألف تلميذة وتلميذ، تمثل منهم الإناث 42 في المئة"، بحسب المسؤول بوزارة التربية الوطنية. وأكد أن الحد من الهدر المدرسي، إلى جانب تقوية التعلمات الأساس وتعزيز انخراط التلاميذ في الأنشطة الموازية، يعد أحد الأهداف الاستراتيجية التي تسعى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضية لتحقيقها، من خلال خارطة طريق النموذج الجديد لإصلاح التعليم في أفق 2026. وبالرغم من المجهودات المبذولة للحد من ظاهرة الهدر المدرسي، أشار عادل باجة إلى وجود ظواهر مجتمعية ما زالت تحد من تمدرس التلاميذ، لا سيما الفتيات القرويات، في مقدمتها زواج القاصرات. ولتجاوز هذا التحدي، أبرمت وزارة التربية الوطنية اتفاق إطار مع رئاسة النيابة العامة، يتعلق بالشراكة والتعاون في مجال تفعيل إلزامية التعليم الأساسي من أجل الحد من الهدر المدرسي، تنفيذا للالتزامات المتضمنة في إعلان مراكش 2020 المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء. ومكّنت الاتفاقية المذكورة، الرامية إلى ضمان متابعة التلميذات تمدرسهن إلى نهاية التعليم الإلزامي على الأقل، وقاية لهن من الزواج المبكر، من تحقيق نتائج وصفها باجة ب"الواعدة جدا"، حيث مكنت من استرجاع 20 ألف فتاة على الصعيد الوطني خلال السنة الأولى لإعمالها.