في رسالة غريبة المعنى والمبنى موجهة لرئيس لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس المستشارين طالب الحسين الوردي وزير الصحة يوم الاربعاء بسحب ثلاث مشاريع قوانين من مجلس المستشارين تتعلق بمشروع قانون لمزاولة مهن التمريض والتأهيل الموظيفي رقم 13-45، ومشروع مزوالة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية رقم 14-25، ومشروع القانون المتعلق بالتأمين الإجباري عن المرض الخاص بالعمال المستقلين والمهن الحرة رقم 15-،98، احتجاجا على طلب المعارضة خلال الجلسة العامة التشريعية التي عقدت الثلاثاء الماضي إرجاع مشاريع القوانين للجنة المعنية من اجل تعميق الدراسة معتبرا ان هذا القرار غير مفهوم ويستهدف عرقلة العمل التشريعي لوزارة الصحة، مضيفا ان اللجنة وممثلي المعارضة داخلها صوتوا بالإجماع على القانون خلال جلسة التصويت داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بالغرفة الثانية. رسالة الوردي وان كانت مفهومة من ناحية تسجيل الموقف السياسي فهي تحمل الكثير من الخروقات القانونية التي لا تليق بوزير يفترض انه محاط بفريق من المستشارين والأطر الادارية القانونية من بين هذه الخروقات نذكر منها: – خرق الاول تجاوز بروتوكول المراسلات الرسمية بين المؤسسة التشريعية والتنفيذية والتي ينبغي ان تجري تتم بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين وليس بين وزير في الحكومة ورئيس لجنة القطاعات الاجتماعية بالمجلس وهو ما تنص عليه المادة 38 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين وهو الخرق الذي سبق لرؤساء فرق البام والاتحاد الاشتراكي ان مارسوه خلال مراسلتهم لوزير المالية في قضية الاساتذة المتدربين. – الخرق الثاني يتسجد في كون طلب الوردي سحب قوانينه احتجاجا على إعادتها للجنة رغم التصويت عليها بالاجماع يظهر بعض الجهل بالقانون فأعمال اللجان البرلمانية وفق قرارات المجلس الدستورية والأنظمة الداخلية ليست ملزمة للجلسة العامة وهي لا تعدو ان تكون أعمال تحضيرية وهذا يعني ان من حق البرلمانيين ان يتراجعوا عن مواقفهم التي عبروا عنها خلال أعمال اللجان خلال الجلسة العامة التي تضم كل اعضاء المجلس الذين يعبرون عن موقفهم في التصويت واتخاذ القرار النهائي بشأن النص وربما اعادة النظر في قرار التصويت الذي اتخذوه داخل اللجنة إذا ما تغيرت المعطيات. – الخرق الثالث يظهر في ان سحب القوانين من إحدى المجالس وان كان مباحا قانونا للحكومة شريطة ان يتم ذلك قبل التصويت عليه خلال الجلسة العامة كما تنص على ذلك المادة 179 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين إلا ان ممارسة هاته الآلية تبقى ضمن الاختصاص الحصري لرئيس الحكومة التي يبلغها لرئيس مجلس المستشارين حيث تنص المادة أعلاه ان يتم السحب بنفس المسطرة التي تم بها إيداع النص لدى الغرفة الثانية. – الخرق الرابع يعكس تدخل سافر للسلطة التنفيذية في اعمال الهيئة التشريعية بدون وجه حق، فالمعارضة التجأت لتفعيل مسطرة المادة 194 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين التي تقضي بإرجاع النص الى اللجنة وهذا حقها القانوني ويدخل ضمن صلاحياتها الدستورية طبقا للفصل 10 من الدستور ولا احد يحق له يعيب عليها اتخاذ هذا القرار، وسبق للحكومة ان أشهرت ورقة إرجاع النص في وجه المعارضة خلال الجلسة الشهيرة للوزير شوباني الذي طالب خلال جلسة عامة بمجلس النواب بإرجاع مقترح قانون لجنة تقصي الحقائق الذي تم التصويت عليه داخل اللجنة بتأييد من الحكومة قبل ان تتراجع عن موقفها وتصدر فتواها الشهيرة بحصر اعداد القوانين التنظيمية على الحكومة لضمان مرورها على المجلس الوزاري. – الخرق الخامس يتجلى في اخبار الوردي لرئيس لجنة القطاعات الاجتماعية انه ليس له استعداد لحضور أو مناقشة النصوص المرجعة سواء داخل اللجنة أو الجلسة العامة وهذا موقف سياسي احتجاجي لكنه يتنافى مع المقتضيات الدستورية والقانوني التنظيمي لاشغال الحكومة والنظام الداخلي لمجلس المستشارين، فحضور الوزراء لعمل اللجان ليس اختياريا يخضع لرغباتهم بل نشاط دستوري ملزم يدخل ضمن العلاقة الدستورية التي تربط بين الحكومة والبرلمان.