1. " سر الإبداع هو معرفة إخفاء مصادرك". من قال هذا الكلام ليس صحفيا، وإذا سايرنا كلام اينشتاين، نفهم لماذا تقدم الآخرون علينا، لأنهم تعلموا... أن يخفوا الحقيقة الآتية: الله هو مصدر العلم، أخذوا العلم و أهملوا العالِم، هل نحن في حاجة إلى (العلم والإيمان)؟ 2. يقول لك غسان كنفاني: " الموت ليس قضية الميت بل قضية الباقين"، وأنا أضيف: الدين ليس قضية المؤمنين بل قضية من لايؤمنون. لو طرح من لا يؤمنون الدين وراء ظهرهم لاستراحوا وأراحوا، ولكن الدين يشغل مساحة لا يستهان بها في تفكيرهم، ويجعلهم يفكرون من خلال الدين في كل ما يحدث لهم من أمور الدنيا. لا أبالغ إذا شبهتهم بغلاة الدين، الدين حاضر هنا وهناك بنفس الثقل،لا تختلف كمية الثقل فقط إلا في العلامة التي تحسب هنا ايجابيا وتحسب هناك سلبيا ، لا يهم أن كليهما على طرفي نقيض من القضية، فليست هذه أول قضية يطرح فيها التطرف هذه الإشكالية الجدلية: المغالاة في الشيء تنقلب إلى ضده، أو قل : عند الحدود المنطقية لقضيتين متناقضتين ، يصعب أن تتلمس هذه الحدود . 3. هل نحن بحاجة الى المعنى؟ كتب ذ أحمد عصيد مؤخرا مقالة بعنوان: " من انعدام الثقة إلى انعدام المعنى " . هذا الكاتب مثير للجدل ، بكل المعاني، لدرجة أن الجدل يبدأ من الأفكار التي يكتبها، وأنت بالكاد تنتهي من حالة الإثارة والتهييج من فعل ما تقرأ، إن من موقف إعجاب و إن من موقف استنكار، فتأخذك شخصية الكاتب نفسها ، وتشعر بالحاجة إلى مراجعة دروسك القديمة في علم النفس. هناك مجزوءة خاصة بالهوس، ( الهوس الديني بالتحديد)، ليس من عادة ذ عصيد أن يبسمل قبل الكلام، ولذلك أقول له: بسم الله عليك، بصيغة تلائمه أكثر، الكلمة المنقوشة épigraphe، من كلام الحكيم دوستويفسكي:"حين يهجر المعنى العالم، يصير كل شيء مستباحاً". 4. انعدام المعنى هو الذكاء في حالة سهو، هل أتاك حديث الغباء (كلمة تؤدي نفس المعنى) في السياسة الحاضرة، على ذمة الأستاذ (الذي يكتب الفلسفة بحروف تيفناغ ) ، لكن الغباء قد يكون حاضرا بل متهيجا (surexcité) أحيانا، أما انعدام الثقة فهو مرحلة لم تأت من عدم، بل ورثناها عن سياسة بائدة ، الفصل الحقيقي أعمق من حدث دستوري، لا يتعدى اختبارا فقط للواقع الجديد الذي هو أساسا انفصال بيولوجي من الحاكم و نظامه الجديد عن نظام من حكم قبله. حاكم زمانه كان حاكما لا يؤسس لنظام تكون فيه الغلبة للأنصار و المؤيدين،يثق فيهم ويثقون فيه، لأنه كان يعرف أن قوة الخصم كانت هي ثقة الشعب التي يحضا بها ، لذلك راهن الحاكم على "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به..."،. شعار سنوات الرصاص هو إنهاك الخصم، السلاح هو "سياسة التمييع" . حاكم المرحلة الآن له منطق يختلف، وهنا كلمة الفصل: الفصل ممن المرحلة التي تحدثنا عنها إلى مرحلة يؤسس لها الآن، سمتها الأولى هي تعميم الغباء و انعدام المعنى. لم اقل أن السياسي الحاضر هو بالضرورة أغبى من سلفه الغابر،فأنا لا أتحدث عن الغباء كصفة وراثية كانت أو مكتسبة، ولكنني أقصد الغباء "المخدوم" كفعل مدبر بذكاء خبيث ، لإقصاء أهل الفطنة من التدبير السياسي، بل لصب ضخات سريالية على المشهد السياسي ، ونحن نتفرج الآن على كلونات، وعوض أن نفكر ونضحك ، بقيت لنا حكمة: "قلها واضحك عليها." .هستيريا الضحك. 5. استدلال منطقي: لاحظوا مايلي: جرب وأنت تقرأ نصا ينتقد المعنى، كلما صادفتك هذه الكلمة "معنى" ضع مكانها الكلمة الآتية : "جدية"، هل يتغير المعنى؟ نستنتج وهذا استدلال منطقي أن الدلالات حين تشترك فان المدلول واحد. غياب المعنى هو إذن غياب الجدية . من قال أن "المنافق الحقيقي هو الذي لا يُدرَك خِداعُه لأنه يكذب بصدق" 6. الكتابة الساخرة : سخرية في الأسلوب وجدية في المعنى. من قال أن الكوميدي شخصية للهزل فقط ؟ 7. مثل من يبحث عن النظام عن طريق الفوضى الفكرية (الغباء)، مثل من يبحث عن المعنى عن طريق العبث: