بعد أن تقلص عدد مرشحي الرئاسة بجمهورية مصر العربية إلى 13 مرشحا، أخذت الأنظار تتوجه نحو خمسة منهم بحكم تاريخهم ومواقفهم وانتماءاتهم، وهم السادة: عمرو موسى، أحمد شفيق، محمد مرسي، عبد المنعم أبو الفتوح، وأخيرا حمدين صباحي.
سأقوم بتحليل بسيط لكل هاته الأسماء، وسأستخلص في الأخير الرئيس المحتمل حسب استقرائي للواقع بكل موضوعية.
بالنسبة للمرشحين "محمد مرسي" و"عبد المنعم أبو الفتوح"، ولو أن هذا الأخير ترشح بصفته مستقلا، إلا أنهما يشربان من نفس المعين وهو حركة الإخوان المسلمين. هاته الحركة، تضعها الولاياتالمتحدة ضمن القائمة السوداء، ومن الطبيعي أن تعترض على صعود أحد هذين المرشحين، وستشكك في نزاهة الانتخابات حتى ولو كانت ديمقراطية وشفافة، ومن الصعب أن تضع يدها في يد أحدهما، لأن القائمة السوداء مازالت حاضرة.
أما عن المجلس العسكري المصري، فهو أيضا سيشعر بالحرج إن نجح أحد المرشحين الإسلاميين، لا لشيء إلا لأن السيد محمد مرسي أو السيد أبو الفتوح، سيراجعان مواقف مصر مع الكيان الصهيوني، وقد تتأزم العلاقات فيما بينهما أكثر وأكثر، وهذا ما لا يرغبه المجلس العسكري، خصوصا وأن التطبيع مع "إسرائيل" هو الضمان لمعونات مادية تأتيه من دولة العم سام، وبالتالي، قد يعرقل المجلس العملية الانتخابية وفرز الأصوات ولو بطريقة غير مباشرة كي لا يفوز أحد هذين المرشحين.
أما بخصوص المواطنين المصريين، وبالأخص المنتمين منهم لجماعة الإخوان المسلمين، فقد نجد انقساما فيما بينهم، فالبعض سيتجه نحو التصويت على السيد عبد المنعم أبو الفتوح باعتباره كان حاملا لمشعل الانفتاح داخل الجماعة، ولما عُرف عنه من وسطية واعتدال، ولو أنه تم فصله منها بعد أن رشّح نفسه مباشرة بعد خلع الرئيس السابق مبارك. أما البعض الآخر من المصوتين، فسيضعون ثقتهم في السيد محمد مرسي باعتباره الممثل الرسمي للإخوان بعد أن تم إلغاء ترشيح السيد الشاطر.
ونأتي إلى السادة: "عمرو موسى" و"أحمد شفيق"، هؤلاء محسوبون على النظام السابق، أو كما يطلق عليهم "الفلول". لديهما مصداقية عند المجلس العسكري بحكم معاشرتهما لهم أيام حكم حسني مبارك، إضافة إلى علاقاتهما الطيبة مع الولاياتالمتحدة والغرب بصفة عامة. لكن المشكلة تكمن في المواطنين العاديين الذين قاموا بالثورة من أجل الإطاحة بالنظام المباركي الفاسد، هذا النظام الذي هو محسوب على هذين المرشحين المرشحين، وبالتالي من الصعب أن يتم التصويت لهما بأغلبية ساحقة، اللهم إلا إذا تم استعمال الأموال لشراء الضمائر الضعيفة.
وأخيرا المرشح الرئاسي "حمدين صباحي"، أحد المرشحين المستقلين، عرف عنه معارضته لسياسة مبارك. إن فاز بالرئاسة لن يجد المجلس العسكري المصري ولا الدول الغربية حرجا في قبوله، ولن يعترضوا عليه، لسببين اثنين، الأول: أنه لا ينتمي إلى الحركة الإسلامية في شخص الإخوان المسلمين، والثاني: أنه لا يُحسب على "الفلول"، بل مستقل استقلالية تامة. لكن مشكلته أنه ذو مرجعية ناصرية، وقد يتخوف البعض من أنه سيعمل على إحياء هذا التوجه من جديد.
في النهاية، المحتمل الرئيسي لرئاسة مصر قد يكون في المرتبة الأولى: إما السيد "حمدين صباحي"، أو السيد "عبد المنعم أبو الفتوح"، وفي المرتبة الثانية: السيد "عمرو موسى"، ويليه السيد "محمد مرسي"، وأخيرا السيد "أحمد شفيق".
ولو أني أفضل أن يجرب المصريون نظاما جديدا، فقد جربوا الحكم الناصري، والحكم الاشتراكي فلا ضير أن يجربوا الحكم "الإخواني" في شخص السيد "عبد المنعم أبو الفتوح". وفي الأول والأخير، يبقى الحسم في يد صناديق الاقتراع، وفي يد ضمائر الشعب المصري الحر.
حفظ الله مصر، وشعب مصر
مدونة الفكر الحر: http://sohba-liberter.blogspot.com/