ظهر الفن الغنائي الجماعي والاستعراضي منذ القديم في المغرب و يمكن التمييز بين نوعين منه، فن ارتبط بالتجمعات الحضرية كالملحون و الآلة... و آخر ارتبط منذ بزوغه في الوسط الطبيعي والجغرافي لإنسان، حيث كان يعبر من خلاله عن الأفراح والمسرات والفرحات الجماعية التي تواكب إحياء الإنسان لحياته الجبلية والزراعية في السهول و تخوم الجبال. ومن هذه الأنواع هناك: فن أحيدوس : ظهر هذا الفن الغنائي الجماعي والاستعراضي الأمازيغي في منطقة الأطلس المتوسط منذ عصور خلت، وهو الفن الذي ارتبط منذ بزوغه في الوسط الطبيعي والجغرافي لإنسان الأطلس المتوسط حيث، الغابات والمياه والأغراس والجبال والمنتجعات الغنية بالخضرة والمنابع .وكان هذا الفن الذي ظهر أول ما ظهر في شكله الدائري قوامه النساء والرجال على حد سواء وفي شكله النصف دائري، تعبيرا عن الأفراح والمسرات والفرحات الجماعية التي تواكب إحياء الإنسان لحياته الجبلية والزراعية في سهول وتخوم الأطلس المتوسط ويعرف أحيدوس عادة بالرقصات و التعابير الجسدية الجماعية التي نجدها في بعض الأحيان حتى في المناطق التي لا تتكلم ساكنتها الأمازيغية، إلا أن الباحثين والمهتمين والدارسين يجمعون على أن موطنه الأصلي هو الأطلس المتوسط, المجال الطبيعي والجغرافي الذي تكتمل فيه العناصر المكونة له من شعر وغناء ورقص وإيقاع. يعتبر البندير " تالونت " الآلة أو الأداة الموسيقية الوحيدة المستعملة في الإيقاع وترافقه بالدق على الأكف أصوات نسائية و رجالية في شكل دائري متماسك قوامه الأكتاف تارة والأيدي تارة أخرى ويصمم لرقصاته و أداءاته رئيس الفرقة أو المقدم في لوحات متناسقة موسيقيا وحركيا .تستقى أشعار أحيدوس وكلماته من الحياة اليومية التي يحياها ويعيشها الإنسان الأطلسي وتتعدى هذا المجال الجغرافي في بعض الأحيان لتشمل بعض الأحداث الوطنية و الجهوية والدولية . يبلغ عدد الفرق المنخرطة في هذا الفن وطنيا إلى ما يفوق 80 فرقة يشكل فيه العنصر الشاب العمود الفقري. فن الكدرة : رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب يقوم بتشخيصها مجموعة صغيرة من الرجال حيث يقوم واحد منهم بضبط الإيقاع و ذلك بالضرب على "قدرة" و من ذلك جاءت تسمية الرقصة بالكدرة أما الحركات الفنية فتقوم بها امرأة وسط مجموعة من المغنين . تؤدي الراقصة حركاتها الفنية وهي جالسة على ركبتيها و مغطاة بخمار أرزق و تقوم بتحريك رأسها و يديها على الإيقاع الموسيقى. فن المديح والسماع: ظهر فن المديح و السماع في عهد رسول الله صلى الله وعليه و سلم خلال الهجر ة النبوية من مكة إلى المدينة لما استقبلنه بنات صغيرات السن من بني النجار خرجن فرحات بمقدمه صلى الله عليه وسلم حين وصل المدينةالمنورة و هن ينشدن: نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار فقال عليه الصلاة والسلام لهن "أتحببنني" فقلن "نعم" فقال "الله يعلم أن قلبي يحبكن" كما أنشد أيضا في هذه المناسبة فتيات صغيرات أمام النبي صلى الله عليه و سلم: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع والرسول (صلى الله عليه وسلم) أعطى لهذا البعد الروحي الوجداني حقه من الاهتمام فقد أوكل أداء الآذان للصحابي الجليل بلال بن رباح لما كان يتميز به من صوت جميل وحلاوة