إن المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب المنعقد يومه الجمعة 17 أكتوبر 2014 موافق 24 ذي الحجة 1435هجرية ، بعد دراسته للوضعية الاجتماعية والاقتصادية ، وللنقاش الجاري حول إصلاح أنظمة التقاعد وخاصة نظام المعاشات المدنية ودعوة بعض المركزيات النقابية لإضراب عام وبعد نقاش مستفيض وتقييم موضوعي من منطلق وطني صرف لمسار النقاش والدواعي المعلنة لإعلان الإضراب المذكور، وتأكيده على أنه حق دستوري مشروع تتحمل الجهات الداعية له مسؤوليته، فقد خلص المكتب الوطني إلى أنه غير معني بالإضراب المذكور للاعتبارات التالية : 1 - أن تقرير اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد الذي كان قد حظي بموافقة كل مكوناتها، بما في ذلك ممثلي المركزيات النقابية ، يؤكد على الطابع الاستعجالي لإصلاح نظام المعاشات المدنية من خلال إصلاحات مقياسية كخطوة أولى في اتجاه الصلاح الشامل تفاديا لاستنفاد احتياطاته وعجزه التام عن تأمين صرف معاشات المتقاعدين الحاليين والمقبلين على التقاعد، وتفاقم ديونه الضمنية ، وهو ما نص عليه تقرير اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد حيث نص بوضوح عما يلي : " إن الوضعية الحالية لبعض أنظمة التقاعد تستدعي اتخاذ إصلاحات فورية وذلك للحد من تفاقم اختلال توازناتها على اعتبار أن أي تأخير في وضع هذه الإصلاحات سيساهم في ارتفاع الالتزامات الضمنية وبالتالي صعوبة ضمان إستمراريته " ، وهو الأمر الذي زكاه تقرير مكتب دراسات مستقل، وتقرير لمكتب العمل الدولي فضلا عن تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر في الموضوع مؤخرا . 2- أن إصلاح نظام المعاشات المدنية والمقترحات الحكومية حوله ما تزال مطروحة على طاولة الاستشارة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى مائدة التفاوض مع المركزيات النقابية ، كما أن ملف التقاعد من الملفات التي خضعت للتشاور والتدارس والمقاربة التشاركية منذ تأسيس اللجنة الوطنية سنة 2004 . كما أن اللجنة الوطنية قد انعقدت في السنتين الأخيرتين بوتيرة غير مسبوقة، وقد كانت أشغالها متوقفة منذ سنة 2007، وهي اللجنة التي تتحمل المسؤولية في اتخاذ القرار بناء على نتائج تقدم أشغال اللجنة التقنية وهو ما لم يحصل طيلة المدة المشار إليها ، فضلا عن تدارس مسودتي قانون مرتبطتين بموضوع التقاعد من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باعتباره مؤسسة دستورية استشارية تعتبر المركزيات النقابية من بين مكوناتها إلى جانب فاعلين وخبراء اقتصاديين واجتماعيين معنيين بإصلاح أنظمة التقاعد بطريقة مباشرة. ومن المنتظر أن يصدر بصددهما رأيا استشاريا وفق مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي للمجلس ، وبناء على ذلك كله، واستحضارا لعدد من المعطيات المرتبطة بالوضع الاجتماعي ومسار الحوار الاجتماعي ، يؤكد الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على ما يلي : 1 - مطالبة الحكومة إلى العودة بملف التقاعد خاصة ، وبالملفات الأخرى ذات الصلة بالإصلاحات الهيكيلية في الحقل الاجتماعي، والقضايا المرتبطة بالملف المطلبي للشغيلة إلى مائدة الحوار الاجتماعي، مع التأكيد أن المسؤولية على إنجاحه مسؤولية مشتركة ، وأنه لا بديل في إصلاح منظومة التقاعد عن مقاربة تشاركية حقيقية وتحمل جماعي للمسؤولية حكومة ونقابات في هذا الملف الذي يرتبط به مصير معاش الأجيال الحالية والقادمة، وأن أي تهرب من هذا الطرف أو انفراد به من قبل الآخر سيكون المتضرر الأكبر هو الشغيلة بمختلف فئاتها ومكوناتها ، والأخطر من ذلك أنه سيترتب