لا يمكن للمرء و هو يتابع برنامج حوار الذي يعده المحال على التقاعد و المتعاقد مع التلفزة المغربية مصطفى العلوي ، إلا أن يبدي استغرابه من الطريقة التي يدبر بها هذا الرجل برنامجه ، ابتداء من الكيفية التي يطرح بها الأسئلة و التي تأتي دائما بصيغة «غادي نحصّل الضيف و نبني ليه منداف « . فهو عندما يسأل الضيف سواء كان وزيرا أو زعيما سياسيا لا يرفع عينيه عن الورقة الموضوعة أمامه و يبدأ في سرد كلام مكتوب يستقيه من الصحف ، و هو في درجة أولى منشط و منسق لهذا البرنامج و يستدعي لمحاورة الضيف صحفيين و أساتذة جامعيين و يتسابق في إلقاء الأسئلة دون تمكين هؤلاء من محاورة المُحاوَر ، كما حدث في الحلقة التي استضيف فيها الوزير جمال اغماني و أيضا في الحلقة التي ضمت نزهة الصقلي وزيرة العمل الاجتماعي . مصطفى العلوي الذي كان ذات مرحلة يطبق مقولة العام زين والدنيا هانية ، أصبح اليوم يناقش القضايا الكبرى بطريقته ، يسائل الوضع السياسي و المشهد الحزبي والحقل الإعلامي عن إعاقاته و هو الذي كان أيضا جزءا من ثقافة سياسية و إعلامية مهترئة وجد تقليدية . هذا الرجل جد واضح مع نفسه .. يغير المعاطف في كل محطة و يوهم المشاهدين كما قد يوهم نفسه أنه نجم برنامج حواري على شاكلة البرامج الحوارية الكبرى و المعروفة في التلفزات الفرنسية و الأمريكية . من الناحية المهنية .. هناك قصور جلي في أدائه الحواري ، و لولا طبيعة و عيار الضيوف المدعوة لبرنامجه لما تفرج عليه السياسيون ، كما أنه ضعيف على مستوى التكوين السياسي رغم قضائه زهاء أربعين سنة بدهاليز التلفزة المغربية ، يوضح هذا سطحية وركاكة أسئلته و عدم وجود عمق مهني في تعاطيه مع القضية التي يريد أن يعالجها مع ضيوفه. مثلا يطرح صحافي سؤالا على الوزير أو القائد الحزبي ، ينبري للتو في طرح سؤاله و محو سؤال الصحافي بدون أي احترام أو تشبع بالقيم المهنية التي تؤطر مثل هذه البرامج إن حال برنامج حوار ، البرنامج الوحيد من نوعه في أم القنوات التلفزية المغربية ، يجعل من حقنا أن نطرح التساؤل التالي : ألم تلد التلفزة خصوصا في مرحلتها الجديدة الموسومة بالهيكلة الجذرية التي يقودها فيصل العرايشي ، صحافيين شباب و مهنيين ، أو على الأقل مثقفين يستطيعون إجراء حوار في برنامج تلفزي على شاكلة هذا البرنامج و بأسلوب سلس و أنيق و نفاذ؟ولماذا عدم الانفتاح على طاقات أكيد أنها متواجدة والاعتماد على الوجوه القديمة؟ فعندما نسمع عن الانتقال و التحول في شتى المجالات في بلادنا ، و نرى مثل السيد مصطفى العلوي يؤثث شاشتنا العمومية و يفرض نفسه بالقالب القديم و المتجاوز ، نستنتج مع المستنتجين أن القضية الإعلامية ما زالت تراوح مكانها خصوصا في الشق البصري و أنه لابد في النهاية من إجراء حوار حول برنامج حوار لتشذيبه و تنقيته من عوائق الانتباه !!!.