ريال مدريد يقلص الفارق مع برشلونة    تطورات مفاجئة في قضية "سفاح بن احمد"..    بمشاركة واسعة للطلبة.. عميد كلية العلوم بتطوان يترأس فعاليات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للأرض    بوعياش تدعو إلى صياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية ببعد حقوقي    حموشي يستقبل مسؤول الاستعلامات ووفد أمني عن الحرس المدني الإسباني    موتسيبي: نجاح كرة القدم في المغرب يجسد القيادة المتبصرة للملك محمد السادس    61 مقعد ل"الأحرار" بالانتخابات الجزئية    محكمة الاستئناف بالحسيمة تقضي بإعدام شاب أنهى حياة والده    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة    وزراء أفارقة يتفقون بمكناس على خطة زراعية ودعم تفاوضي موحّد للقارة    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    الأردن يتهم "الإخوان" بتصنيع الأسلحة    "توريد أسلحة لإسرائيل" يفجّر استقالات بفرع شركة "ميرسك" بميناء طنجة    الحكم الذاتي والاستفتاء البعدي!    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    مقاضاة الدولة وأزمة سيادة القانون: الواقع وال0فاق    سابقة قضائية.. محكمة النقض تنتصر لشابة تعاني اضطرابات عقلية أنجبت طفلا من شخص بالحسيمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وزراء الخارجية العرب يرحبون بانتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    بعد حوادث في طنجة ومدن أخرى.. العنف المدرسي يصل إلى البرلمان    الابتكار في قطاع المياه في صلب نقاشات الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.. نقل سيدة إيفوارية من الداخلة إلى مراكش عبر طائرة طبية بعد تدهور حالتها الصحية    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    المغرب يجذب مزيدا من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين (صحيفة فرنسية)    وزراء الخارجية العرب يؤكدون على مركزية اتفاق الصخيرات كإطار عام للحل السياسي في ليبيا    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    نقل نعش البابا فرنسيس إلى كاتدرائية القديس بطرس    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب الممنوع بأمر ...الحاكم !
نشر في ناظور سيتي يوم 04 - 03 - 2011

"ديموقراطية" هولندا تخرق حقوق الانسان !
محمد بوتخريط / هولندا
للموضوع علاقة بسياسة التشدد التي تتهجها السلطات الهولندية في ما يتعلق بتقديم الطلب لغرض الزواج من البلد الأصلي من شريك لا يحمل الجنسية الهولندية، ولا يقيم في هولندا والشروط التي يتضمنها القانون الجديد سواء منها المطلوبة في الشخص المقيم في هولندا أو في الشخص الآخر، المقيم خارجها.خاصة منها المتعلقة باجتياز الشخص لاختبار اللغة الهولندية الشيء الذي أدى إلى انخفاض عدد الزيجات التي تُطبق عليها هذه الشروط
جلس قبالة صورة حبيبته في يوم ممطرلا يشبه كل الايام متربعا على كرسي مكتبه الصغير، وهو يلحس ما تبقى في كأس لا يعرف احد ما بداخله إلا هو, وينصف مكتبه بعضا من البسكويت المملح ورقائق البطاطا/الشيبس.
يرتدي قميصا رياضيا برسومات غير واضحة وألوان غير متناسقة , بدا لي كمغنيي الراب يعشق التميز حتى لو كان الأمر جنونا, يبدو مهموما , مطأطأ الرأس يلعب في خصلات شعر رأسه الذي يبدوانه لم يمسه مشط منذ زمن بعيد... يبدو أشعثاً متسخاً، نظرت اليه , بدا لي حزينا. وكأني رأفت لحاله قائلاً له :
ما لك وهذا الحال يا صديقي ؟
وبصوت متقطع متهدج ٍأجابني ...لاشئ ...
رفعت صوتي قائلاً:
لم أراك يوما في مثل هذا الحال,صدقني إنّ قلبي ينفطرعليك وعلى منظرك ...
أجابني...بسخرية وهو ينظرإلي نظرة ًحزينة.
أتعتقد أنك أفضل مني..وأنت تبدو لي أكثر مني حماقة وظلما..
نحن الاثنين ومعنا الاجانب كلهم مجرد ضحايا لخيالات أوهام بعيدة إسمها حقوق الانسان وحرية الاختيار والمواطنة والاندماج وحتى لو جاز لي لقلت عنا نحن كلنا القمامة نحن الغباء بعينه..
إنصدمت أمام كلام صديقي الذي بدا لي وقحا انتفضت قائلا له:
أنا بالرغم من أن حياتي هنا ليست كلها جميلة وليس كل فصولها ربيعاً إلا أنني لم أكن يوما في مثل حالك...كم تبدوا لي وحشا كاسرا.
أجابني قائلاً:
إنتظر..وانظر الي جيدا واسمع لي, أريد أن أُريك شيئا ,لأن قلبي يشفق عليك ولا اريدك ان تحتار اكثر في حالي ..
مد يده الى دولاب فتح الدرج وأخرج رسالة وناولني اياها ..
وبصوت مرتجف قال لي :إقرأ.
قلت :ما بها ,وماذا ستريني أكثر مما أرى في حالك ؟
خطف الرسالة من يدي وصرخ:
رفضو منح التأشيرة لهجر..
سألته بسرعة غير إرادية ;
ألم تفلح في اجتيازامتحان اللغة؟
لم يُعر سؤالي أي اهتمام وكأنه لم يسمعه .. استمر يصرخ .. بدا من نبرة صوته بأنه مهتم بها جداً ..
لاتهمني فقط هجر ففي آخر المطاف لن تنال الا ما كُتب لها ان تناله .. أريد أن أريك من خلالها أصوات صراخات أخرى لأولائك البريئات اللواتي ذبحتهن أيادي هذا الزمن البليد ..
فتيات بريئات,هناك في الطرف الاخر من هذا العالم قضين عمراً طويلا بانتظار فرصة يقعن بها في الحب وحين يجدنه يُغتصب ويُقتل بأمرالقانون ,أريد أن تتخيل معي تلك المناظرالرهيبة, صوراً لفتيات تُغتصب احلامهن وتُذبح أمانيهن بسكاكين قوانين فُصلت على مقاسات صانعوها .. ويُرمى بهن من على أسطح أحلامهن ..
واستمر يصرخ..
نعم يا صديقي , ليس فقط حبي لهجر ... هو ما اغتالوه !!
بل أرى فتيات أخريات كثيرات بعمرالورود وهنَّ من تحت وحشية المتشدقين هنا بحقوق الانسان وحرية الفرد في الحب والحياة والعيش الكريم ...لم يفلتن،
وكم من عجوز متقاعد صرخ بهم ولم يسمعوه....وكم من شاب ذبحت أياديهم ...وقالو عنه أنه ليس إلا لاجئ !!
وحتى اللاجئين يا صديقي العزيز ,لم يسلموا من قوانين فيلدرز وآخرون من أمثاله وهم كثيرون ..
هل سمعتَ ما قالوه عن الفارين من جهنم القدافي و أمثاله ...هل سمعت .."علينا أن نفعل كل ما في وسعنا ... كل شيء لوقف زحف اللاجئين" ..وهذا كلام وزير يا صديقي وليس كلام انسان عادي ..
إن هذا وغيره يمثل بحق دليلا واضحا على عقلية هؤلاء العنصرية وكراهيتهم للأجانب، وهو الشئ نفسه الذي يتنافى مع كل المعايير والقيم المقبولة في المجتمعات المتمدنة....
هي "ديموقراطية" أوروبا يا صديقي تخرق حقوق الانسان !
كنت واقفا متسمرا في مكاني أسمع كلّ ما يقوله صديقي الحزين المجروح..بدا لي متعصبا حاولت تهدئة الموقف بحديث علني استطيع به ان أمتص بعض غضب صديقي وهو يتحدث بعصبية :
قائلا له :
أعلم.. أعلم كلّ هذا...هو محفوظ في ذاكرة التاريخ وليس هناك من شيء جديد أو شئ يُخفى ، لكن أريد أن أسألك ..
هل فعلاً أنت أفضل منهم ؟
نظر الي في تعجب وكأنه يحاول قراءة السؤال من جديد..
وقال ماذا تقصد ؟
قلت :ما أعرفه أنك والكثير من أمثالك كنتَ رغم ما تقوله الان وتصرخ به .. تخافُ من المواجهة ... وكنت تعترفُ بأنك تعيش على أرض ٍهي ليست أرضكَ بل جئت إليها طالبا للعيش والاسترزاق وكنت تقول دائما ان هؤلاء يحبون الغرباء ويخشون الله أكثر منا ....
ألم تكن تقول هذا.ألم تكن تُسبِّح باسمهم ؟
هز رأسه يمينا ويسارا وهو ينظر في الارض... ورأسه ملتصق بصدره ,وكأنه يتحاشى بذلك مواجهة عيوني...مستدركا :
نعم كنت أقول ذلك..بل اكثر من ذلك أحيانا . اتذكر يوما قال لي جاري الهولندي :
أنتم مجرد لصوص محترفين...أنتم مجرد طفيليين...لا ضمير لكم ...أنتم غزاة ...
ولم أقل حينذاك شيئا لأرد عليه اوأدافع به عن نفسي مستحضرا وقتذاك قول من سبقونا من الجيل الاول:
" ما دير خير ما يطرا باس " !!
نظرت إليه وهو لا زال مطأطأ الرأس ..و لم أقل له انا أيضا اي شئ ...
كنت سأقول له أن الجيل الذي مر من هنا قبلنا كان شيئا والحاضر الان شئا آخر..
في الماضي لم تكن ذئاب الحاضر قد ظهرت بعد...ولم تكن قد كشرت عن أنيابها كما تفعل اليوم...تبتسم في وجوهنا وهي تكيل لنا جمراً وترميها على أجسادنا...
وهؤلاء الذين يتبججون اليوم بأنهم أفضل منا . الكثير منهم صنعتهم أجيالنا التي مرت في يوم ما من هنا... حررت لهم أراضيهم.. وأرست الاستقلال وقواعد الحرية فيها ورحلت في صمت رهيب.. والباقي منها لم تعد تخشى الان أحدا...منهم من لا زال ينتظرساعته هناك في بلد الميلاد ومنهم من لا زالت تتقاذفه عتبات دورالرعاية هنا وكراسي منتزهات هولندا ..
لم يعد صديقي يطيق الصمت أكثر, أحسست ان أسئلة كثيرة بدأت تزدحم عنده للبحث عن أجوبة ما:
مهلاً مهلاً .. قال: لقد ظلمني هذا الزمن كثيرا وعلي أن أنتقم من كل من سبب في هذا الظلم..
قاطعته قائلا: ليس هذا ما أقصده...
قاطعني هو الاخر ودون حتى ان انهي كلامي وقال :
ماذا تريد مني أن أفعل , هل أكون ملاكا وأغفر لهم كل شئ ؟
هل أعترف لهم بأنني لا أملك أي حقِ في هذه الأرض التي أنا عليها ,رغم أني وُلدت فيها وعليها .
هل تريدني أن أتعرى لهم ليجلدوني...ثانية.
بينما كان يتلفظ بهذه الكلمات كادت دموعه تسقط...
سكت للحظة..تنفس الصعداء بهدوء لم أعهده فيه.. ثم ابتسم ورد قائلا...
أعلم أن الظلم قاس ومؤلم يا صديقي.. ولكني أقول لهؤلاء أننا نحن الضعفاء هم الأبقى هنا لأننا ...الأنقى .
تتشدق الأحزاب هنا وكذا الحكومات المتعاقبة بشعارات حقوق الإنسان، وهم في الواقع يتعاملون معها بوجهين متناقضين، إحداهما للداخل في التعامل مع المواطنين الهولنديي الاصل حيث لا حرج ولا إشكال في أن يتزوجوا متى يريدون ومتى شاؤوا وبمن يريدون..تتزوج امرأة بامرأة او رجل برجل أو..أو..فلا مجال للاعتراض هنا , لا مجال للتدخل في حرياتهم الشخصية ...
ولكنهم بالمقابل وفي تعاملهم مع المواطنين الأخرين ( المغاربة بالخصوص) لا يعبأون بهم ، ولا يكترثون إلا بما يخدم أهدافهم ومصالحهم ... بل ليس لحق هؤلاء ان يختارو شريك حياتهم كما يشاؤون أو أن يحبوا ويتزوجوا بمن يشاؤون ...عليهم قبل الحب والزواج ان يلتزموا بشروط الحب والعشق بل وحتى بشروط الاحلام ... أولها ان تجيد فتى الاحلام اللغة الهولندية..
