الثورة لن تأت أبدا من ساحات ظهر المهراز في جامعة فاس كما توهمنا في زمن مضى.. الثورة لن تأت أبدا من وحدة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء و الانتلجنسيا المتنورة كما كان يقول لنا علي يعتة رحمه الله.. الثورة لا تنتظروها خارجة من مقرات أحزاب لا تفتح سوى في الانتخابات..ولا تنتظروها من مثقفين باعوا كل شيء من أجل الزليج البلدي في الفيلا التي حلموا بها منذ أيام الفقر والجوع . الثورة ستقع هذه الأيام مع مشارف رمضان..ثقوا بي صرت في المدة الأخيرة أعمل مثل قارئة فنجان شوافا..أنا شواف بدون مقابل مثل مكي الصخيرات الذائع الصيت الذي اختفى و انتهت موضة هرولة الصحافة إليه.. يقيني الراسخ أن الثورة التي حلم بها الشباب في أيام الباكور العربي المعوق ستقع هذه الأيام رغم أن الأجواء لا تبشر بذلك.. لقد رايتها في منامي و حين أرى شيئا من عادتي أن يصدق و يتحقق على أرض الواقع.. لقد رأيت الحشود متجمهرة مثل سيول جارفة تجري في كل الاتجاهات و تتجمهر رافعة شعارات ليسقط النظام ليسقط النظام؟؟ لا أثق في الأحلام لكن الثورة تقع في المغرب بلد الاستثناء المغربي.. بلد الاستقرار والتجارب الفريدة .. لماذا وقعت الثورة بهذا الشكل ؟ و أين هي الطبقة العاملة والنقابات الفاسدة و الفلاحون الفقراء و الشعراء ؟؟ الثورة وقعت كما رايتها. ثقوا بي لا أكذب ولا أكتب سيناريو لفيلم متخيل.. لم تقع الثورة بسبب دستور و لا بسبب تفشي الفساد. ولم تقع لان البطالة تفاقمت والأسوار صارت عالية عالية جدا بين الأثرياء والكدح.. لقد وقعت الثورة إخواني أخواتي كما شاهدتها بأم عيني ..خرجت الحشود في اليوم الأول يوم امتحان الباكلوريا بسبب تسريب الأسئلة السخيفة .. التلاميذ جاءوا مستعدين للغش كما يحصل في كل الأنحاء و في كل المجالات ..و من حقهم الغش. كيف لا يغشون و الأمة قاطبة تغش ؟..لماذا هذه الحكرة فقط على التلاميذ الزغب؟ هل لأنهم لا يملكون نقابة تدافع عن حقهم في الغش كما يحصل مع الآخرين .. الكل يغش .عاش الغش في زمن الغش ولا مكان لمصلح أو نبي اليوم .. لقد هزلت فاتركوها تفسد أكثر حتى تسقط التفاحة الفاسدة لوحدها.. فضيحة باكالوريا الجزائر أن الذي وضع السؤال لا يفرق بين نزار قباني و محمود درويش؟ في البلد الذي قدم أدباء كبار لم تعد الحكومة قادرة على التفريق بين شاعرين مشرقيين مختلفين بالطول و بالعرض في كل شيء.. فضيحة باكالوريا المغرب ليست أهون على كل حال.رغم أن الذين يضعون السؤال ينتبهون للتمييز بين قباني الزلال و درويش شاعر الحب الحقيقي.. جاء التلاميذ بعد نوم ليلة مرعبة بالكوابيس خوفا من الامتحان الغول المفترس الكاسح القاهر و الضارب المستبد فوجدوا أن الأسئلة التي وزعت على الانترنيت هي نفسها التي وضعت أمامهم؟ لم أفهم سبب الاحتجاج ؟ لماذا تحتجون يا قوم ؟ كلوا واشربوا وانعموا و لماذا الثورة؟ لم يعد التلاميذ إلى منازلهم بعد الاحتجاج أمام المندوبيات ومقرات الوزارة الفاسدة التي تتمسك بمناهج و مواد أكل عليها الدهر و شرب و تجاوزها العصر والعقل. استمرت الحشود في التجمعات هنا و هناك و في كل جهات البلد ..كبرت رقعة الزيت و التحقت بالحشود الهائجة فئات أخرى لا علاقة لها بالامتحان وجدوها مناسبة للصراخ والتفويج والترويح.وتكاثر القوم و كثر الهياط والمياط في كل ربوع البلاد و اللهم استر يا لطيف.. كيف تحول الامتحان إلى بؤرة ثورية مشتعلة لم يفكر فيها المخططون و الإستراتيجيون ورجال المخابرات و الأمن.. لقد فكروا في كل شيء ماعدا أن يخرج عفريت الثورة من أقسام الامتحان المشحونة بالأسئلة التافهة و كتائب غيستابو الغش التي يقال أنها مستعدة لفتح سجون جديدة لتلاميذ المغرب. أتركوا الشباب ينقلون فالجميع لا يفرق بين درويش و قباني ومحمد بنيس وأحمد المديني .أتركوا التلاميذ يغشون مثلما يغش صاحب المحلبة و الميكانيكي و بائع البطاطا و نادل الحانة وسائق التاكسي و الطبيب مالك المصحة والمهندس الغشاش وكبير النقابيين وكبير المحاميين والقضاة وغيرهم كلهم . أتركوا الشباب يغشون يا جماعة عيب عليكم هذه العنصرية والكراهية و وزير الشوكولاتة يجازى رغم أن محمد اليوبي كشف عن الفاتورة في " الأخبار". الباكلوريا انتهت صلاحيتها. صارت مثل بضاعة فاسدة منذ سنوات. لكننا لم نفكر رغم جيوش اللجان و الخبراء والخلايا والمكاتب الوزارية و هيئات التعليم والتكوين والتربية.. لم نفكر في تحطيم الصنم مرة واحدة. نعيد العجينة ..و نخلط الكارطة المخدومة .. نفك الارتباط بهذه الصيغة المتجاوزة للباكلوريا .. هل حقا هناك دوائر كثيرة تستفيد من الفساد الحاصل في التعليم و تفكر في الزليج البلدي قبل التفكير في مستقبل أبناء المغرب الماضي إلى الهاوية.؟ استيقظت من حلمي مرهقا مفزوعا لهول ما شاهدت من حرائق و فتن عمت البلد. قلت الحمد لله أن الثورة لم تحصل..أخاف على أبنائي من الثورة لأنني أعرف أننا الفقراء أكبر ضحاياها.. استيقظت فزعا وشدني ألم فظيع لان عصابة التعليم هي هي لا تتزعزع و لا تسقط. النظام لم يسقط.