غرفة مظلمة و ضيقة جدران تلاشت و استسلمت للسقوط، سقف يعلوه الصدأ، نافذة من زجاج مكسر شبه شفاف لا يكاد يخترقه الضوء، غرفة غلفتها البرودة و خيم على أرجائها السكون.أنزوي في ركن من أركانها أتحرك ذات اليمين و ذات الشمال جالس القرفصاء أو الأربعاء ،أسبح بخيالي في الفضاء و استحضر ذكرى الأحزان يطول الليل و أشرع في عد ساعات الظلام. لم يكن القمر قد لفته الغيوم بقيودها بعد وقد زينته النجوم المبعثرة حوله فأمسى كحسناء تشرف من قصرها و هي تحرك بأصبعها الذهبي الخدم و القيان. تنحني النجوم أمام نور القمر و تقترب منه شيئا فشيئا و تلثمه ما ظل نوره و مادام ضياء المكان، و لكن وحدي أعرف أن مملكة الضوء التي شيدها سيصادفها الظلام و تغرورق عيناه بالدموع و يصرخ في صمته معلنا الفراق. اجلس وحيدا مكسورا لا أنيس لي إلا وحدتي و مذياعي اليتيم، تزعجني أخبار الحوادث فأكبحه كي لا يتسرب إلى جسدي النحيل مزيد من الأحزان. أتحول من ألم إلى ألم و من وطن الغضب إلى وطن الأحزان من هنا إلى هناك دون أي كلام فلا ألمح إلا صمتا قد أحاط بالغرفة وصنع أصواتا روحانية تحرك الساكن وتضيء الظلام بالظلام. أتأمل نفسي أحاول أن أفسر المشاهد و أشرح الكلمات أتيه بين الحروف و تاخدني العبارات فأعود إلى صمتي الحزين، لماذا هذا الصمت ولماذا هذا البحث المتواصل لفهم المحال؟ أكثر الاستفهام و يهرب مني الجواب فادخل في هذا العدم الذي يخترقني بدون سلطان. احايل النوم و استدرجه إلي فيعلن العصيان، هو خط ابيض من نور يخترق غرفتي المظلمة و يستوطن المكان شيئا فشيئا فيختلط الضوء بالظلام، افتح النافذة ارفع عيني إلى السماء فإذا القمر قد غادر المكان.