تجتازالامتحان هناك لتأتي الى هنا ..وتعيده هنا ثاتية لتبقى هنا ..وإن رسبت هنا أعادوها ورحَّلوها الى هناك...مِن حيث أتت...
وآخرها وليس بآخر, أن يكون الدخل المادي" للعاشق" يتعدى الاَّمعقول ولو بقليل !!,,وبين الشرط الاول والاخير, متاهات ومتاهات لا نهاية لها ولا آخر.
هذا ناهيك عن مشاريع قوانين اخرى في الطريق لا تقل خطورة ..وعنصرية وعددها قد وصل إلى حد الان الى اكثر من عشرون قرار وما فوق...
وهل يُنتظر فى مثل هذا السياق يا صديقي وهذه المتغيرات التي تشهدها سياسة هولندا وساساتها تجاه الاجانب وبهذا الشكل التعسفي أن تنتشر مفاهيم حقوق الإنسان بعد ، ناهيك عن أن تحترم؟
كل الأسئلة و كل علامات الاستفهام والتعجب التي كانت تهاجمني وصديقي يبوح بكل هذا لم تشغلني عن الاستمرار في الاستماع اليه ..
بدأت أثق بكلامه .. سرحت للحظات معدودة بفكري وأنا أحاول أن اعرف لماذا جعلتنا ظروفنا كالخرفان نباع بأبخس الأثمان.
وكنت أحاول في كل مرة ان أجد لي مخرجا أُقنع به نفسي قبل صديقي ان كلامه ليس صحيحا أو على الاقل جزءا منه ليس كذلك..
وانا الذي يعرف النقطة التى افاضت كأس صديقي..أتخيله وكأنه يسمع ما تهمس به حبيبته هناك وهي تحاور نزار قباني في كتبه:
"هذا الهوى الذي أتى..من حيثُ ما انتظرتهُ ...مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ...لو كنتُ أدري أنهُ.. بابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُ ...هذا الهوى.. أعنفُ حبٍّ عشتهُ ...فليتني حينَ أتاني فاتحاً ...يديهِ لي.. رددْتُهُ ...وليتني من قبلِ أن يقتلَني.. قتلتُهُ.."
نظرت اليه بابتسامة مصطنعة وقلت:
ربما يكون دافع الدولة من وراء كل هذا هو الحفاظ على العائلة ومصلحتها وذلك بالحرص على ادماجها سريعا في الحياة العامة باعتبارها تشكل الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية لكل مجتمع ولذلك وجب عليها حمايتها...و ،
وقبل أن انهي كلامي رأيته يضحك في صمت..وسمعته يهمس بصوت منخفض وكأنه لم يبالي بما قلته أو بالأحرى لم يُقنعه كلامي قائلا :
إذا كانت الدولة حقا تريد الحفاض على هذه العائلة .. فقد تم كذلك وبالمقابل الاعتراف للافراد رجالا ونساء مِن مَن هم في سن الزواج بتكوين أسرة ...والتي يجب أن تتشكل اساسا نتيجة القبول والرضا الكامل لأطراف العلاقة وبالتالي يقع على كاهل هذه الدولة أيضا اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين المساواة في كافة الحقوق والمسؤوليات وفي كل مراحل الزواج المختلفة... ولكل الافراد دون تمييز .. وليس فرض شروط تعجيزية على البعض دون الاخر ...وقمع هذه العلاقة بفرض قوانين تجعل الشخص في الاخير مجبرا على اختيار شريك الحياة كما تشتهيه السلطات هنا وليس كما يرغب الشخص نفسه... دون أي اهتمام او اكتراث لكل ادعاءاتهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان الخاصة بالافراد والتي تُبتلى في آخر المطاف بهمجية بعض قوانينهم وبربرية بعض مشاريعهم "الفيلدرزية" في توظيف حقوق الإنسان لخدمة مصالحها، بل لا تتورع عن إهدارهذه الحقوق فى سبيل هذه المصالح إذا ما اقتضى الأمر.