في الأداء، وكان يقول ( صلى الله عليه وسلم) لعبد الله بن مسعود: اقرأ القرآن فإني أحب أن أسمعه منك فقد أتاك الله مزمارا من مزامير داوود و بعد وفاة النبي استمر هذا الفن في الترعرع في عهد الخلفاء الراشدين ثم بدأ يعرف توسعا في عهد الإمارات المتوالية من بعد الخلافة الراشدة كالإمارة الأموية و العباسية... بعدها بدا يعرف اهتماما خاصا لدى الصوفية الذين انفردوا به وطوروه وكانوا دائما يعتنون به ويحملون من جيل إلى آخر و السماع أو "الذكر" أحد الوسائل التهذيبية لدى المتصوفة لما له من تأثير فني و وجداني على المريد السالك ، ويؤدى السماع في مجالسهم بأن ينشد فرد أو أكثر قصيدة لشيخ من مشايخ التصوف بأصوات تترنح لها الأسماع وتتمايل لها الأجساد ، ينتهي كل مقطع برد جماعي من المريدين سواء بالهيللة أو بالصلاة على النبي ، بينما يستمر المنشد في تغيير الألحان-الصيغة- من وقت لآخر. فن أحواش : يطلق لفظ "أحواش" و الذي يعني الفناء، على الرقص الجماعي بجميع أشكاله بجنوب المغرب خاصة في مناطق الأطلس الكبير و الصغير حيث تتوطن القبائل الأمازيغية المتحدثة بلهجة تاشلحيت.رقصة أحواش رقصة جماعية مختلطة بين الذكور و الإناث، و يشترط في الفتيات اللواتي يرقصن أحواش أن يكن عازبات حيث تستبعد النساء المتزوجات بينما لا يسري نفس الشرط على الرجال تتميز رقصات أحواش بتماثل حركات الراقصين و الراقصات، وهي حركات يختلف شكلها و سرعة إيقاعها باختلاف المناسبة و المنطقة، و في حالات نادرة، ينبري رجل أو امرأة أو هما معا للإنفراد بالرقص خارج حلقة المجموعة تقام رقصة "أحواش" بمختلف المناسبات التي يحييها أبناء القرى و القبائل كالأعياد الدينية و الوطنية ولكن تبقى بالخصوص تعبيرا عن الفرحة الجماعية التي توافق و تطبع دورة الحياة الزراعية. يرتدي المشاركون في أحواش زي الحفلات و الأعياد المميز للقبيلة، فالرجال يلبسون الجلباب الوطني و القميص (تشامير) و البرنس و العمامة البيضاء و يتقلدون الخنجر الفضي، و" أقراب" ( المحفظة الجلدية المزركشة بالحرير ) بينما تتزين النساء بالحلي التقليدية التي تتكون عادة من القطع الفنية المسبوكة و كريات اللوبان. عيساوة: تنتسب الطائفة العيساوية إلى الشيخ محمد بنعيسى، الذي عاش بمدينة مكناس وبها كان يبث تربية صوفية إلى أن توفي سنة 1526، احتفظت الذاكرة الشعبية بصورة عن هذه الشخصية كرجل صالح وأستاذ روحي. والتصق به لقب " الشيخ الكامل" إلى اليوم، لما كان يربي عليه المريدين من عمق روحي عن طريق العناية الخاصة بالذكر وتلاوة القرآن وسرد الأمداح والصلوات على رسول الله تؤدى الأناشيد والألحان عند عيساوة بالاعتماد على الدقات بواسطة آلات التعريجة، الطاسة، البندير، الطبلة، الدف، وأبواق النفير، وعبر أداء جماعي ولحن انفرادي. ويشتهر شعبيا عن هذا النسيج الموسيقي أن له وقعا خاصا على المستمعين، الذين قد يحدث عند بعضهم انفعال خاص، وأن له مؤهلات استشفائية لبعض الأحوال النفسانية. تتم إقامة حفلة عيساوة في المناسبات الدينية كالمواسم وعيد المولد النبوي وعشية الجمعة بعد صلاة العصر أو في مناسبات اجتماعية كالعقيقة وحفل الزواج أو الختان وتبقى أعظم مناسبة لطائفة عيساوة هي مناسبة الاحتفال بذكرى الشيخ المؤسس، بموازاة مع احتفالات عيد