تظهر التصريحات التي أدلى بها عدد من المتهمين في قضية اقتحام المعبر الحدودي بين بني أنصار ومليلية المحتلة تورط عناصر من الجيش الجزائري في تسهيل عملية وصول المهاجرين غير النظاميين إلى التراب المغربي. وأشارت التصريحات، التي اطلعت على بعضها جريدة هسبريس، إلى وجود تنسيق بين عصابات الهجرة غير الشرعية وين عناصر من الجيش الجزائري. ومن المرتقب أن تشرع المحكمة الابتدائية بالناظور، الاثنين المقبل، في محاكمة 36 شخصا من المتهمين باقتحام السياج الأمني؛ فيما ستشرع محكمة الاستئناف في المدينة ذاتها في محاكمة 28 من الأشخاص الآخرين بجناية الانضمام إلى عصابة وتسهيل خروج أشخاص من التراب الوطني بصفة سرية واعتيادية وجناية إضرام النار في الغابة عمدا. وكانت عملية اقتحام السياج الأمني المذكور قد خلفت مقتل 23 شخصا و76 إصابة ضمن المهاجرين غير النظاميين، و140 إصابة في صفوف القوات العمومية المغربية. تسهيلات جزائرية كشفت تصريحات مهاجر ينحدر من دولة التشاد يحمل لقب "أبو حامد" أنه غادر بلاده بداية نحو ليبيا هروبا من الأمراض والأوبئة والمجاعة والحروب، ومنها في اتجاه المغرب عبر دولة الجزائر. وفي هذا الصدد، أكدت تصريحات هذا المهاجر أنه من أجل الوصول إلى المغرب رفقة بعض المهاجرين من الدول الإفريقية قاموا بأداء مبلغ مالي قدره 300 أورو سلموه للمسمى "جاريث بيل". وقال المهاجر التشادي إن "دخولنا للأراضي المغربية تم انطلاقا من الأراضي الجزائرية، بعد لقائنا بكل من المسمى أبو شيبا وكذا حامد وماثيوك نجيري الجنسية، الذين قاموا بإيوائنا والتوسط لنا مع عناصر الجيش الجزائري المرابطين بالحدود لتسهيل عملية ولوجنا إلى الأراضي المغربية". وأضاف: "ولجت المغرب عبر مدينة وجدة، وبإرشاد من بعض المهاجرين توجهت نحو إحدى الغابات المجاورة لمدينة الناظور بعدما قدمت إليها على متن الحافلة، حيث وجدت حشدا غفيرا من المهاجرين يقدر بحوالي ألف شخص، وقد تم إيوائي من طرف متزعمي هذا الحشد من المهاجرين الذين أجهل هوياتهم". وأشارت تصريحات المواطن التشادي المذكور إلى أن متزعمي هؤلاء المهاجرين عمدوا إلى تقسيم المرشحين للهجرة السرية إلى مجموعات عديدة، تضم كل واحدة منها حوالي 20 شخصا من جنسيات سودانية وتشادية وسنغالية، حيث كان يسهر على تنظيم واحدة من هذه المجموعات، قبل اقتحام السياج الحدودي". مسار الرحلة كشفت التحريات التي أجرتها الشرطة القضائية أن بعض المرشحين للهجرة غير الشرعية تسللوا إلى التراب الوطني بعد رحلة طويلة قادتهم من حدود موطنهم السودان مع دولة ليبيا مستغلين الوضعية السياسية بهذا البلد وضعف المراقبة عبر الحدود، ثم تسللوا إلى بعد ذلك إلى التراب الجزائري وصولا إلى مدينة مغنية مرورا بمدن عديدة بعدما يؤدون مبالغ مالية متفاوتة لرئيس الشبكة المقيم بالجزائر المدعو عمر؛ فيما انطلق آخرون من السودان في اتجاه دولة التشاد ثم النيجرومالي وصولا إلى الجزائر ثم التوجه مباشرة إلى الحدود الجزائرية المغربية، خاصة منطقة الزوية بمدينة مغنية القريبة من المنفذ الحدودي رأس عصفور بمدينة وجدة، حيث تتلقفهم إحدى الشبكات التي تنشط في مجال الهجرة غير الشرعية وتأويهم في إحدى المزارع إلى حين مساعدتهم على التسلل إلى المغرب. وأفادت التحقيقات بأن الشبكة التي تنشط في مجال الهجرة غير الشرعية ذات تنسيق هرمي يوجد على رأسها مواطن مالي يدعى "بوس انفاي" وشقيقه إلى جانب مواطن مالي آخر، فضلا عن مواطن جزائري يدعى "عمر" ومواطن سوداني يدعى رضوان، إضافة إلى مواطن مغربي يدعى يحيى. وحسب المعطيات ذاتها، فإن المواطن المغربي المدعو "يحيى" يتكلف رفقة السوداني "رضوان" باستقبال المهاجرين في مدينة وجدة؛ فيما أشارت التحقيقات إلى أن زعيم الشبكة المالي "بوس انفاي" يقيم في مزرعة هارون بالجزائر. كما أبانت التحقيقات أن التنسيق بين عناصر الشبكة يتم عبر مجموعة مغلقة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وأخرى على تطبيق التراسل الفوري "واتساب". معسكر بالناظور أشارت التحقيقات إلى أن المرشحين للهجرة غير الشرعية أقاموا مخيما بغابة جبل كوروكو يرأسه مواطن سوداني يدعى "أبو شيبة"، حيث يسهر على تسيير المخيم ويفرض شروطه وقوانينه الخاصة على الوافدين. وحسب تصريحات المتهمين، فإن "أبو شيبة" كان يجرّد المهاجرين من هواتفهم، وينظمهم على شكل مجموعات، ويلزمهم بطاعته تحت طائلة التهديد بالطرد والمس بالسلامة الجسدية. التصريحات كشفت كذلك أن المرشحين للهجرة غير الشرعية تلقوا تدريبات على حمل السلاح الأبيض وكيفية مواجهة الشرطة، كما كان يقوم رئيس المخيم بحثهم على عدم طاعة أوامر الشرطة وعدم الاستسلام لحظة اقتحام السياج الأمني. يذكر أن المتابعين في هذه القضية تراجعوا عن تصريحاتهم أمام النيابة العامة، بدعوى أنهم لم يدلوا بها أمام الضابطة القضائية.