أكد "أبو عبيدة"، الناطق الرسمي باسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن معركة "الفرقان" أحدثت تغييراً كبيراً في الأمة العربية والإسلامية وشكّلت صحوة كبيرة على مستوى الوعي والتضامن غير المسبوق مع خيار المقاومة والجهاد. "" وقال في حوار خاص أجراه معه "المركز الفلسطيني للإعلام": "إن هذه الحرب جنّدت الملايين الجدد لصف المقاومة وخيارها، وأعتقد أن ذلك سيشكل بداية لتغيير كبير ربما لن يكون فورياً لكنه سيحصل إن شاء الله ربما على صعيد بعض الأنظمة كذلك التي باتت على قناعة بأن دعم المقاومة هو الضامن لحفظ ما تبقى لهم من كرامة". وعن موقف سلطة رام الله من الحرب على غزة؛ شدد "أبو عبيدة" على أن رهان فريق سلطة رام الله للقضاء على "حماس" والمقاومة فشل من جديد، وخاطبهم قائلاً: "وفروا جهدكم وعودوا إلى حضن شعبكم، وإن استمراركم في الركب الأمريكي والصهيوني سيصل بكم إلى نهايتكم وسيسجل التاريخ تقاعسكم ولن ترحمكم الأجيال القادمة". ونبّه المتحدث باسم "القسام" من محاولة من قبل العدو الصهيوني "تجنيد موقف سياسي يضر بالعرب جميعاً وليس بالمقاومة، ويضر كذلك بسيادة مصر، خصوصاً فيما يتعلق بموضوع ما يسمى وقف التهريب، لذلك هذا الخطر تجاوز نطاق غزة وأتمنى أن يكون هذا الخطر عامل إيقاظ للنائمين والحالمين من حكام العرب". وبشأن ما يتعلّق بالتهدئة؛ قال "أبو عبيدة": "نحن مستعدون لاتفاق تهدئة يكون ثمرة للمقاومة، حيث فشلت كل جهود السياسة في فك الحصار فنريد أن تكون التهدئة المؤقتة مقابل فتح المعابر بشكل كامل وفك الحصار نهائياً ووقف العدوان دون خروقات، خاصة وأن هذه المطالب ليست مطالب حزب أو تنظيم هذه مطالب شعب وحقه الطبيعي وليست منة من أحد، هذا موقفنا الثابت والذي نكرره في كل مرة، إذا تحققت هذه الشروط الإنسانية فنحن مستعدون لتهدئة تكون تخفيفاً عن شعبنا ودعماً لمشروعه التحرري"، وفيما يلي نص الحوار: في الميدان في رأيكم، ما السبب الرئيسي في انتصاركم ونجاحكم؟ "أبو عبيدة": بعد فضل الله تعالى كان الانتصار والنجاح بسبب الثبات وإتباع الخطط التي وضعت مسبقاً لمواجهة أي حرب من هذا النوع، وكذلك التماسك الفلسطيني على مستوى المجتمع والفصائل المقاومة، إضافة إلى التكتيك العسكري المميز والأساليب الناجعة التي اتبعناها في التصدي لهذا العدوان الغاشم. دون الدخول في التفاصيل، بالتأكيد كان لديكم معلومات عن الهجوم الصهيوني، فكيف كان استعدادكم للمواجهة خصوصاً مع تصريحكم عن خطط غير مسبوقة لمواجهة الهجوم وأنكم ستستخدمون ضدهم أسلحة جديدة لم تستخدموها من قبل؟ "أبو عبيدة": طبعاً نحن كنا نستعد لأسوأ الاحتمالات والتي يمكن أن تطرأ، جرى العمل وفق ما خطط له في مواجهة العدوان الجوي حيث تم إطلاق المفاجأة الأولى بوصول صواريخنا من طراز "غراد" والقسام المطور إلى مدى أكثر من 40 كيلومتر، وهذا الأمر كان ضربة قاسية ومفاجئة لدوائر الاستخبارات والقيادة العسكرية الصهيونية، واستمر هذا الوضع أسبوعاً كاملاً، ثم مع بداية الحرب البرية بدأ القتال الفعلي على الأرض وكانت عدة ضربات موجعة في الساعة الأولى للتوغل وتوالت الضربات والكمائن مع التوغل داخل القطاع رغم أن المناطق مفتوحة. وتم استقبال آليات العدو بأنواع جديدة من القذائف والصواريخ واستمرت المواجهة حتى آخر يوم بفضل الله. بالتأكيد لكل معركة أحداثها ومواقفها التي لا تنسى.. فما هو الموقف الذي لن تنساه في هذه المعركة؟ "أبو عبيدة" : كان هناك مواقف كثيرة جداً لكن من هذه المواقف الرائعة والبطولية أن أحد المجاهدين كان يستعد للهجوم على مجموعة من الجنود الصهاينة، فتمت مهاجمته عن بعد بقذيفة قطعت يده اليسرى بالكامل وتعلقت يده، ولكنه أصر على تفجير العبوة في الجنود وبالفعل قام بذلك وبعد أن انتهى أخذ يزحف منسحباً من المكان وكانت يده المقطوعة لازالت لم تسقط وأعاقت زحفه فأصر على قطعها وواصل الزحف بمعنويات مرتفعة وعجيبة رغم شدة الألم. ومن هذه المواقف اشتداد القصف على المجاهدين لمدة سبع ساعات كاملة في محيط لا يتجاوز نصف كيلو متر مربع وأصروا تحت القصف على الصلاة واقفين. وبالفعل أتموا صلاتهم وبعد هذه الصلاة الأخيرة في تلك الليلة استشهد اثنان من المجاهدين في معركة بطولية وجهاً لوجه مع الجنود الصهاينة. قال الكاتب الصحفي المصري محمد حسنين هيكل في مقابلة تليفزيونية بعد المعركة: "أن معركة غزة لم تنته والخطر القادم أكبر مما يتصوره العرب".. برأيك وأنت أحد المسئولين في الميدان.. ما هو الخطر الذي يتحدث عنه هيكل؟ "أبو عبيدة": هناك محاولة من قبل العدو الصهيوني تجنيد موقف سياسي يضر بالعرب جميعاً وليس بالمقاومة ويضر كذلك بسيادة مصر خصوصاً فيما يتعلق بموضوع ما يسمى وقف التهريب لذلك هذا الخطر تجاوز نطاق غزة وأتمنى أن يكون هذا الخطر عامل إيقاظ للنائمين والحالمين من حكام العرب. شاع الحديث في الشارع العربي أن معركة الفرقان سوف تغير الأحداث.. من وجهة نظرك كيف سيكون هذا التغيير؟ "أبو عبيدة": هناك تغير كبير كامن في الأمة العربية والإسلامية، وهذه الحرب شكلت صحوة كبيرة على مستوى الوعي والتضامن غير المسبوق مع خيار المقاومة والجهاد، وهذه الحرب جنّدت الملايين الجدد لصف المقاومة وخيارها وأعتقد أن ذلك سيشكل بداية لتغيير كبير ربما لن يكون فورياً لكنه سيحصل إن شاء الله ربما على صعيد بعض الأنظمة كذلك التي باتت على قناعة بأن دعم المقاومة هو الضامن لحفظ ما تبقى لهم من كرامة. الشارع العربي يقول إن عدد الشهداء في المعركة (خاصة المدنيين) وصل لرقم كبير؛ فبنظرك.. كيف يتم تقدير هذه النسب؟ "أبو عبيدة": عدد الشهداء كبير والعدو كان يقصد ذلك وبشكل واضح وملفت، ففي الخمس دقائق الأولى للحرب ارتقى أكثر من 200 شهيد معظمهم من المدنيين، وهذا ما كان يعول عليه العدو في إحداث انكسار حاد ونكسة للمقاومة في غزة ولذلك ركز العدو عليها وقال عنها صدمة وصعقة وضربة قاصمة، ومع استمرار الحرب كان العدو يقصد في كل مرحلة إيقاع خسائر اكبر في صفوف المدنيين لدفعنا للتنازل والتراجع لكن ما حدث هو العكس والمعركة فرضت علينا فرضاً ولم نسع إليها وبالتالي الذي يتحمل كامل نتائجها العدو الصهيوني وليس نحن بالتأكيد. كيف تصف علاقتكم بأهلكم المواطنين في غزة خلال الحرب؟ وإلى ما وصلت تلكم العلاقة بعد الانتصار؟ "أبو عبيدة": العلاقة كانت علاقة تكامل وانسجام تام، فنحن وهم سواء العدوان على الجميع والكل مستهدف وهذا ما جعلهم أكثر التصاقاً بنا وكان هناك شعور لدى الجميع أن المعركة معركتهم وأنهم لا خيار أمامهم سوى الصمود والصبر والمقاومة، ونحن بعد الحرب أكثر قرباً من أبناء شعبنا نضمد جراحهم ونشاركهم الصبر على المصاب ونسعى لعمل كل ما من شأنه أن يخفف عنهم. كيف تقيّم موقف أهلنا في الضفة من الأزمة؟ وهل كنتم تتوقعون منهم ما لم يحدث؟ وكيف تقيم موقف أهلنا في ال 48؟ "أبو عبيدة": موقف أهلنا في الضفة والداخل كان مشرفاً على مستوى التضامن والنصرة لكن نحن ندرك ظروفهم ففي الداخل احتلال وفي الضفة احتلالين، وندعو المقاومة في الضفة إلى المزيد المزيد. ما تقييمكم للموقف الشعبي العربي؟ "أبو عبيدة": كان موقفاً رائعاً ويعبر عن وعي وإدراك وصدق في النصرة والانتماء، وندعوهم إلى المزيد، فالمعركة طويلة ونتمنى أن لا تكون هذه الهبة ثورة طارئة بل أن تكون انطلاقة لبرامج عمل مكثفة حتى فك الحصار وإنهاء الاحتلال فلازال بمقدورهم أن يفعلوا الكثير. ماذا ترى في مواقف الحكومات والرؤساء غير العرب من الحرب كمواقف تركيا وفنزويلا وبوليفيا؟ "أبو عبيدة": نرى أن مواقفها متقدمة على مواقف كثير من حكام العرب والمسلمين للأسف الشديد، وهي أقرب إلى مواقف الشعوب وإن كانت رمزية ومعنوية فنحن نشكرهم على هذه المواقف الشجاعة، وهي تسجل لهم. في السياسة "حماس" والتهدئة الدائمة أحيانا والمؤقتة أحيانا أخرى.. حديث طويل، ماذا تقول عنه؟ "أبو عبيدة": نحن مستعدون لاتفاق تهدئة يكون ثمرة للمقاومة حيث فشلت كل جهود السياسة في فك الحصار فنريد أن تكون التهدئة المؤقتة مقابل فتح المعابر بشكل كامل وفك الحصار نهائياً ووقف العدوان دون خروقات، خاصة وأن هذه المطالب ليست مطالب حزب أو تنظيم هذه مطالب شعب وحقه الطبيعي وليست منة من أحد، هذا موقفنا الثابت والذي نكرره في كل مرة، إذا تحققت هذه الشروط الإنسانية فنحن مستعدون لتهدئة تكون تخفيفاً عن شعبنا ودعماً لمشروعه التحرري. اذا بشأن ما يشاع عن وجود تمرد داخل "كتائب القسام" على القيادة السياسية ل "حماس"؟ "أبو عبيدة": هذا الكلام ضرب من الأحلام الخيالية التي لا وجود لها إلا في عقول بعض المشككين وفي أمنياتهم السقيمة، وهذا الحلم أنا أطمئنكم أنه لم ولن يتحقق بإذن الله، فحركة حماس – والفضل لله أكثر حركة سياسية عرفها العصر الحديث تماسكاً وقوة وتراصّا بين القيادة والجند على جميع المستويات وفي كافة أجهزة الحركة السياسية والعسكرية والاجتماعية، ولولا هذه الصفة التي تتمتع بها الحركة لما نالت كل هذا التأييد والتقدير والاحترام الشعبي والرسمي على مستوى الداخل الفلسطيني والخارج العربي والإسلامي. في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية كيف ترى تأثير الحالة الاقتصادية للداعم الأكبر للكيان الصهيوني أمريكا على الكيان الصهيوني؟ وهل له من فوائد تعود عليكم؟ "أبو عبيدة": نسأل الله أن تكون هذه الأزمة مدمرة لأنظمة الظلم والإفساد، وأن تكون أموالهم لعنة عليهم، عملياً نحن نعتقد أن هذه الأزمة ستؤثر على الكيان الصهيوني، ونقول بان الأولى بالإدارة الأمريكية أن تنفق الأموال في اعمار الأرض بوجه الخير بدلاً من توجيهها إلى عصابات التخريب والقتل والإرهاب الصهيوني. رسائل.. ما الرسالة التي تود إيصالها لشباب الأمة على الخصوص؟ "أبو عبيدة": نقول لشباب الأمة تذكروا قول نبيكم صلى الله عليه وسلم: نصرت بالشباب، فعليكم بتكثيف الجهود وشد الهمم نحو نصرة فلسطين ومقاومتها وأعدوا أنفسكم لذلك، وليكن همكم فلسطين، لأن أهلكم هنا يقعون تحت الاحتلال والتضييق والحصار والتآمر، واعلموا أن فلسطين تنتظر أفعالكم قبل أقوالكم، وباب الجهاد مفتوح أمامكم بكل الوسائل، فمن صدق لحق. ماذا تقول للسلطة الفلسطينية في رام الله؟ "أبو عبيدة": أقول للسلطة في رام الله هاهي رهاناتكم تفشل من جديد، فوفروا جهدكم وعودوا إلى حضن شعبكم، وإن استمراركم في الركب الأمريكي والصهيوني سيصل بكم إلى نهايتكم وسيسجل التاريخ تقاعسكم ولن ترحمكم الأجيال القادمة. ماذا تقول للحكام العرب؟ "أبو عبيدة": أقول لهم عظم الله أجركم في موت حميتكم العربية، إلا القليل منكم، فليكن درس غزة فرصة لإحياء الضمائر وللخروج من الأوهام واعلموا أنكم ستقفون بين يدي الله ودماء أطفال ونساء غزة في رقابكم جميعاً إذا بقيتم على صمتكم الرهيب.