ماذا عسانا نفعل حتى نستطيع تفسير ذلك العياء الذي يظهر على محيا حميميته العميقة؟ ما العمل حتى نستطيع فك رموز نظرته الغامضة وكلماته المضطربة؟ إلى صديقي العاشق، أقول لك ذلك الإحساس الجميل والنبيل لا يتوفر على أرض خصبة يمكن أن ينبث بها. ولد ميتا ودفن في بطون المعاجم قبل أن يزين تاريخ الكلمات. المسافة التي تفصلك عنها كبيرة جدا، ليست بالقدر الذي يسمح لك باختراق عالمها الصغير. لا تتوفر سوى على الكلمات لتخبرها بالشعور الذي تحسه اتجاهها، كلمات باهتة لا تصلح لشيء عدا أن تجعلك تافها في نظر عينيها. إنها متحذلقة في قول كل شيء بلطف، لأنها كانت مدللة بشكل كبير من طرف عائلتها لدرجة أصبحت معها كل كلمة قوية تبدو لها عبارة عن عدوان في غلاف كل العنف الإنساني.
لقد رفضتك يا صديقي أو صدتك بالطريقة الأكثر لباقة ممكنة، لكنها يجب أن تظل ملاكا في عينيك. أنت المجنون بحبها، أنت الذي تمنحها شجاعة الاقتراب. أنت يا صديقي لا تعدو أن تكون في عينيها ونظرها شابا مثل باقي الشبان الذين تعرفهم. شاب تقول له كلمة صباح الخير أو السلام عليكم مع ابتسامة لبقة طبعا. وجودك بالنسبة لها لا يعدو أن يكون سوى اسم نكرة وشبح إنساني يشبه مثيلين له. أتفهم جيدا مشاعرك وحزنك، مثلها هي، لكن لا أحد يستطيع أن يساعدك حتى هذه الرسالة. أنت الذي يجب أن ينتصر على ألم الحب، الذي يوجد فعلا لكن ليست هناك امرأة على وجه الكون تستحقه.
حبك يا صديقي نقي مثل البراءة، لكن امتلك نفسك يا صديقي، وكن قويا لمواجهة جميع الامتحانات القاتلة والمهلوسة أيا كان نوعها، فالرجل هو فضيلة الصبر وأنفة النرجسية ونوستالجية الذكريات. أدعوك صديقي لبناء مملكة وأن تتمشى بخيلاء. في أقطارهم، واصرخ بأعلى صوتك لتشبع رغبتك في التعزية، لأننا لا نستطيع الوصول إلى السلطة في السماء لأنها على الأرض، يجب علينا فقط أن نعرف كيف ومتى نجنيها.