ومن الأمثلة الحية في هذا المجال ما لا يُحصى..منها هذه الشروط التي تفرضها السلطات الهولندية على طالبي التأشيرات الجدد من آجل بناء أسرة وتكوين عائلة ..
ألا تنص اتفاقية حقوق الانسان الدولية في مادتها السادسة عشر على أن:" للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين و...و...و "
أليس في بنود حقوق الانسان ما يؤكد على ان لكل شخص الحق في أن يحب وان يتزوج ويكون اسرة...
ألا تنص أكثر من اتفاقية دولية على هذا الحق بشكل صريح،
اليس من بين الحقوق المدنية (الفردية) التي تقرها هذه الاتفاقيات , الحق في الحياة والحرية وفي الأمان,
ألا يُعد الحق في الحياة أحد الحقوق الطبيعية التي يجب ان تضمن لكل إنسان، بل ان حماية هذا الحق لا يقتصر على عدم المساس به من قبل الدولة وسلطاتها العامة فقط ، بل هو حق يتطلب ضمانه التزام هذه الدولة بمنع حدوث الاعتداء عليه من جانب الهيئات، والجماعات، وتوقع الجزاء على من يعتدي على هذا الحق بأي شكل من الأشكال.
أو لم يعلمونا هنا وعلى مقاعد مدارسهم على ان لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة، ويحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي !!!
ألا يُعتبر تدخل الدولة في اختيار شريك الحياة ...تعسفاً ؟!
أصبح عقلي مشوشاً وغير قادر على تصديق ما أسمع.
قاطعته بعد أن لاحظت انه مستاء كثيرا بالوضع قائلا :
ان تدخل السلطات العامة في مباشرة هذا الحق، ينص عليه القانون احيانا ، ويعد اجراءاً ضرورياً، لحماية النظام ، أو لحماية حقوق وحريات الغير، وهذا يعني ان حماية الحياة الخاصة والعائلية والمحافظة على حرمتها و..و. ليست مطلقة إذا ما توافرت كل شروطها ...أي إذا كان تدخل الدولة ضرورياً لمباشرة الحقوق المذكورة توافرت أسباب ضرورية تبررالتدخل،
نظر الي بنظرة تشوبها السخرية وكأنه متأكدا ان كلامي ليس الا تحصيل حاصل الهدف منه هو فقط تهدئته ومن ثم سمعت صوت هادئ وبدا لي بأنه يحاول تهدئة الامر كذالك قائلا :
لقد أصبح تسييس حقوق الإنسان هنا وزيف ادعاء السلطات بتبنيها لهذه الحقوق يشكلان معوقاً خطيراً لاحترامها في هذه البلاد .
إذا كان المبدأ الناظم لحقوق الإنسان هو المساواة بين البشر كافة فى حقوق تترتب لهم لمجرد كونهم بشر..فماذ عسانا نقول عنه إذا كان يعتبر واحداً من خصائص الدولة الديمقراطية ... حيث جميع الأفراد متساوين دون أي تفرقة أو تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين، المساواة أمام القانون وأمام القضاء وأمام الوظائف العامة.
أم أننا لا نتساوى الا أمام التكاليف العامة، كأداء الضرائب...
تنهد ونظر الي فقال :
أعِد حساباتك يا صديقي... أعدها كليا عساك تجد تفسيرات أخرى غير تفسيراتي للاشياء...
هل تتذكر مقتل السياسي بيم فورتاون في 2003 من قبل هولندي أبيض اللون ، والذي حوكم بالسجن لمدة 13 سنة ...وهو الحدث الذي خلط حينذاك أوراق الأمن والقضاء والساسة الهولنديين، حيث أثبت لهم بأن القاتل أو المعتدي ليس بالضرورة ان يكون أجنبيا ذا شعر أسود أو بشرة سوداء...كما يزعمون دائما وكما يحاولون إقناع العالم بذلك ..
وهل تتذكر بالمقابل قاتل المخرج السينمائي ثيو فان خوخ والذي بعثر هو الاخر نفس الأوراق، ليس لأنه يحمل هو أيضا نفس اللون الأبيض، وإنما لأنه هولندي المكان والزمان ,هولندي المولد والتربية والثقافة...ولكن ولأنه ليس هولندي الاصل بل مغربي الاصل والجذور...إحتارو في أمره ...وحوكم بالسجن مدى الحياة ...