المولد النبوي الشريف، حيث تتجمع كافة الفرق العيساوية ومريدوهم من مختلف أقاليم المغرب في أيام بهيجة مملوءة بالتسبيح وبالأناشيد والعزف والرقص،ويتخلل ذلك الموسم بعض من تقاليد الطريقة العيساوية، التي تعود إلى تقاليد صوفية أو إلى بعض الممارسات الشعبية المتجذرة يختلط فيها الإيمان مع الطموح إلى إظهار صفات الشجاعة وقهر الطبيعة، والطموح إلى التعامل مع أرواح العالم غير المرئي. وإذ كان كل هذا لا يعتبر شيئا أصيلا في عالم الروح والتصوف فإنه مع ذلك أكسب شهرة شعبية واسعة لفرق الطائفة العيساوية، وجعل بعضها يبحث في سبيل تنقية الممارسة للتقاليد وتحسين الأداء لها بتطعيمها مثلا بموسيقى الآلة الأندلسية والملحون أو بالتأكيد على المعنى الديني فيها، كما هو الشأن بالنسبة لفرقتي فاسومكناس. فن الملحون: يعتبر فن الملحون أكثر المضامين تأثيرا في الوجدان من الجوانب الدينية و الصوفية، و تطرق خلاله الشعراء إلى الذوق و اللطائف و عمق المعنى، يسعفهم في ذلك المسعى بارتقاء النظم إلى درجات مهمة من التنسيق اللفظي و من الخيال ، خصوصا وأن مفاهيم العشق الإلهي و الحضرة الصوفية و الفناء في الله قد وجدت طريقها إلى القصائد الملحونة كما تطرق الشعراء إلى مضامين أخرى في العشق و وصف الطبيعة و غيرها . و قد عرف هذا الفن تألق أسماء ستظل عالقة بالذاكرة الشعبية المغربية كسيدي عبد القادر العلمي شيخ متصوفة الملحون و سيدي عمر اليوسفي و الجيلالي امتيرد و سيدي قدور العلمي و غيرهم كثير ..و إذا كانت تافيلالت مهد هذا الفن و نبوغه منذ قرون خلت ، فاليوم أصبح للملحون أكثر من وكر على امتداد ربوع المملكة ، حيث أصبحنا نسمع عنه في الرباط و سلا و فاس و مراكش و أزمور و تارودانت و غيرها من المدن المغربية. فن العيطة: ارتبط صيت فن العيطة بامتداد السهول الوسطى للساحل الأطلسي ( الشاوية وعبدة ودكالة بالأساس ) ومرورا على بعض المناطق المجاورة كالحوز وزعير بالخصوص .وفن العيطة في مفهومه الأصلي والقديم يعني النداء، أي نداء القبيلة والاستنجاد بالسلف لتحريك واستنهاض همم الرجال واستحضار واستدعاء ملكة الشعر والغناء وتعتبر اصطلاحا مجموعة من المقاطع الغنائية والفواصل الموسيقية الإيقاعية في منظومة تختلف عناصرها باختلاف أنواع وأنماط العيطة نفسها وغير بعيد ، صنف العارفون والمهتمون هذا الفن إلى ثلاثة أشكال: المرساوي الحوزي الملالي إلا أن الأبحاث الحديثة أقرت بوجود فروع أخرى منها ما هو أساسي كالحصباوي والزعري ومنها ما هو فرعي كالخريبكي والورديغي والجيلالي والساكن .يستقي شيوخ ونظام العيطة مواضيعهم من الحياة الاجتماعية للإنسان المغربي وغالبا ما تتناول مواضيعهم وقصائدهم العشق والمتعة والذم والتغني بالجمال و بالطبيعة. فن اعبيدات الرما: ظهر هذا الفن في بعض المناطق كورديغة والشاوية وتادلة والحوز من عهود خلت، ويمكن تصنيف هذا الفن البديع في خانة الفنون الفرجوية الشعبية التي عرفها المغرب ومازالت مستمرة إلى الآن .تعني كلمة أو لفظ " الرما " الرماية بالبندقية أو السلاح على وجه التدقيق إلى درجة يمكن فيها القول بأن اعبيدات "الرما" هم رماة كان همهم الأساسي هو التدريب على الرماية بالبندقية والاستعداد الدائم للدفاع العسكري.