انطلقت مساء أمس الأربعاء بفضاءات قصر البديع بمراكش ليالي فرح مغربية، تحت شعار"تراث القرن في تجدد "، تساهم في إحيائها مجموعة من الفرق الشعبية تنتقل بالمشاهد من خلال طبيعة المكان ونشوة الإيقاعات وسحر الكلمات والأداء إلى أعماق التاريخ وعمق الأصالة والتراث. فوسط أهازيج الفرق الفلكلورية المشاركة ومظاهر البهجة افتتح المهرجان الوطني للفنون الشعبية في دورته السادسة والأربعين ،ليجسد بذلك الملامح الحية والصادقة للإنسان المغربي. وقد استطاعت الفرق الشعبية خلال هذا الحفل ، أن تحث المشاهد عبر لوحات فنية تروي قصة "أب يرفض تزويج ابنته من فنان "، على التمسك بالجمال وباستمرارية تلقين القيم والتشبث بالأمل ،وكأنها بذلك توصي أبناء الجيل المعاصر على العودة والتمسك بالمنابع والجذور التي كان لها دور بارز في بناء مغرب اليوم وربط حاضره بمستقبله. لقد كان للجمهور موعد مع ثمانية عشرة فرقة شعبية ،شاركت في هذا الحفل وأمتعت الحاضرين برقصاتها الفنية وشكلت مناسبة لكل المتتبعين ،لاكتشاف أصالة وتنوع الفلكلور المغربي وتراثه الشعبي في مختلف تجلياته الثقافية والفنية واكتشاف الموروثات وصناعة العفوية والأصالة من خلال فنون تقليدية نابعة من مصادر حية لم تتقادم مع الزمن. إنه احتفال عفوي كامل وشامل من خلال الرقصات التي ربطت دلالاتها العميقة بالأحداث المؤثرة في الحياة اليومية للإنسان المغربي وزاد من سحرها تنميقها بالحلي والأزياء التي انتقلت عبر الزمان بحيث أنها لم تخضع هؤلاء الناس الذين قدموا من مختلف أنحاء المملكة ومن قبائل جبال الأطلس الكبير والمتوسط والصغير إلى تقلبات الزمن. لقد كانت هذه المعلمة التاريخية التي احتضنت هذا المهرجان منذ ولادته سنة 1960 مسرحا للفنون الشعبية خلال هذه الليلة فالأزياء زاهية ملونة وجميلة والرجال والنساء يؤدون لوحات يشعرون من خلالها بنشوة الإيقاع وسحر الكلمات وجمالية التعبيرات الجسدية والرمزية والحركات الجماعية. واستطاع الجمهور العريض من ساكنة المدينة الحمراء وزوارها، طيلة هذه الأمسية ، من الاستمتاع بهذه اللوحات الفنية التي استمرت لأزيد من ساعة ونصف "مدة العرض "، وبالإيقاعات والأشعار والأهازيج الشعبية التي قدمتها المجموعات الفلكلورية التي نالت إعجابهم وصفقوا لها كثيرا وشجعوا روادها. ويتضمن برنامج هذه الدورة المنظمة من 29 يونيو الجاري إلى غاية 3 يوليوز المقبل تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ،إحياء عروض فنية للأهازيج الشعبية ورقصات فلكلورية وموسيقية تراثية للفرق المشاركة من مختلف مناطق المغرب، كفرقة المنكوشي والغيطة وعيساوة وعبيدات الرمى من الشمال الشرقي، وفرقة روكبة والكدرة وأحواش تيسينت وهوارة وأحواش ورززات من الجنوب، وفرقة حاحا تمنار وأحواش إيمنتانوت وأحيدوس وتازاويت من الأطلس، وفرقة الحوزأو العيطة الحوزية والدقة المراكشية وكناوة وأولاد سيدي حماد أو موسى من الحوز ومراكش. وبالموازاة مع ذلك ،سيكون للجمهور المراكشي ، خلال هذه الدورة ،التي خصصت لأول مرة قرية بمنطقة غابة الشباب خاصة بالمهرجان لتكون فضاء للتلاقي و التلاقح وميدانا للتبادل الثقافي والفني ، موعد مع ألوان مختلفة من الموسيقى الشعبية في عرس فني بهذه القرية ، رفقة مجموعة أولاد البوعزاوي وجيل جيلالة والفنانة الشعبية الداودية وعبد الرحيم الصنهاجي وحميد القصري وسعيد موسكير وا لفنانة الأمازيغية تاشينويت والفنان الشعبي الستاتي ،إلى جانب فرق غنائية من الهند . ويسعى منظموا المهرجان ، أن تجسد دورة 2011 صورة حقيقية لقيم التسامح والتضامن، والترحاب وقبول الآخر ، خاصة بعد الحادث المأساوي الذي شهدته مؤخرا المدينة الحمراء ،و جعلها رمزا للتعايش والتفاعل الثقافي ، وتجسيدا للروح الوطنية الحقيقية في الحفاظ على قيم السلم والتسامح.