انتقدت مجموعة من الصحف الإسبانية المحاولات الجزائرية ل"إغراق" السواحل الإيبيرية بالمهاجرين غير النظاميين، في ظل التوتر السياسي بين البلدين على خلفية اعتراف "قصر المونكلوا" بمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. وانتقدت صحيفة "إل موندو" ضعف المراقبة الحدودية على السواحل الجزائرية خلال الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى تزايد أعداد "قوارب الموت" المتجهة إلى المدن الإسبانية، خاصة مدينة ألميريا التي استقبلت أزيد من مائة مهاجر غير شرعي في أقل من 24 ساعة. ويأتي ذلك بعد الأحداث العنيفة التي شهدها المعبر الحدودي الفاصل بين ثغر مليلية والناظور، وهو ما أرجعته الفعاليات الحقوقية المتتبعة للملف إلى غياب المراقبة الأمنية على الحدود الجزائرية بنواحي وجدة، ما تسبب في ولوج مئات المهاجرين غير النظاميين إلى التراب المغربي. وأكدت صحيفة "إل موندو"، نقلاً عن مصادرها الخاصة من الحرس الإسباني، أن الأعداد الأخيرة من المهاجرين غير الشرعيين كانت موزعة على دفعات. وتابعت بأن العمليات الأخيرة كانت مختلفة لأنها لا تشبه طريقة اشتغال شبكات الاتجار بالبشر، حيث رصدت كاميرات الحرس الإسباني قارباً كبيراً بمحرك قوي ينقل المهاجرين من السواحل الجزائرية نحو نظيرتها الإسبانية طيلة الأسابيع الفائتة. وأورد المصدر الإعلامي عينه أن "طريقة نقل المهاجرين غير النظاميين تعزز فرضية غياب المراقبة الأمنية على الحدود الجزائرية، بخلاف الفترات السابقة التي كانت فيها الشرطة الجزائرية تتعامل بصرامة مع الملف". وتعليقا على ذلك، قال الدكتور العباس الوردي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن "تحولات الهجرة غير الشرعية التي تعرفها المنطقة، ليست مجانية ولا بريئة". وأضاف الوردي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "جحافل المهاجرين التي اجتاحت المعبر الحدودي الفاصل بين مليلية والناظور، وكذا السواحل الإسبانية، تسائل الظرفية الحالية التي تتم فيها هذه العمليات". وأردف بأن "تلك العمليات تتزامن مع التقارب السياسي بين المغرب وإسبانيا. وبالتالي، فهي تستهدف البلدين بشكل مشترك في توقيت موحد"، مبرزاً أن "المغرب يقوم بمجهودات جبارة لصد جماح هذه الظاهرة المشينة التي تهدد الحق في الحياة". وتابع الأستاذ الجامعي ذاته بأن "الجزائر لا تقوم بأي دور في المجال، وتحاول خدمة أجندتها الضيقة تجاه الوحدة الترابية من خلال السعي إلى تعكير صفو العلاقات بين المغرب وإسبانيا"، مشيرا إلى أن "الجزائر لا تقوم بواجبها الدولي تجاه معضلة الهجرة". واستطرد الخبير الدولي بأن "الجزائر لها دور سلبي إزاء المنظومة الدولية في تدبير القضايا المشتركة، ضمنها قضية الهجرة، في الوقت الذي صادقت فيه على كثير من المعاهدات الدولية المتعلقة بشؤون الهجرة غير النظامية". وخلص الدكتور العباس الوردي إلى أن "عدم حضور الجزائر في تدبير أزمة الهجرة يؤثر على السلم والأمن الإقليميين، قبل أن يؤثر على الاستقرار الأوروبي"، لافتا إلى أن "ذلك يعارض توجهات الأممالمتحدة بخصوص الظاهرة".