كان ولا يزال لكل فرقة أو مجموعة مقدم يسهر على تسييرها ورعايتها وغالبا ما يكون من أبرز شعرائها ونظامها كانت المظاهر الروحية والعسكرية من المسائل التي تشغل بال الرماة وغالبا ما سبق العامل الفرجوي الذي لم يكن القصد الحقيقي من تواجدهم لهذه الفرجة التي جاءت وتولدت عن إحيائهم بصفة دورية لحفلات في القبائل التي كانوا يزورونها على مرأى ومسمع القاص والداني وبمشاركة السكان. يبلغ عدد المجموعات والجمعيات والفرق التي أنشأت منذ تنظيم الدورة الأولى إلى الآن أكثر من 30 فرقة أغلبها من الشبان والأطفال الذين أصبحوا يتهافتون على الفن البديع بصفة تلقائية ويتمركز أغلبها في منطقة ورديغة و تادلة و الشاوية ويبلغ عدد الفرق والمجموعات والجمعيات التي تهتم به على الصعيد الوطني أكثر من 50 فرقة بما فيها الشيوخ والشباب والأطفال. فن كناوة: في الأصل، ينحدر «كناوة» الحقيقيون في المغرب من سلالة العبيد الذين تم استيرادهم خلال العصر الذهبي للإمبراطورية المغربية (نهايات القرن 16 الميلادي) من إفريقيا السوداء الغربية، التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي (دولة مالي الحالية، على الخصوص).وتسمية كناوة هي تحريف لحق الاسم الأصلي الذي كان هو «كينيا» (غينيا)، أو عبيد غينيا كما كانوا دائما يسمون، قبل اندماجهم التام في المجتمع المغربي، وما تزال «الطريقة الكناوية» متواجدة في العديد من المدن والقرى المغربية، حتى اليوم، خصوصا في مدن مراكشوالصويرةوالرباطومكناس وتحظى مدينة الصويرة بمقام المدينة الروحية للطائفة داخل المغرب، فقد كان الميناء البحري للمدينة منذ القرن 17، مركزا تجاريا مهما علي ساحل المحيط الأطلسي، ونقطة تبادل تجاري مع تمبكوتو، عاصمة إفريقيا السوداء المسلمة آنذاك، ومنها كان العبيد يفدون مع الذهب إلى المغرب ويعتبر ضريح «سيدي بلال» الموجود غرب مدينة الصويرة المرجع الأعلى، ومقام الأب الروحي لكناوة، وداخل ضريح ذلك الولي، توجد الزاوية التي تحتضن في العشرين من شهر شعبان الموسم السنوي للطائفة الكناوية وعلى إيقاع الموسيقى القوية والحارة للمجموعات المنتسبة إلي الطائفة، تخرج نخبة من الأتباع في جولات بين المدن لجمع الهبات والصدقات للزاوية, بلباسها الفلكلوري المميز ذي الألوان الحية، خصوصا الحمراء والزرقاء . إن شهرة «كناوة» كموسيقيين تجاوزت الحدود المغربية، لتعانق العالمية منذ شرع في تنظيم مهرجان سنوي ل «كناوة وموسيقى العالم» بمدينة الصويرة في شهر يونيو, والسر يكمن في أنها ليست مجرد موسيقى عادية، بل هي موسيقى ذات إيقاعات قوية محملة بثقل الأساطير والمعتقدات الموغلة في القدم، ومشحونة بالإرث الحضاري الإفريقي والبربري والعربي الدقة: تعني التصفيق ، معظم أعضائها من أسر الصناع التقليديين : خياطين، دباغين، جزارين...إلخ، وبعضهم أيضا تلاميذ في المدارس القرآنية. وبصفة عامة الدقة هو فن يجمع حوله كل عشاقه الأبحاث في مجال الفنون الشعبية تبين في كل مرة بأن الدباغين هم الأصل في ظهور النص المقول في الدقة "العيط" ذلك أن الحركات المستعملة والإيقاع تذكر ببعض مراحل دباغة الجلود وقد يصدق نفس القول كذلك على البنائين القدامى من خلال بنائهم لأسوار المدينة أو صيانتها. هدف هؤلاء الصناع التقليديين، كان هو نسيان تعب العمل، وجعله ممتعا باستعمال الموسيقى