عليه اللجوء لإصلاحات أكثر قساوة كلما تأخر الشروع فيه. 2 - دعوة الحكومة إلى مراجعة مقترحها بالشكل الذي يخفف من حدة الإصلاحات المقياسية المقترحة ، ويوسع دائرة الحقوق المكتسبة كي تشمل مقاييس أخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الشاقة لبعض المهن وذوي الإعاقة في إقرار سن التقاعد، واتخاذ إجراءات مواكبة للإصلاح تمكن المعنيين من الانخراط فيه وتبنيه، وهو ما سبق أن عبرت عنه مذكرة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في الموضوع . 3- مطالبة الحكومة إلى تفعيل مختلف الآليات التي تم الاتفاق عليها من أجل مأسسة الحوار الاجتماعي باعتباره التزاما حكوميا سابقا، وإلزام القطاعات الحكومية المختلفة والمؤسسات العمومية على فتح حوار جاد ومسؤول تفعيلا للالتزامات الحكومية بمأسسة الحوار الاجتماعي واستكمال تنفيذ مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 وتدارس الإشكالات والمطالب القطاعية العالقة. 4 - إلتزامه بمواصلة النضال دفاعا عن المصالح المشروعة والمعقولة للشغيلة وتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة وللفئات التي توجد في السلاليم الدنيا، والتي لا تتمتع أحيانا حتى بالحد الأدنى القانوني للأجر على ضعفه وهزالته بالنظر إلى التزايد المطرد في تكاليف الحياة اليومية المعاصرة وخاصة في المدن الكبرى والمتوسطة، والطبقات الشعبية والفئات الاجتماعية التي تعاني من الإقصاء والعزلة والتهميش، وتكابد يوميا من أجل لقمة العيش، والتصدي لمختلف مظاهر الإجهاز على الحريات والحقوق النقابية سواء في القطاع العام والقطاع الخاص مع العمل على تعزيز ثقافة القيام بالواجبات والعمل والمردودية إلى جانب ثقافة المطالبة بالحقوق والنضال من أجلها . 5- التصدي لمختلف مظاهر الفساد الإداري التي قد تفرغ عددا من البرامج ذات الحمولة الاجتماعية ، كما هو الشأن بالنسبة لنظام المساعدة الطبية، وصندوق التضامن العائلي والسكن الاجتماعي وبرامج مكافحة السكن غير اللائق ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة، ومختلف مظاهر وصيغ التواطؤ مع المتهربين من التصريح بالأجراء والمستخدمين وكل الانحرافات التي تخرجها عن مقاصدها النبيلة ودعوة الحكومة إلى وضع الإجراءات الكفيلة بإدماج الاقتصاد غير المهيكل المضر بالاقتصاد والمنافسة وبالحقوق الاجتماعية للشغيلة، وتفعيل الاستهداف الاجتماعي في إطار إصلاح شمولي لنظام المقاصة يستفيد منه ذوي الدخول الضعيفة والمحدودة. 6 - التصدي لمختلف مظاهر الفساد المستشري في كثير من مؤسسات الأعمال الاجتماعية وفي مجال العمل التعاضدي التي أصبحت مرتعا لامتيازات محصنة من المراقبة والمحاسبة وقلاعا للفساد والريع، والتوسع في السفريات والتعويضات، وإقامة المؤتمرات والاحتفالات الاستعراضية على حساب المنخرطين والمؤمنين، ومطالبة وزارتي المالية والتشغيل بالاضطلاع بمسؤوليتها تجاه الخروقات الصارخة التي تعيش على إيقاعها تلك التعاضديات. 7- مطالبة الحكومة بإشراك المركزيات النقابية في مسلسل التشاور السياسي حول الانتخابات المقبلة باعتبارها معنية مباشرة وغير مباشرة بهذا المسلسل والإسراع بإخراج قانون النقابات من أجل تنظيم الحقل النقابي ودمقرطته ودعوة الحكومة إلى فتح حوار جدي حول الإطار القانوني المنظم لتمثيلية الموظفين في اللجان الإدارية الثنائية المتساوية الأعضاء بما يؤدي إلى إفراز خريطة تمثيلية نقابية حقيقية متحررة من كل أشكال التحكم التي ترجع إلى زمن ما قبل دستور 2011 . الرباط في : الجمعة 17 أكتوبر 2014 عن المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب