أكد مصدر موثوق ل"كود" أن دفاع خالد عليوة، المدير السابق للقرض العقاري والسياحي، لم يعثر على أي وثيقة تفيد أن موكله موضوع بحث قضائي على خلفية الاتهامات التي وجهها إليه قضاة المجلس الأعلى للحسابات على خلفية تدبيره لهذه المؤسسة. "عمليا لم يعثر محامي عليوة على أي مقرر قضائي رسمي يفيد فتح تحقيق في أي ملف له صلة بخالد عليوة" يؤكد المصدر. الأخير يكشف ل"كود" أن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، اتصل بقياديين في حزب الاتحاد الاشتراكي وأخبرهم، وفق المصدر نفسه ل"كود"، أنه لم يحرك أي مسطرة قضائية في ملف القرض العقاري والسياحي. يستغرب المصدر ل"كود" "كيف أن بعض الصحف تتحدث عن ضغوطات على وزارة العدل لعدم تحريك المسطرة القضائية في حق عليوة، بعدما سبق لها أن أعلنت في وقت سابق عن تحريك هذه المسطرة؟".
الأغرب في الضجة الإعلامية التي أثيرت حول ملف عليوة ربطه الأتوماتيكي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في وقت يوجد فيه على رأس هذا الحزب قياديون لا يجمعهم أي ود مع عليوة.
الرجل كان طرفا في حرب داخلية طاحنة واجه فيها صديقه عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول السابق والكاتب الأول سابقا للحزب، رفاق محمد اليازغي، خلفه في قيادة الحزب. "كل ما يكتب عن سعي المكتب السياسي للتأثير على القضاء بخصوص قضية عليوة لا أساس له من الصحة. نحن بكل تأكيد مع محاربة الفساد ولن نتردد في الوقوف بجانب الحكومة إذا حركت أي ملف ولو تورط فيه أحد الإخوة المحسوبين علينا. بالمقابل سنطالب الرميد بالكشف عن أسماء الذين يضغطون عليه لطي الملف إن وجدوا فعلا كما كتبت ذلك بعض الجرائد" يؤكد المصدر ل"كود".
الإصرار على الربط، إعلاميا، بين الطرفين عيلوة وحزب لم يعد يرتبط به تنظيميا لا يستبعد أن تتحكم فيه نية إعطاء انطباع لدى الرأي العام مفاده أن المفسدين هم أساسا سياسيون حزبيون، ما من شأنه المساهمة في ضرب مصداقية الحزب الذي ارتبط تاريخيا بالنضال من أجل محاربة الفساد.
المرة الأولى التي خرج فيها هذا الملف إلى الإعلام كانت عشية المؤتمر الوطني الثامن للاتحاد الاشتراكي سنة 2008 الذي انتهى بإعلان الحزب رسميا عن مطالبته بتعديل الدستور في أفق إقرار نظام "الملكية البرلمانية". بغض النظر عن مصداقية الحزب وأدائه في تلك المرحلة، يصعب اعتبار الأمر محض صدفة.
ما يزكي هذا الاحتمال عدم تحريك مساطر المتابعة أو عدم تفعيلها في حق مفسدين آخرين. هكذا يصبح خالد عليوة، المتهم باقتناء شقتين من البنك الذي يسيره بثمن تفضيلي، رمزا للفساد في الإعلام. أما محماد الفراع (المؤتمر الوطني الاتحادي سابقا وحزب زيان حالي) المدان ابتدائيا بتبذير الملايير من أموال التعاضدية العامة للموظفين فيظل بعيدا عن الأنظار. شأنه في ذلك شأن الرئيسين السابقين لمجلس مدينة سلا، إدريس السنتيسي (الحركة الشعبية) ونور الدين لزرق (التجمع الوطني للأحرار) اللذان كشف كل منهما ملفات يقول إنها تدين الآخر بالفساد... دون أن تحرك النيابة العامة ساكنا!
هذا التضخيم الإعلامي في ملف عليوة يمكن أن يفسر أيضا بالرغبة في شغل الرأي العام عن قضايا فساد أهم وأكبر بكثير. فالحكومة الجديدة يقودها رجل اشتهر بسخائه في التصريح والوعد بمحاربة الفساد وتطهير البلاد وإنصاف الفقراء ورفع الحد الأدنى للأجر... لذلك سيكون مفيدا إلهاء الرأي العام بشقة عليوة في انتظار أن يحل القدر بالحيتان الكبيرة ويمضي فيهم أمر الله تعالى.
لا يعني هذا أن القضاء لا يجب أن يفتح تحقيقا في الاتهامات التي يوجهها قضاة المجلس الأعلى للحسابات حول خروقات خالد عليوة أثناء تسييره للقرض العقاري والسياحي، خاصة بالنظر للطريقة السخيفة والمستفزة التي رد بها في الصحافة حينما أثير الملف إعلاميا سنة 2008. على العكس من ذلك هذا هو المطلوب من القضاء في مرحلة يقال إنها "الربيع الديمقراطي". لعل ذلك يكون فاتحة عهد جديد يستطيع فيه القضاء معالجة ملفات أثقل بكثير مما يؤاخذ عليه رجل كان مرشحا لخلافة عبد الرحمان اليوسفي.