الإيقاع، الغناء، لذا تجتمع المجموعة كل يوم جمعة لتنظيم حفلات يقول علي نعمة رئيس إحدى مجموعات الدقة بتارودانت ولأجل تأكيد قدم هذا الفن الذي يقدمه "إذا عرفنا تاريخ المدينة، فإننا سنعرف تاريخ الدقة". الإيقاع يبدأ بطيئا جدا، وبعد ذلك يتزايد تصاعديا بصورة قوية، الرقصة متجدرة في الروحانية. أما الوقت المنتظر والثمين لدى الجمهور هو الذي يسمى" قفيل أفوس" حيث يقوم أعضاء المجموعة بالضرب على الإيقاع بسرعة وبعنف لأجل أن يكون الصوت واضحا وموحدا وناغما أعضاء المجموعة يلبسون الجلباب "قشابة " و "طاكية " غطاء دائري للرأس. يكونون دائرة أو نصف دائرة.وأدوات التزيين التي تستعمل في جلستهم مثل (البساط) توضع في الوسط، الراقصون يتقدمون دائما إلى وسط الدائرة ليلة البركة هي بمثابة اللقاء السنوي لأعضاء مجموعات الدقة بالجمهور الروداني بشكل حافل ومميز نظرا لقدسية هذه الليلة. موسيقى الآلة : تحتل الموسيقى الأندلسية مكانة خاصة في التراث المغربي، وتحظى باحترام كبير لدى المغاربة، حيث امتزج فيها الطابع الديني بالطابع الفني، بعبق التاريخ، ليعطي أنغاماً خاصة، فقد تعاطى لهذا اللون الموسيقي العلماء ورجال التصوف، وكان رواده يجمعون بين الحس الفني والوقار الذي يستمدونه من وضعيتهم الدينية، كما أن كلمات هذا الفن الأندلسي العريق، مستمدة من قصائد شعرية صوفية شهيرة في أغلبها، قبل أن يطعمها روادها بألوان شعرية أخرى تستوحي مادتها من الحياة اليومية في المجتمع المغربي، وتمزج بين الموعظة والمزاح، وبين المدح والغزل الرقيق وقد كانت هذه الموسيقى تعرف في المغرب قبل عهد الاستعمار الفرنسي باسم "الآلة" تمييزا لها عن فن السماع الذي يعتمد أداؤه على أصوات المنشدين فقط دون الاستعانة بالآلات الموسيقية. وتتكون الفرقة من مجموعة من المنشدين في نسيج متكامل، يجعل الجمهور أيضا يشارك في الأداء، ويجعل الموسيقى تستولي على كل الجوارح، وتأخذ بالألباب وتحرك الوجدان، ويرجع الباحثون بوادر ظهور هذه الموسيقى إلى فترة الفتح الإسلامي لبلاد الأندلس، وهذا ما يفسر امتزاج مقومات شرقية بأخرى محلية، مغربية وأيبيرية داخل موسيقى متميزة ظلت تتبلور وتزدهر حتى بلغت تألقها في الأندلس ونظرا لما كان بين المغرب والأندلس من علاقة وطيدة، فقد انتشرت هذه الموسيقى في كل أجزاء المغرب الكبير، ثم ورثتها بالكامل بعد زوال ملك العرب المسلمين من الأندلس وتفرق أهلها في شمال المغرب، خصوصا في فاس، ومكناس، وتطوان، وشفشاون.. وبقيت حية متواترة إلى يومنا هذا. واتخذت في كل قطر من أقطار المغرب الكبير طابعا متميزا، تحت تأثير الظروف البيئية والتاريخية كالتأثير الشرقي والتركي في كل من تونس والجزائر، كما عرفت بأسماء مختلفة حسب الجهات، فهي تعرف باسم "الآلة" في المغرب وب"الغرناطي" في تلمسان ونواحيها، وب"الصنعة الجزائرية" في الجزائر، وب"المالوف" في قسنطينةوتونس وليبيا. الراي: ظهر في وهران وانتقل بسرعة نحو المغرب متجاوزا الحدود الشرقية للملكة و يمكن القول أن مدينة وجدة عاصمة المغرب الشرقي هي مهد الراي المغربي حيث ظهرت أولى فرق المغربية التي تؤدي هذا النوع من الفن. المرجع المعتمد – بتصرف- إضاءات حول الأغنية المغربية،لإبراهيم آيت حو، و موقع الحكومة المغربية. محسن بن حديدو.