تنظم نساء من كل أقطار أميركا اللاتينية موجة من الاحتجاجات للضغط على الحكومات لإقرار قوانين من شأنها مكافحة العنف المتزايد الذي يطالهن. فقد تظاهرت آلاف النساء في بوينوس ايرس الأسبوع الماضي للمطالبة بعدم اعتبار الاجهاض جريمة. وقالت مابيل غابارا وهي محامية ومؤسسة حملة لتقديم عمليات إجهاض مجانية وآمنة وقانونية في الأرجنتين « هذه المرة، سيكون الامر تاريخيا ». ورغم إحراز بعض التقدم، وانجازات حققتها حركة #مي تو التي قامت لمكافحة التحرشات الجنسية في الغرب، فإن العديد من أهداف الناشطين والناشطات في أميركا اللاتينية ما زالت غير محققة. في الأرجنتين، أقر مجلس النواب في العام 2018 مشروع قانون لتجريم الإجهاض لكن مجلس الشيوخ الذي يضم 30 امرأة من بين أعضائه البالغ عددهم 72، رفضه. ومنذ تولى الرئيس اليساري ألبرتو فرنانديز السلطة في دجنبر، تجدد الأمل في أن الكفة ستنحاز إلى صالح الحق في الإجهاض. فقد عب ر فرنانديز مرات عدة عن دعمه لتغيير قوانين الأرجنتين التي لا تسمح بهذا الإجراء إلا في حالات الاغتصاب وإذا كان الحمل يهدد حياة الأم. وقالت المؤرخة الأرجنتينية ليسيل كويروز-بيريز من جامعة روين في فرنسا « إن تاريخ الحركات النسوية يدل على أن المتظاهرات في حاجة إلى فرض إرادتهن والاستمرار في الضغط ». وحضرت جماعة « لاس تيسيس » النسوية التشيلية التظاهرة في بوينس ايرس كخطوة تضامنية. وقد انتشر هذا النشيد سريعا في أنحاء العالم مع إدانته عدم اتخاذ إجراءات من جانب الحكومات والمحاكم والشرطة بشأن العنف ضد المرأة. وهو ألقى الضوء على انعدام المساواة في تشيلي، البلد الغارق منذ أشهر في احتجاجات شابها عنف الشرطة، وكان بعضه جنسيا. في العام 2017، اعتمدت تشيلي قانونا يجيز الإجهاض في حالات الاغتصاب أو تهديد حياة الأم أو الطفل. وقالت كلاوديا ديديس مديرة جمعية « مايلز » الخيرية النسائية « ليس لدينا قانون للعنف ضد المرأة. وليس لدينا برلمان يدرك أهمية القضاء على هذا النوع من العنف ». تختلف القوانين المتعلقة بمسألة الإجهاض بشكل كبير في البلدان الأميركية. في الأوروغواي وكوبا والمكسيك، يعتبر هذا الإجراء قانونيا لكن في معظم أنحاء أميركا الوسطى، يمنع الإجهاض تماما بما في ذلك السلفادور حيث يمكن سجن امرأة بسبب إقدامها على التخلص من جنينها. وفي كولومبيا، كان من المقرر أن تصدر المحكمة العليا قرارها الأربعاء بشأن إجازة الإجهاض من عدمها. وقد أعطى وصول حكومة يسارية إلى المكسيك في نهاية العام 2018 المدافعين عن حقوق النساء أملا في معالجة قضية العنف ضد المرأة. لكن مع وجود أكثر من ألف جريمة قتل طالت نساء في العام 2019 في المكسيك، كانت آخرها جريمة قتل وحشية لشابة تبلغ من العمر 25 عاما على يد شريكها ووفاة فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات بعدما تعرضت للتعذيب على أيدي أشخاص عدة، أضيء مجددا على عدم تحرك السلطات لمكافحة العنف المستشري ضد النساء. وطالبت الناشطات المكسيكيات الرئيس أندريس مانويل لوبيز بسياسات أكثر فعالية لمكافحة موجة العنف المتزايدة. والحال مماثلة في البيرو حيث سجلت العام 2019 أعلى نسبة من جرائم القتل التي طالت نساء خلال عقد. وأشارت كويروز-بيريز إلى أن « الحركات النسوية في أميركا اللاتينية نشطة جدا. وهي تقوم بالتعبئة بشكل أفضل من البلدان الأخرى ». وقد أقرت الكثير من دول المنطقة « قوانين رائدة » لتعزيز المساواة ومعالجة مشكلة العنف ضد المرأة. لكن عمليا، وفق كويروز-بيريز، تعرقل تطبيقها « النزعة الذكورية المترسخة في المؤسسات العامة ».