بدا الرئيس الجزائري مثل "مراهق" كل همه أن يلتقط صورا مع ضيوف القمة العربية من قادة وزعماء ورؤساء دول، حيث كان يقاطع تحيات وكلام الضيف ليوجهه نحو كاميرات المصورين لالتقاط الصور. وما كان ل"تبون" أن يحرص كل ذلك الحرص على التقاط الصور مع الشخصيات التي حضرت القمة العربية، بينما غاب عنها العديد من الملوك والأمراء وزعماء الدول، إلا لمعرفته بأن القمة التي كان يأمل أن تكون لمًّا للشمل العربي "تشتتت" حتى قبل أن تبدأ بالفعل. ولطمت القمة العربية صفعات متعددة على وجه تبون والحكام الحقيقيين الذين يقودون الجزائر نحو الهاوية؛ الصفعة الأولى عندما تواصلت اعتذارات زعماء دول عربية من الوزن الثقيل عن الحضور، من بينها السعودية والبحرين والمغرب والأردن وبلدان أخرى. وثانية الصفعات التي تلقاها النظام الجزائري، الذي كان يمني النفس من تنظيم القمة العربية بالظهور كمنقذ للوطن العربي، بينما هو يحاول التغطية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحرج الذي يعيشه الجزائريون، تتمثل في "ضربة معلم" مغربية جاءت من وسط قاعة اجتماعات وزراء الخارجية قبيل انعقاد القمة. كان النظام الجزائري يعتقد أن حبكة الخريطة المبتورة من الصحراء ستنطلي على الوفد المغربي دون أن يلاحظها، ليسجل نقطة سياسية لفائدته؛ غير أن "البق ما يزهق" كما يقول المثل المغربي، فيقظة الوفد الممثل للمملكة كانت في مستوى اللحظة والحدث أيضا، بعد أن أوقف "البيضة في الطاس"، ولم يهدأ له بال حتى قدمت القناة الجزائرية الاعتذار وصححت الجامعة العربية الوضع الخاطئ. أما الصفعة الثالثة على وجه "قصر المرادية" فكانت موضوع إدراج التدخل الإيراني في شؤون بلدان عربية، سواء في المشرق أو المغرب، بنشر الفتن المذهبية أو الدعم بالأسلحة والطائرات المسيرة، (إدراجه) في جدول أعمال القمة العربية. وحتى لو لم يتم ذكر إيران بالاسم في "إعلان الجزائر" الذي خرجت به القمة العربية؛ لكن ما تم التنصيص عليه في البيان الختامي وافق في جزء رئيسي منه الطلب المغربي، وهو ما يعني "انتصارا" للدبلوماسية المغربية وانتكاسة جديدة لسياسة "جنرالات الجزائر" الخارجية. واتفقت الدول العربية على "إنهاء الأزمات بما يحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها وسيادتها على مواردها الطبيعية"، كما رفضت التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية"، وهذه صيغة ضمنية تشير بالبنان إلى إيران (مسعرة النيران).. وهذا ما سعت إليه المملكة في القمة العربية وتحقق بالفعل.. فكما يقول المثل المغربي "الحاج موسى هو موسى الحاج"، وإن بدلنا ترتيب الاسم أو اللقب، فالمضمون سيان. وأما رابعة الأثافي، رغم أن العرب يكتفون بمقولة "ثالثة الأثافي"، (والأثافي ثلاثة ليس لها رابع حيث يوقد الأكل على نار أسفل حجرات ثلاث)، فكانت الصفعة المدوية التي تلقاها النظام الحاكم بالجارة الشرقية عندما وجه الملك محمد السادس دعوة صريحة إلى تبون لزيارة المغرب من أجل "الحوار". هذه وحدها تكفي لإخراس لسان قصر المرادية، فهل هناك أكثر من دعوة صريحة كهذه تأتي من أعلى رأس الدولة المغربية لرئيس دولة جارة، من أجل إرساء الحوار بين الطرفين؟.. الكرة، إذن، في ملعب الجزائر.. ولأن كل هذه المعطيات والصفعات كان تبون يتحسسها وربما يتوقعها مسبقا، فإنه حرص على التقاط الصور مع من حضر من القادة والمسؤولين العرب بشكل لافت، حيث كان يتحين أدنى فرصة لتوجيه نظر الضيف صوب الكاميرات، لعل وعسى يقال إن القمة نجحت؛ ولكن أنى لها أن تنجح وقد خرق الجار أدنى أعراف الاستقبالات والبروتوكولات المعمول بها مع الوفد المغربي، سواء الرسمي أو الإعلامي.. أية قمة هذه، يا تبون؟.. بل هو القاع يا "بني قينقاع"!!!