تساءلت وأنا أتابع برنامج حوار في حلقته الأخيرة التي استضافت الأستاذ عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هل كتب على هذا الأخير أن يبقى دائما في قسم التحضيري وأن تطرح على قياداته في برنامج حوار خاصة الأسئلة نفسها تقريبا، وكأن الزمان متوقف والحزب حالة جامدة ولا تتطور رؤاه ولا مقارباته ولا مواقفه. دائما تطرح على قيادات حزب المصباح الأسئلة نفسها، حول الموقف من المهرجانات وعلاقة الدعوي بالسياسي، العلاقة مع الإصلاح والتوحيد، تقليص المشاركة في الانتخابات بقرار حزبي أم بتدخل من وزارة الداخلية وضغوطها و... الأمر الذي يجعل المتابع يتساءل هل هو أمر موجه مقصود لرسم صورة معينة على الحزب في الأذهان والعقول، أم أنها رغبة خاصة للزملاء الصحافيين لأنهم ربما يرون في تلك الأسئلة إثارة وتشويق دون أن ينتبهوا أنهم بذلك لايقدمون إلى المشاهد معلومة جديدة ، لأن قصد السائل في نهاية المطاف من حيث الأصل أن يستخرج معلومة جديدة للمشاهد لا أن تتكرر نفس الأسئلة والأجوبة. شخصيا أرجح الاحتمال الثاني الذي لايساهم مع الأسف في مايمكن أن نصطلح عليه بالتثقيف السياسي للمواطنين وتشجيعهم على الانخراط في العمل السياسي ومتابعة قضايا الشأن العام. ولئن كان هذا يحصل بشكل واضح وملفت مع حزب العدالة والتنمية، فإن أحزاب أخرى لا تسلم من هذا التكرار في الأسئلة. فقبل أن يستضيف الزميل مصطفى العلوي الأستاذ محمد الأشعري في برنامج حوار، استضافه من قبل بأسابيع قليلة الزميل عبد الصمد بن شريف في برنامج تيارات ، وكم كانت خيبتي كبيرة عندما طرحت الأسئلة نفسها تقريبا على الضيف ونفس الإشكاليات،ولم تختلف إلا الصياغات، وكأن الحوار معاد، قدم في البداية بالقناة الثانية وأعيد في القناة الأولى، ولم يتميز حوار عن تيارات في استضافتهما للأشعري إلا عدد السائلين ومحور الإحاطة علما وثلاثة أسماء، وفضاء البرنامج صحيح أن نسبة المشاهدة قد تختلف، لكن ذلك لايبرر مطلقا طرح نفس الأسئلة تقريبا ، لان المشاهد وخاصة المتابع يصاب بالملل ، ويخرج بانطباع وبأحكام كثيرا ما تكون بعيدة عن الحقيقة . في أحد المرات سألني شاب مثقف قائلا : بالله عليك عندما تحضرون برنامج حوار، هل تعطاكم تعليمات وتوجيهات بطرح أسئلة معينة وبعدم طرح أخرى و...، فأجبته بأن كل ماقاله غير صحيح مطلقا فقد شاركت أكثر من مرة ، منشط البرنامج يطلع الصحافيين فقط على المحاور بشكل عام ، ولهم أن يطرحوا الأسئلة التي يشاؤون، قد يأخد الزميل العلوي الوقت أكثر أحيانا ويتحول من منشط البرنامج إلى المحاور الرئيسي وباقي الصحفيين إلى متفرجين أو قريبا من ذلك، بحيث تلاحظ من حلقة لأخرى اختلاف أداء الصحفيين من حيث الأسئلة ونوعيتها وجدتها من قدمها وتكرارها في البرنامج باختلاف تكوينهم وشخصيتهم وتوجهاتهم ومؤسساتهم الإعلامية وتوجهاتها كذلك. عودا على بدأ، ما أتساءل عنه بخصوص حزب العدالة والتنمية، هو لماذا لم يمل من الجواب على الأسئلة نفسها والقبول بسياسة إبقاءه في التحضيري ؟ ولماذا ما يزال يجد نفسه مضطرا لتقديم نفسه كحزب مغربي وطني عادي، وهي مهمة كان من المفروض أن تكون قد انتهت قبل سنوات؟ هل يرجع ذلك فقط لعوامل خارجية و للحملات الإعلامية القوية التي تخاض ضده بين الفينة والأخرى، أم أن هناك عوامل وأسباب ذاتية داخل الحزب ساهمت في تكريس هذه الوضعية، لأنه من الصعب أن نفسر دائما ذلك فقط بأسباب خارجية.