وقع رئيس الحكومة، السيد عبدا لإله بنكيران، في فخ أعداءه، هؤلاء التماسيح والعفاريت الذين يتربصون به منذ حلوله بمبنى رئاسة الحكومة، استطاعوا أن يوقعوه في شراكهم آخر الأسبوع الذي مضى، حين برمجوا له، من حيث لا يدري، زيارة إلى حظيرة تربية أرانب في ضواحي مدينة تيفلت... ما كان عليه أن يفعل دون أن يستشيرني، هو يعرف، من باب علم الحكومة بكل شيء، أنه لي تجربة كبيرة في تربية هذه الحيوانات التي تبدوا ظاهريا أنها جميلة وأليفة، لكنها تبطن في دواخلها شروراً كثيرة تناقض في مجملها المرجعية العقائدية والسياسية للسيد رئيس الحكومة...
لعل ما لم ينتبه إليه، هو أن هذه الأرانب التي كانت تربيتها في الكثير من الدول الأوربية، وإسبانيا من هذه الدول والتي يعود أصل تسميتها إلى الأرنب، إذ أن كلمة اسبانيا تعني باللاتينية أرض الأرانب، تشكل رافعة لدعم احتياجات شعوبها من لحوم غنية ببروتينات خفيفة، تناسب مرضى السكري والمصابين بارتفاع الكولسترول وغيرها من أمراض العصر، هي حيوانات محرمة في الدين الإسلامي، وفق حديث نبوي منسوب إلى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: " سألت رسول الله ( صلَّى الله عليه وسلم) عن المُسُوخ .فقال : هم ثلاثة عشر : الفيل ، و الدّب ، و الخنزير، و القرد، والجِرِّيث ، والضّب ، والوَطْواط ، والدَعموص ، والعقرب ، و العنكبوت ، و الأرنب ، ... إلى آخر الحديث " ..
قد يقول رئيس الحكومة أن هذا الحديث غير صحيح، أو أنه مما تتداوله الشيعة وليس السنة التي نحن على مذهبها، لكن على أي حال تبقى الأرانب، على جمالها وغنى لحمها، غير منخرطة في السلوك الغذائي لدى الكثير من المغاربة والذي كان سببا في ضيق سوق تصريفها من جهة لترسبات الأصول الشيعية لدى المغاربة الأولين، ومن هذا المنطلق الديني بالذات، تأتي زيارته تتويجا للتعارض الذي ينسجه بنكيران مع مجموع مواطنيه والذي ينسبه، ربما عن حق، إلى التماسيح والعفاريت...
لم يكن ذلك سوى تتويجا لامتحان العقيدة في هذا الوسط المغربي المنفتح والمحتفي بالحياة، فالتماسيح والعفاريت لم تكن تريد سوى إفهام بنكيران، أن تصويت بعض المغاربة على حزبه، ليس لأنه يحمل القيم الدينية والمرجعية الإسلامية، فتلك مشتركة بين جميع المغاربة وجميع الأحزاب تقريبا، فبعد أن فشلت الحكومة في منع الخمور، وفشلت في وهبنة المجتمع عبر تقييد سلوكها وعيشها العادي، وعبر حنث وزير الاتصال إذ لم يغادر كرسيه رغم أن لعبة اللوطو وكثير من وصلات المغربية للرهان لا زالت تمر في التلفزة العمومية بأشكال مختلفة، جاء الدور للاستئناس بالأرانب، بكل ما تحمله هذه الحيوانات من صفات متناقضة بين ألفتها من جهة، وخبث العفاريت والتماسيح من جهة أخرى...
بالرجوع إلى موضوع الزيارة، وفي إفادة للسيد رئيس الحكومة، لا بأس من تنبيهه أن أنثى الأرنب شبقية بشكل لا يمكن تصوره، ولا أتمنى له أن يقع بين أيدي أنثى بشبقها، وهي تلد على رأس كل شهر، وتلد في المعدل ما بين خمسة خرانق إلى عشرة، وأنثى الأرنب أكثر شراسة من الذكر.
الآن، حيث "الفاس وقعات في الراس"، لا بأس أن تستغل هذه الزيارة في الدعاية لهذا النوع من اللحوم، ومحاولة تشجيع إنتاجه عبر نشر خصائصه الغذائية من جهة، وعبر مراجعة فكرية لتصور الناس حوله، خاصة في شقها الديني ، وتخليص الاستثمار فيه من تبعات تبذير أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية...