ما عساك تقول فيه صغيرك الذي سقط في حب الوطن دق قلبه بقوة ؛اجتاحته البرودة التي تحتل العاشقين تشلهم برهة ثم تحررهم فاتحين ؛صغيرك البريء قرر أن يعترف أمامك انه ذاهب إلى حيث يقدم التغيير حقنة مزيلة للغليان ؛والاحتجاج مضادا للاحتقان ؛والمحاسبة مصلا ضد التعفن والفساد ؛اعتمر الكوفية لحن النكبة وحمل شجونك وحلم العدالة والكرامة وذهب إلى الساحات حيث ترسم الشعوب خرائط الأزمان التي تريد . ماعساك تقول فيه حين أخذ نفس العزيمة بعمق ؛تحدى نظراتك الطاعنة في المرارة وكلماتك المتعبة عن وصفة النضال التفاوضي والانتقال الديمقراطي ونعم السياسية وخيار التناوب وكل الطبعات غير الواضحة لمعالم تدبيرك لأحلام القوات الشعبية ،خرج صغيرك من بياناتك التي صودرت ومن مشاريعك التي أجهضت ومن أوراقك التي كتبتها حين كان الحبر دمك ولملمتها من أجل الوطن، فضاعت تحت أقدام الرفاق.... الصغير استرق السمع حين كنت تناجي شهداءك ؛تتمسح في أثوابهم ؛تجلد أيامك بدونهم وترثي مآل الحلم بعدهم؛ ثم تقسم قسمك المليون على أن التحرير هو السبيل وأنك مازلت على الطريق؛... الصغير ترعرع بين يديك تهدهده ببريق الوطن حين تفصل السلط وبفصلها تسطر أسماء الصلاحيات وحدودها وتختفي ملامح السلطة المطلقة وضربات التعسف والشطط؛ وتعرف في وجه من تشهر سيف المحاسبة حين يظلم الوطن ؛هو نفسه الثائر الغاضب الذي تصورت في حضرته مغربا يكون فيه القضاء سيف العدل المسلول وكلمة الفصل الأخيرة والمستقلة ؛ وعدت غده بسمو حقوقه الكونية على كل القراءات المفصلة على قوام النزوات الاستبدادية؛ ورسمت له وجوه مفسدي المال العام كالشياطين بأذيال وقرون وألسنة من لهب ....ألست أنت وحدك الذي كتبت بحريتك وشبابك وليالي المخابئ والمخافر والانتظار المطبق حروف الملكية البرلمانية كأسمى أشكال تعاقد الحكام والشعوب ؛وجلجلت معانيها في قلبك وعقلك ولسانك متحديا وحشة الساحة إلا من خطواتك أنت والرفاق ؛ باحثا دون جدوى عن أصوات تقول معك قراءة المستضعفين لمشروع تفكيك قبضة الحديد والنار؛ حاملا وحدك كفن الشهيد ؛خياره الثوري وأمل النصر للقلوب الوجلة ؛ألم تصف له مغرب المؤسسات الذي تسمو فيه إرادة الشعب وتكرس سيادته ......وتقسم ثرواته بالعدل وتتكافأ فيه الفرص وتهزم فيه الزبونية والرشوة والريع...؛ألست أنت الذي وعدت في وجوده الطبقات الشعبية بنحت الصخر من أجل العدالة الإجتماعية وكتبت تمكين النساء آية للوعظ وتميمة للإصلاح ؛ تضمن مغربا عادلا و ديمقراطيا . فما عساك تقول فيه اليوم ؛حين خرج لا يحمل من الزاد إلا أدبياتك ؛شحنتك الثورية؛ حلمك المنكسر ؛شبابه وصلوات الصادقين فبعث الحياة في الشوارع المحبطة؛ أضاء قناديل الحواري اليائسة ؛روى غدد الآمالالناضبة ؛ شمر عن سواعد الشباب المتردد واقتلع كواتم الصوت عن نداء القوات الشعبية ؛كفكف انكسار الفعل السياسي ودور المثقف ؛فأزهرت قلوب المغاربة على يديه. فمم تخشى عليه اليوم؟ من نعم السياسية التي شقت صفوفك ذلك اليوم؛ وألقت بك في شجون فراق أحبة السجون والاعتقال والمتابعات؛ أم من فصول الانتقال الديمقراطي التي استنفدت عمرك وحرفت برامجك ؛كسرت شوكتك وأنهكت صبر قواعدك وأنغام شعاراتك ؛أم من قصور الرمال التي أسستها على حقك في المنهجية الديمقراطية دون ضمانات ؛فانهارت الأبراج بين يديك ومعها ثقة القوات الشعبية في صدق إرادتك؛ أتخشى عليه نكبات مطالبك ومآل مذكرات الإصلاحات الدستورية التي طرقت بها أبواب التغيير ولا من مجيب ...ظلمت ؛سفهت جلدت وحجر على صحتك التدبيرية فحجبت عنك الثقة دون وجه حق ؛ والآن سينصفك القدر على يديه... واليوم هو يعلن في حضرتك أن الحلم أكبر من أن يبقى حبيس بياناتك ومذكراتك الراكنة في الأدراج ؛ أعمق من جرحك وإحباطاتك ؛ ومن محطات التصدع و الخلاف ويبدأ النضال من حيث كبوت ؛يبعث في روحك المتعبة صورة مغربك الذي نظمت في لوعته سنوات من الإكراه الفكري والبدني ؛ وليثير ذاكرة التحدي من جديد في دمائك ...