حكم الدكتاتور القذافي ليبيا على مدى اثنين وأربعين سنة. كان الطاغية مريضا بالجنس. ولم تكن مجنداته من الحرس النسائي اللواتي كن يدخلن البهجة على قلوب المصورين في الواقع سوى جالبات للطرائد أو لحما للاستهلاك. كان القذافي يختطف فرائسه من أسرهن أو مدارسهن. ولأول مرة، يكشف البعض منهن أسرارهن للصحافية «أنيك كوجان» التي جمعت شهادتهن في كتاب صادم تحت عنوان «الفرائس في حريم القذافي». في هذا الحوار مع صحيفة «باري ماتش»، تسلط المؤلفة الضوء على الأسرار التي تضمنها الكتاب { كيف بدأت هذا التحقيق الفريد من نوعه؟ في البداية، ذهبت إلى ليبيا في مهمة خاصة بجريدة «لوموند». أدهشني أني لم أر نساء في هذه الثورة، خلافا لتونس أو مصر. كان ذلك مدعاة للفضول. والحال، أني اكتشفت أن النساء هناك لعبن دورا هاما فيها. فقد قمن بتوزيع المنشورات، وعالجن الجرحى، وشجعن أبناءهن على القتال. الأمر الذي كان يعرض حياتهن لخطر الاغتصاب إذا ما تم القبض عليهن. لقد كان الاغتصاب سلاحا يستعمل في الحرب. هكذا أنجزت هذا التحقيق في ظروف غير عادية. { لقد استمعت إلى شهادة ثريا؛ امرأة في مقتبل العمر، تعرضت للاختطاف والاغتصاب من قبل القذافي طيلة سنوات. ألم يراودك الشك في صحة روايتها؟ من البديهي أن هناك آلاف الأسئلة التي تطرح نفسها، لكني كنت أتوفر على شهادات ونقط مرجعية أخرى. كانت ثريا دقيقة جدا في شهادتها، ولم يسبق لها أن روت قصتها قط. كان عمرها 23 سنة. كانت امرأة متوهجة، غاضبة ومحطمة. لم تكن تبلغ من العمر سوى 14 عاما عندما خطفها القذافي من والديها ليمارس عليها كل أنواع شذوذه. لقد ترددت في تأليف هذا الكتاب؛ لأن الكثير من الأمازونيات (الحرس النسائي) تمت تصفيتهن بعد سقوط القذافي. في ليبيا، المرأة التي تعيش مستقلة بذاتها لا حق لها في الوجود. والكثير من هؤلاء، لم يبق أمامهن أي خيار سوى أن يصبحن مومسات. { هل كان القذافي حقا ذلك الوحش الذي تصفينه؟ لقد كان وحشا مفترسا. ولم يكن يألو في إيجاد الأعذار لملاحقة الفتيات. كان هناك من كُلّف بتجنيدهن، وخطفهن من مدارسهن وهن في سن ال13 وال»14 من العمر، أحيانا لم يكن يسلم من الاختطاف حتى الأولاد الذكور. كان يكفي أن يضع القذافي يده على رأس طفلة أو طفل ليعين فريسته. كان يصرف الكثير من الوقت في ذلك. حتى إنه كان يستعرض أشرطة الفيديو الخاصة بحفلات الزفاف ليترصد النساء الشابات، إن لم تكن العروس نفسها. لذلك كان الكثير من الليبيين يتردد في دعوته حتى لا تتعرض بناتهم للاختطاف. { كان الناس إذن على علم بذلك؟ حتى داخل عائلة القذافي نفسها؟ أجل، كثير من الناس كانوا على علم بهلوساته الجنسية. كذلك أبناء عمومته، وأقاربه، إذ لا يعقل ألا تكون زوجته وأولاده على علم بذلك. قيل لي أنه كان يحتاج إلى أربع نساء في اليوم! كان يتعين إذن إطعامه. كان يفرض سلطته بالجنس. ويلحق الإهانة بالآخرين عن طريق الجنس. فكي يذل زعيم قبيلة ما، كان يستحوذ على زوجته أو ابنته. وما من أحد كان يجرؤ على الكلام. كان يحدث أن يترصد أيضا على التلفزيون صحفيات وممثلات. ويمكن أن يتعدى الأمر إلى زوجات الوزراء، وبناتهم، أو زوجات رؤساء الدول الإفريقية. { «كان القذافي أكبر مريض. لا يسعى إلا لإشباع استيهاماته الجنسية الأكثر تطرفا. ولم تكن لشذوذه أية حدود». هذا يعني أن قادة الدول كانوا على علم بذلك؟ وقادة الغرب أيضا؟ نعم، كان الدبلوماسيون الغربيون مطلعين على شذوذه، وكذلك العديد من القادة الذين التقوا بمبروكة؛ المختصة في استقطاب النساء، أثناء انعقاد القمم. كانت تأتي إلى باريس لاستقطاب الفتيات وتجنيدهن. كانت تعرف كثيرا من الناس. في فرنسا، كنا نعرف الكثير من الأشياء، لكننا لم نكن نتصور أنه كان عنيفا للغاية، وساديا، وأنه كان يحتجز فتيات في مقتبل العمر في قبو منزله. وبما أننا كنا على علم بهلوساته الجنسية، فإننا نتساءل كيف استطاع ساركوزي أن يجازف بإرسال زوجته إلى ليبيا. هذا هو الجنون! { كيف يمكنك تفسير هذه القسوة؟ لست أدري. لا شك أن الأمر يتعلق بإحساس بالقوة، وشعور بنرجسية ما. لقد كان الغرض من الاستحواذ على النساء هو التحكم في الرجال. كان الجنس سلاحه لفرض سلطته. حتى أنه كان يوزع الفياجرا على الجيش نفسه لتشجيعه على الاغتصاب. كان القذافي أكبر مريض. وكان يرغب في إرواء استهاماته الجنسية الأكثر تطرفا. لم تكن له حدود على الإطلاق. ما حدث كان أمرا خطيرا للغاية. لقد اغتصب القذافي ورجاله آلاف النساء. { تؤكدين أن القذافي كان يغتصب الرجال أيضا... نعم. فهذا الأمر يمثل أحد المحرمات طبعا. ولا أحد يجرؤعلى الخوض فيه. لقد كان القذافي يختطف الفتيان من حاشيته أو من الجامعات. كما كان يجبر بعض وزرائه، وحتى بعض العسكريين على ممارسة الجنس معه. كان يغتصب الغلمان، كما كان يدفع المال للآخرين ليكونوا فاعلين. ونحن نفهم أن الكثيرين من الذين انتهكت حرمتهم يشعرون بالمهانة اليوم. ولهذا السبب أسدل الصمت على هذه القصة القاتمة. { ما العواقب الممكن أن تترتب عن هذا التحقيق؟ لقد أنجز هذا الكتاب كي يكسر حاجز الصمت. سيتم نشره في ليبيا؛ ويوشك أن يكون لنشره وقع قنبلة. كان في ليبيا غفران مذنب. حيث كان يتم تمجيد المقاومين، لكن النساء كان يتم نسيانهن. إنهن كذلك، حتى لا يتكلمن. فتعرضهن للاغتصاب هو إذلال؛ لكنهن لم يستطعن البوح بذلك، تحاشيا للفضيحة. هناك أيضا الأطفال الذين ولدوا نتيجة الاغتصاب، والذين لا أحد يتحدث عنهم. لذلك آمل أن ترتفع أصوات أخرى، وأن تحاكم المحاكم المتواطئين في هذه الجرائم. آمل أن يكون ذلك مؤشرا للانفراج. { كيف حال ثريا اليوم؟ ثريا امرأة محطمة، تجد صعوبة في إعادة بناء ذاتها، كما في تصور مستقبلها. تعيش منعزلة في ليبيا. تخشى مغادرة ليبيا كما تخشى من المكوث فيها. ثريا اليوم مهددة من طرف حاشية القذافي من جهة، ومن طرف الأوساط الدينية من جهة أخرى. إنها تشعر بالخجل من نفسها، لكن يحدث، أحيانا، أن تفتخر قليلا بنفسها لأنها عاشت زمنا في كنف السلطة. هناك الآلاف مثل ثريا...