بعد مضيّ نصف سنة على الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا، مازال التوتر السياسي والاقتصادي على حاله رغم الوساطة الأوروبية، إذ تعطلت مجموعة من المشاريع التجارية في الأشهر الأخيرة، باستثناء مبادلات الغاز التي لم تتأثر بتداعيات الخلاف الثنائي. الإذاعة الإسبانية الرسمية أوردت في قصاصة إخبارية أن الأزمة السياسية لم تنته بعد بين البلدين بعد ستة أشهر من تعليق الجزائر معاهدة الصداقة، مؤكدة أنها حظرت كل المشاريع الاقتصادية المرتبطة بالمملكة الإيبيرية، باستثناء الغاز الطبيعي. وأوضحت الهيئة الإعلامية ذاتها أن الشق السياسي والإستراتيجي يحكم التوجهات الاقتصادية ل"قصر المرادية"، معتبرة أن الخلافات الإيديولوجية توجه وتؤطر السياسة الخارجية الجزائرية، لكنها أشارت إلى أن أغلب الشركات الإسبانية اتجهت صوب بلدان أخرى للقيام بالأعمال التجارية. أما صحيفة "إل بريوديكو دي إسبانيا" فقالت إن العلاقات بين إسبانيا والجزائر "جامدة" منذ ستة أشهر بعد اعتراف "قصر المونكلوا" بمغربية الصحراء، لافتة إلى أن الشركات الإسبانية تكبدت خسائر مالية مهمة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية المشتركة. العديد من الشركات الإيبيرية انتقدت، في حديث إلى الصحيفة، ما وصفته ب"الحصار التجاري" الذي مارسته الجزائر عليها، مشددة على أنها "بعيدة كل البعد عن الصراعات السياسية بين الأحزاب أو المنظمات أو البلدان". وأرجعت الصحيفة سالفة الذكر "تعنت" الجزائر في استئناف العلاقات السياسية مع إسبانيا إلى المناخ الدولي الذي أنعش صادراتها التجارية، بالنظر إلى تزايد الطلب الدولي على الغاز الطبيعي بسبب تداعيات أزمة أوكرانيا على الدول الأوروبية. فيما ذكرت صحيفة "ذي أوبجيكتيف" الإيبيرية أن الخلاف الدبلوماسي انعكس على حصيلة الهجرة غير النظامية في الأشهر المنصرمة، إذ انخفضت معدلات الهجرة بشكل قياسي في جزر الكناري، لكنها ارتفعت بشكل مضاعف في جزر البليار. وبهذا الخصوص، أفادت الصحيفة بأن عدد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من الجزائر ارتفع إلى 8891 شخصا في الأشهر الستة المنصرمة، مبرزة أن الهيئات الحقوقية نبهت صانع القرار الإسباني إلى تزايد عدد "قوارب الموت" في السواحل الجزائرية. وسبق أن اتهمت الحكومة الإسبانية الجزائر، منذ خمسة أشهر، بوقف المبادلات التجارية الثنائية بشكل شبه كامل، باستثناء الغاز، مناقضة بذلك النفي الجزائري في خضم أزمة دبلوماسية بين البلدين حول الصحراء المغربية.