لايهمنا اليوم التركيز كثيرا على هذا الخلاف السياسي القائم منذ عقود, والذي لانعرف له مستفيدين غير القائمين على الوضع في البلدين معا, ولكن يهمنا اللقاء الكروي الذي يجمع منتخبينا في عنابة, والذي سيحمل في ختامه إسم المرشح الأكيد عن هذه المجموعة للقادم من النهائيات الإفريقية والعالمية, مايعطي اللقاء كل أهميته, ويضيف إليها توابل العلاقة إياها بين المغرب والجزائر مما لاداعي للخوض فيه مجددا أو حاليا. من جهتنا في المغرب ندخل اللقاء بعد سنوات طويلة من الإخفاقات المتتالية في المجال الكروي, نستطيع أن نضع لها لحظة البدء يوم انهزمنا أمام أنظار الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في ملعب رادس الكبير بسبب هفوة غير مفهومة للحارس فوهامي أهدت كأس إفريقيا يوم للتونسيين, وأهدت للمغاربة شعورا بالشمتة لم يفارقهم حتى وهم يستقبلون منتخبهم بالأحضان بعد مساره الموفق وغير المنتظر في تلك الدورة الإفريقية. منذ تلك اللحظة, صاحبتنا "يد الميت, الله يستر" تلك التي يقول المغاربة في عميق دارجهم وشعوذتهم إن "الكسكسة" بها توقف كل نجاح أو خير, وهو ماوقع لنا في كرتنا المحلية مع فارق بسيط للغاية هو أن يد الميت التي ضربت منتخبنا كانت يد أحياء ارتكبوا جرائم حقيقية في حق المنتخب الوطني المغربي أوصلته إلى ماوصل إليه الآن. ابتدأ الأمر بطرد الزاكي بعد مسار موفق في التصفيات انتهى دون هزيمة, بل بتعادل أوصل التونسيين _ مرة أخرى _ إلى المونديال على حسابنا, وأراح جامعيينا من رؤية مدرب مغربي يتولى تدريب النخبة المحلية. كانت كلمة السر حينها التي وزعت على الجميع (مسيرين وصحافيين تابعين للجامعة وحواريين وحياحة) هي: "أسقطوا بادو بأي ثمن", وفعلا رحل الرجل إلى تيهه الحالي هو الذي لم يعد يعرف كيف يجب عليه أن يتعامل مع فرق البطولة الوطنية بعد أن وصل يوما بمنتخب شاب وغير مجرب إلى نهاية كأس إفريقيا للأمم. استمرت المجزرة بعدها بتكليف مرتزقة أجانب وصلوا إلى حدهم الأخير في التدريب بتولي مصير النخبة المحلية, رأينا روجي لومير, ورأينا هنري ميشيل, بل ورأينا يوما في إطار مالاتمكن رؤيته إلا في المغرب أربعة مدربين محليين يتولون تدريب النخبة المغربية في إطار ماأسمته نكتة شعبنا "التركيبة الرباعية", وهي التركيبة التي مكنتنا ختاما من الإقصاء من كل شيء والغياب عن كل المنافسات الممكن تخيل وجودها على سطح الأرض. ذهب أكثر من مدرب, وتغير أكثر من لاعب, وحده رئيس الجامعة علي الفاسي الفهري بقي في منصبه محاطا الدهاقنة الكبار الذين جعلوا كرة القدم المغربية بقرة حلوبا تدر عليهم ماتيسر من الملايين الكثيرة كل شهر, وتدر على الشعب المغربي ماتيسر من الحسرة و"الفقصة" باستمرار إلى أن أتى "الفرج, وانتصر منتخبنا يوما في هذه التصفيات الحالية بعد أن تكلف به غيريتس على منتخب مغمور إفريقيا بنتيجة صغيرة هو المنتخب التانزاني, ورغم ذلك فرحنا وقلنا "هي بداية الأمل في هذا الفريق", بل وخاف بعضنا مثلما قلنا ذلك ضاحكين حينها أن يخرج المغاربة إلى الشوارع مطلقين "الكلاكسونات" مبتهجين بالانتصار التاريخي الكبير وغير المسبوق على من؟ على تانزانيا. ماعلينا, فنحن أبناء اليوم مثلما علمونا باستمرار لكي ننسى كل شيء, واليوم سنتابع عبر قناة "ميدي أن تي " ( وهذا موضوع آخر قد نتحدث عنه لاحقا نحن الذي نتوفر على قناة متخصصة في الرياضة تسمى الرياضية وتنقل لقاءات التنس واللقاءات "العيانة" فقط) مسار منتخبنا في أول لقاء كروي حقيقي له مع منتخب شارك في كأس العالم الأخيرة, وأظهر في تصفياتها أنه يحسب له ألف حساب قبل أن يبدو مهلهلا في المونديال الإفريقي, لكنه ظهور غير معتد به لأن الجزائريين عودونا على إشهار كل أسلحتهم في اللقاءات المغاربية, وهو ما سنتأكد منه مجددا في لقاء عنابة المرتقب. سيقول القائل الراغب في بقاء الوضع على ماهو عليه "لاتهمنا النتيجة, فهناك لقاء للعودة", لكننا من الآن نقولها : إذا انهزم منتخبنا أمام الجزائر على من أتوا بغيريتس بعد المسلسل السخيف والطويل والممل الذي عشناه مع الهلال السعودي أن يتحملوا كامل مسؤوليتهم, وأن يرحلوا. فلا أعتقد أن هناك مغربيا واحدا سيرغب في رؤية وجوه مسؤولي الكرة الأشاوس إذا ماسقطنا في عنابة أمام الجزائريين. اليوم وصلنا إلى مرحلة "النتائج أو ديكاج" مثلما كتبنا ذلك أمس وعلى هؤلاء أن يفهموا أننا لم نخلق لكي نتحمل إخفاقاتهم الكثيرة, وأن ترافقنا الخيبات إلى آخر الأيام. ننتظر منهم النصر أو رؤية ظهرهم وهم يغادرون, إذ يكفيهم كل الرزق الذي حلبوه حتى الآن دون أية فائدة.