أفهمت يا صديقي..جريمة واحدة ...وحكمين مختلفين !!!
كنت صامتاً أستمع له باهتمام..
لم أجد كلاما أقوله ..حاولت ان أجد مخرجا رغم اقتناعي الاكيد بكل ما قاله صديقي ..
قلت له: ربما هناك حيثيات وظروف للقضيتين نحن لا نعلمها وان القاضي وحده العارف بها...و.
قاطعني: بل عليك يا صديقي ان تقول بان هناك خطوط غامضه في القضيه لا نعلمها !!!
واستطرد قائلاً : أتعلم أن هناك مشروع قانون آخر يوجب القانون بمقتضاه ترحيل أي" مجرم" الى بلده " الاصلي" بعد قضاء مدة العقوبة التي تفوق 12 سنة ...إذا كانت جذوره غيرهولندية وهذا حتى ولو وُلد هنا..لا فرق, يُسحب منه جواز سفره ويُرحَّل الى بلده ..المغرب أو تركيا ...
اما الهولندي ذو الاصول الهولندية فسيتم إدماجه من جديد في المجتمع بعد قضاء نفس المدة بل وتتم مساعدته في العيش والحياة الكريمة ..
أهذه هي المساواة أمام القضاء ، والتي تنص في الاصل ألا يكون هناك تمييز لأشخاص على غيرهم من حيث القضاة أو المحاكم التي تفصل في الجرائم ولا من حيث العقوبات القانونية التي تقرر على مرتكبيها...
ألا يُذكرك هذا يا صديقي, بالمحاكم الفرنسية قبل الثورة الفرنسية... في طرق تنفيذ بعض العقوبات حيث كان الأشراف يعدمون بضرب العنق (المقصلة) في حين كان يتم اعدام غير النبلاء شنقاً.
وناهيك عن المساواة أمام الوظائف العامة والتي تُلزم مؤسسات الدولة بعدم التمييز بين المواطنين... فهنا حدِّث يا صديقي ولا حياء ولا حرج...
الحديث مع صديقي كان سيطول أكثر..خاصة بعد ان بدأت آرائنا تختلف وتتشعب طرق معالجتها أحيانا .ولكن الشئ الاكيد الذي لا يختلف عليه اثنان...هو أن كلام صديقي يجب أن يقال جهرا ...يُقال لكل المؤسسات والهيئات والادارات, يُقال لكل مسؤول وحاكم.و... هي حقيقة لا تُخفى على أحد ...معروفة لدى الجميع, فقط ينقص الكثيرمنا بعض الصدق وكثير من الجرأة للبوح ..والمواجهة..
و بدون أن نحس بالوقت ...بدأ الظلام يعم في الخارج...
كانت الشمس قد غربت... استاذنت صديقي السماح لي بالذهاب..
قاطعني: هل تمانع من شرب فنجان قهوة ؟
قلت : لقد أصبح الوقت متأخراً.... علي أن أذهب
خرجت... مشيت قليلا ..سكون غير طبيعي بالخارج أشبه ما يكون بسكون المقابر! توقفت للحظة ثم استدرت مبتعدا عن البيت لمحت صديقي وهو يلوح بيده لي ويقول بصوت عالي :
إحساس جارح و مؤلم يا صديقي أن تتجرع مرارة كل هذا الذل في مكان ...هو وطنك في الاوراق الرسمية و منفاك في واقع الساسة الذين يحكموه ...
كم كنا بلداء ولا زلنا ونحن نحلم ان نصنع الحياة هنا ونبني ممالك للحب و...الخلاص ونُغني للنهارات القادمة...كم كنا أغبياء عندما ظننا وآمنَّا بأننا .... مثلهم...!!!
والآن والأشياء سيدة.. على حد قول محمود درويش.
وهذا الصمت عالٍ كالذبابه...هل ندرك المجهول فينا؟
هل نغني مثلما كنا نغني ؟
سقطتْ قلاعٌ قبل هذا اليوم لكن الهواء الآن حامض...
سينكروننا لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرار...هم يسرقون الآن جلدنا ...فاحذر ملامحهم .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.