كنت أقولها دائما. كنت أقول إن الصحفيين المشارقة أذكى منا نحن المغاربة. ويعرفون كل الخبايا. ولهم قدرة خارقة على كشف ما يكمن خلف كل شيء. وعلى ما نعجز نحن عن فهمه. فيهمونه هم بسهولة. ودون بذل أي جهد يذكر. وخاصة إذا كان الصحفي المشرقي شغالا عند قطر. وهي التي تمنحه المال. وهي التي تدفع له ليقف في صف الإخوان أينما كانوا. وخير مثال على ذلك هو وائل قنديل. ولمن لا يعرفه فهو شغال في “العربي الجديد” القطرية. وقد توصل من شدة ذكائه الخارق إلى “أن إسرائيل والمال الخليجي حاضران في أحدث عمليات اغتيال بوعشرين”. هكذا دون أن يرف له جفن. وكي أكون أمينا فقد رجح ذلك. معتمدا على مصدر مهم. وهو أحد مؤسسي منظمة التجديد الطلابي. وأتحدى أي صحفي مغربي أن يصل إلى هذا المعطى. وأن يجاري عبقرية وائل قنديل. وأتحدى أي مفكر. وأتحدى المخابرات المغربية. وأتحدى إسرائيل. وأتحدى المال الخليحي. لكن الصحفي المصري تمكن من ذلك. وبسرعة قياسية دلنا عمن لفق التهم لتوفيق بوعشرين. إنهم الإسرائيليون. ثم المال الخليجي. والمحزن أن بيننا من يتفق معه في هذا “الرأي”. وينشر مقاله. ويساهم في ترويجه. ويعتمد عليه. ويقول: وجدتها. وجدتها. إسرائيل. إسرائيل. وها هو صحفي مصري. بعيد عنا. ومستقل. ومحايد. يكشف الحقيقة. ويفك خيوط المؤامرة. وشيئا فشيئا بدأت تتفشى فينا هذه العدوى المشرقية الخليجية. وبدأ يصيبنا غباؤهم. وتغييبهم لملكة العقل. وتفسيرهم لكل مساوئهم. ولكل استبدادهم. ولك إخفاقاتهم. ولكل تخلفهم. بإسرائيل. كما كان يفعل الديكتاتور العربي. وبعد أن ساد الخراب ورث الصحفيون منه هذه العادة المرضية. ولأن قطر على خلاف مع جيرانها. فالمال الخليجي هو الذي دبر التهمة لبوعشرين. كما لو أنه يزيده تهمة أخرى. وكل شيء سهل عند وائل قنديل ومن يدور في فلكه. كأن قطر هي مركز الكون. وأي شيء يحدث عندنا. وأي قضية. فلها ارتباط بقطر. وبمرسي. وبالسيسي. وما علينا إلا أن نرضخ لتحليله العميق. ولاستبصاره. وإلا فنحن ضد الديمقراطية. ومع الاستبداد. ودون أن يدري. فهو يسيء إلى صديقه توفيق بوعشرين. ويتفهه. ويدافع عنه بطريقة بليدة. ومضحكة. كما لو أنهم لم يحكوا له أن المغاربة شعب مختلف. وفيه أناس لا يفكرون مثلك. ولا ينطلي عليهم أي كلام. ويميزون. ويطلعون على الصحافة العالمية. ويقرؤون بأكثر من لغة. وليسوا منغلقين. ولم يمروا من نفس التجربة. وربما لم يفعل أحد ذلك. ولذلك يؤكد للجميع أنه لا يعرف أي شيء عن المغرب. وحتى الذين يتضامنون مع بوعشرين بالمطلق بين المغاربة لم تخطر على بالهم أبدا إسرائيل والمال الخليجي. ويتهمون الدولة. ويتهمون السلطة. ولا يثقون في القضاء المغربي. ومحاموه يتهمون على لسانه شخصية سياسية. والكل ينتظر الأيام القادمة. الكل ينتظر المحاكمة. لكن المشرقي ذكي. ويتفوق علينا نحن المغاربة. ويعتبرنا جهلة. وعجما. ويربينا. ويلقننا الدرس. ويريدنا مثله. ونطلق الكلام كيفما اتفق. ويريدنا بلا عقل. ويريدنا بلها. ويريد أن يضحك علينا إسرائيل. ويريد أن يشتغل العالم كله عند قطر. والمؤسف أن مغاربة يتفقون مع ذكاء وائل قنديل الخارق. ويعتبرونه أستاذهم. وسيدهم. مستغلا فقرهم وحاجتهم إلى المال. فيوافقونه الرأي. ويقولون له برافو وائل قنديل. وفي وقت نمشي فيه على البيض. وننتظر. ونفكر في زميل لنا. ولا نصدق. ونفكر في ضحايا محتملات. يأتي الصحفي الجهبذ ويأتي عبقري زمانه. ويختزل علينا الجهد. ويتهم إسرائيل. فيا لذكاء كل ما يأتي من العرب. ويا للعقول التي يصنعها الإعلام القطري. الذي يجاري الجهل. ويطعمه. ويقويه. حتى يصير رأيا سائدا. ويا لغبائنا نحن المغاربة ويا لضعفنا ويا لتراجعنا ويا لسوء حظ هذا الجيل الذي وجد أمامه أسوأ ما في المشرق يسيطرون على الإعلام بعد أن تخلصوا هناك من كل عقلائهم ومن كل أقلامهم المتميزة وبعد ذلك وبقوة المال الخليجي جاء عصر وائل قنديل.