بعد الضجة التي أحدثها خبر مناقشة أطروحة دكتوراه للطالب الباحث محمد الأمين مشبال، وقيام وزارة التعليم بتعليق مناقشة الدكتوراه، حاورت “كود” اليساري مشبال الذي أنجز أطروحته حول اليميني بنكيران، أطروحة أثارت الجدل من عنوانها الذي اعتبره كثيرون مستفزا، فيما رأى أخرون أن بنكيران مجرد شعبوي تافه لا بلاغة له ولا خطاب أصلا، أما منجز الأطروحة فهو يرى العكس تماما. كيف ترون الهجوم الذي كان من بعض المواقع والأشخاص في الفايسبوك على أطروحتكم التي تناولت موضوع بلاغة الخطاب السياسي والسياسي لعبد الاله بنكيران، سيما من يعتبرونه تافها وشعبويا؟ أنا شخصيا أضع نفسي في موقع مخالف للأستاذ بنكيران، إيديولوجيا، فأنا يساريا، ومن شب على شيء شاب عليه، ولم يعد في العمر ما يدعونا لتغيير توجهنا، وهنا يسعنا القول أن بنكيران اختلفنا معه أو كنا في نفس توجهه علي أن أقر بعد دراسة خطبه لأربع سنوات والتي صرت شبه حافظ لها، أن الرجل يمثل ظاهرة سياسية وتواصلية. كما أن طريقته في الحديث وطريقة توظيفه للدارجة، استطاع تطويعها لتصبح أداة حرب في مواجهة خصومه السياسيين، وقد نختلف معه حول ما فعله كرئيس حكومة في حق المتقاعدين وغيرها من ملفات كبرى، وهذا نقاش آخر، ولكن لا يمكننا أن ننكر أن الرجل إستطاع بحزبه أن يواجه حزب الأصالة والمعاصرة الذي جندت له إمكانيات كبيرة، كما أنه أعطى لحزب العدالة والتنمية مكانة سواء في الانتخابات الأولى أو الثانية. وانا كخصمه السياسي أعترف بأن النتائج التي تحصل عليها العدالة والتنمية ليست سهلة. إذن كل هذا بالإضافة إلى الخطابة التي يمتلكها يجعله ظاهرة تستحق البحث، وحين أقول البحث فأنا أقصد شقه الأكاديمي، البحث الذي يحتم علي التجرد من العواطف، لا التي تجمله ولا التي تميل لتسفيهه لأن الاثنين مرفوضين في البحث الأكاديمي. هل الدارجة كانت هي نقطة قوة بنكيران؟ الدارجة لها حلاوة خاصة وهذه فعلا احدى نقط القوة لدى بنكيران، وما لمسته في البحث أنه عرف كيف يوظف لغته الدارجة كأداة حرب في مواجهة خصومه، وهو ليس فصيح في اللغة العربية لتقارنه مع أبو زيد أو الأمين بوخبزة أو آخرين، يتحدث اللغة العربية لكنه ليس بليغا فيها، لكنه العكس في الدارجة. ما هي خلاصات بحثك؟ إحدى خلاصات البحث أننا أمام شخصية شعبوية، وما يميز خطاب عبد الإله بنكيران عن باقي الخطابات الشعبوية سواء في أمريكا اللاتينية أو أوروبا، هو أن خطاب بنكيران مغلف بالثقافة الدينية. لهذا بنكيران هو ظاهرة جديرة بالدراسة، بغض النظر عن الاختلاف معه وبما سينتج عن الدراسة. لماذا أنجزت هذه الأطروحة بالذات وعنونتها بالبلاغة في الخطاب السياسي والسجالي؟ هناك من قال بأنني ” باغي نمسح الكابا لبنكيران”، ومن قالها أنا متأكد أنه لا يعرفني ولا يعرف مبادئي وأنا الذي سجنت من أجل هذه المبادئ 11 سنة في ملف أبراهام السرفاتي ومن معه، أما بالنسبة للبلاغة فالمقصود هنا ليس البلاغة اللغوية كما فهم الجميع، بل البلاغة التي يرادفها في الفرنسية ” la Rhétorique”، وهي عند الاغريق فن الإقناع بالوسائل الممكنة، وكيفية التأثير على المخاطب، هذا هو القصد وليس البلاغة بصورتها اللغوية من فصاحة ومحسنات بديعية التي عرفت عند الشعراء والأدباء، فبنكيران ليس شاعرا ولا أديبا. تم تأجيل مناقشة أطروحتك فمن كان وراء التأجيل وهل بالفعل الوزير من أمر بالتأجيل؟ بالفعل تم تأجل مناقشة الأطروحة إلى أجل غير مسمى، وفي الحقيقة لم يتم إخباري لا بالسبب ولا أي دافع حول التأجيل، بينما علمت أن مسؤول وزاري كبير، إما الوزير أو أحد كبار المسؤولين معه، تدخلوا لتأجيل مناقشة الأطروحة بناء على الضجة التي أثيرت في الفايسبوك. بالنسبة لي هذه الأطروحة أو نيل شهادة الدكتوراه لن تزيدني في مساري العملي شيئا لأني موظف متقاعد، لذلك فالدكتوراه كانت على سبيل التحصيل العلمي والمعرفي. هل ترى أن أسباب تأجيل المناقشة له علاقة بالضجة الفايسبوكية ورضوخ الوزارة للضغط؟ الفايسبوك أصبح يعج بالحمقى والمعتوهين، وطبعا أنا لا أعمم فهناك الكثير من الأشخاص الذي نتابع صفحاتهم ونستفيد منها لأنهم يوظفون الفايسبوك في مسائل جميلة، وبالنسبة لي لا حرج على العامة في إنتقاد الأطروحة رغم عدم قراءتهم لها مادام كثيرون لا يفرقون بين الألف والزرواطة، لكن الحرج كله على وزارة تنساق مع العامة وتوقف مناقشة الأطروحة. وقد اعتقدنا أن عهد إيقاف صدور الجرائد، والمطبوعات، والمنع قد ولى، وكان من اختصاص وزارة الداخلية لكننا نفاجئ بوزارة التعليم تتخذ هذا الدور، ويتقلده وزير أو كاتب عام، أو أيا كان من أمر بالتأجيل، وفي الحقيقة كان التأجيل يتوجب أن يكون مكتوبا وبتعليل، إما لمشكل في الأطروحة، أو عدم إحاطتها بجميع جوانب البحث الأكاديمي، أو أي سبب آخر مقنع، لكن ما وقع هو تأجيل مناقشة الأطروحة دون أي سبب. ما هي رسالتك للمنتقدين؟ أنا أقول بأنه من حق أي شخص أن ينتقد، ومن حق أي شخص أن يختلف، لكن كيف يعقل أن تنتقد أطروحة لم تطلع عليها، فالأطروحة لا تزال عند الأستاذ المشرف واللجنة، ولا يمكن للعموم الإطلاع عليها إلا بعد مناقشتها، فكيف ينتقدون شيئا ويحكمون عليه دون الإطلاع عليه من الأصل، هذا يذكرني بما وقع لنجيب محفوظ حين أراد شخصا اغتياله وخلال التحقيق مع المتهم سألوه لما أراد قتله، فأجابهم لأنه كافر فسألوه هل قرأت روايته التي كفروه بسببها فأجابهم لا، فسألوه “وكيف عرفت أنه كافر؟”، وهذا ما وقع مع أطروحة مشبال دون أن يقرؤوها.