تبدو "المغربية" خامس قنوات دار لبريهي غير معنية لا بالدخول الرمضاني ولا حتى بالمشاكل الحالية للمهاجرين المغاربة خصوصا مع الأزمة المالية والاقتصادية التي تخيم على الأجواء الأوربية، علما أنها موجهة أساسا إلى حوالي 4 ملايين مغربي يقيمون بالخارج، لذلك فهي الوحيدة التي لا تتوفر على البث الأرضي. فمع الدخول الرمضاني، قدمت غالبية القنوات المغربية شبكاتها البرامجية الجديدة باستثناء المغربية التي ستظل هذا الموسم كذلك وفية لعادتها القديمة المتمثلة في إعادة بث أفضل برامج القنوات المغربية الأرضية في تواقيت تتلاءم والفارق الزمني مع أوروبا، في إحدى الغرائب التلفزيونية التي ينفرد بها المغرب، لأن كل القنوات الأرضية المغربية تتوفر على بث فضائي وبالتالي "فالمغربية" تشكل فقط "تكرارا تلفزيونيا" لا يلائم طبيعة انتظارات وهموم وخصوصية جمهورها المستهدف وهو الجالية المغربية المقيمة بالخارج. إن "المغربية" ومنذ انطلاق بثها سنة 2004 وهي تعيش أزمة هوية تحريرية حيث شكلت طيلة هذه المدة مختبر تجارب لمجموعة من التصورات البرامجية، دون أن تتمكن من فرض نفسها إعلاميا رغم أن نسبة مشاهدتها تصل إلى 2.3 بالمائة وهي نسبة مرتفعة نسبيا قياسا لباقي القنوات الأخرى. ففي البدء انطلقت بإعادة بث أفضل برامج الأولى ودوزيم وبطاقم لا يتعدى ثلاثة موظفين. أما اليوم فتغيرت بعض ملامحها، لكن دون أن تنجح في تغيير صورتها لدى المشاهد المغربي. وقبل ثلاث سنوات، ظهر بدار البريهي حلم كبير تحدث عن مشروع تحويل قناة "المغربية" إلى قناة إخبارية تبث على مدار 24 ساعة بطاقم يجمع بين قدماء دار البريهي وفريق صحافي جديد، وبهدف استراتيجي يتلخص في تقديم أخبار صحيحة ونزيهة عن المغرب وبالتالي عدم ترك الفرصة أمام القنوات الأجنبية للتحدث عن سياسة البلاد وفق رواياتهم الخاصة مما ينبئ بأسلوب جديد في التعامل مع "المعارضة الإعلامية" القادمة من الشرق وأحيانا من الشمال. لكن هذا الحلم انكسر مع أول انطلاقة، فضاعت الرهانات الكبرى والاستراتيجية وسط بوليميك تعيين نجل الوزير الأول عباس الفاسي منسقا عاما للقناة. فكان التغيير الوحيد الذي عاينه المشاهد على الشاشة، تمرير شريط خاص بالأخبار أسفل الشاشة عبارة عن نسخة تلفزية لقصاصات وكالة المغرب العربي للأنباء وبطريقة جد انتقائية، أما النشرات الإخبارية خارج المواعيد الجديدة، فظلت تنقل "مسجلة" عن الأولى ودوزيم خلافا لكل الأعراف التلفزيونية. وحتى عندما جاء الخلفي وزيرا للاتصال وأحيى مشروع تحويل "المغربية" إلى قناة إخبارية بأربع لغات في دفاتر تحملات الإعلام العمومي، توقف المشروع من جديد بعدما جمد العمل بهذه الدفاتر التي أثارت زوبعة سياسية وإعلامية وثقافية كبيرة، لكن في فنجان فقط.