رغم التأكيدات على أن الملكة إليزابيث الثانية تنوي البقاء «في وظيفتها» حتى النهاية، فإن الإعلام البريطاني بدأ فجأة في التلميح إلى تفكيرها في التقاعد خلال 18 شهراً، أي عند بلوغها سن الخامسة والتسعين، تاركة الأمير تشارلز في مكانه بصفته ولي العهد. الملكة إليزابيث لا تنوي التقاعد بعد بلوغ الخامسة والتسعين لكن وفق تقرير نشره موقع صحيفة USA Today الأمريكي، فإن هذه الأنباء مستحيلة بأي حال، وذلك وفق أخبار من مكتب أمير ويلز. صدر البيان يوم الخميس 5 دجنبر من كلارنس هاوس، وهو قصر الأمير تشارلز ومكتبه في لندن، لينفي تفكير الملكة في التقاعد أو حتى تداول النقاشات في ذلك. جاء في بيانٍ تأكدت صحيفة USA TODAY من صحته: «لا توجد خطط لأي تغييرات في الترتيبات عند وصولها (الملكة إليزابيث) سن الخامسة والتسعين، أو أي سن أخرى». لكن يجب الإشارة إلى أن تفكير قصر الأمير تشارلز، المعروف باسم كلارنس هاوس، في وجوب التأكيد على خطأ هذه الافتراضات القديمة عن أطول عهد ملكي في التاريخ البريطاني (67 سنة ولا تزال مستمرة) هو أمر ذو مغزى. بعد أن كرّست الملكة نفسَها للواجب الملكي قبل حتى أن تتولى الحكم في عام 1953، أعلنت الملكة أنها لن تتنازل عن العرش أبداً، ولن تستقيل ولن تتقاعد. أما وقد صارت الآن في الثالثة والتسعين فقد تباطأت قليلاً، إلا أنها لا تزال بصحة جيدة. لكن لماذا تنتشر الآن التكهنات والشائعات حول تقاعدها؟ حسب التقرير الأمريكي، تنتشر هذه التكهنات لأن ابنها الثاني الأمير أندرو؛ دوق يورك، البالغ من العمر تسعة وخمسين عاماً تقاعد، معلناً أنه «سيتنحّى» عن جميع الواجبات الملكية في «المستقبل القريب»، وذلك في أعقاب الإحراج الكارثي الذي حدث بسبب علاقته بالأمريكي جيفري إبستين، المتهم بجرائم جنسية، وفشله في توضيح الأمر بشكل مقنع أثناء حوار له، أدين على نطاق واسع، مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) الشهر الماضي. قال أندرو إنه طلب إذن الملكة للانسحاب من دائرة الأضواء الملكية، وقد وافقت. وأذاعت عناوين الصحف الشعبية البريطانية أن الملكة «طردت» أندرو، ثم تغيّرت العناوين إلى أن الملكة استشارت تشارلز، البالغ (71 عاماً)، وابنه الأمير ويليام، (37 عاماً)، والثاني في الترتيب إلى العرش، والذي رجَّح بدوره إبعاد أندرو. ثم ظهرت عناوين الأخبار التي تقول إن الأمير فيلبس، زوج الملكة (98 عاماً)، الذي تقاعد قبل عامين، أوضح أن أندرو كان ينبغي له الرحيل لإنقاذ اسم العائلة الملكية. وقد خرجت دعوات بضرورة التخلص من النظام الملكي بالكامل أعادت الضجة، التي وُصفت بأنها أسوأ كارثة ملكية وقعت منذ عقود، الحديث عن تقاعد الملكة في الإعلام البريطاني، بل أعادت الحديث بين الجمهوريين المتعصبين وفي صفحات جريدة The Guardian عن التخلص من النظام الملكي بأسره. كان عنوان المقال الذي كتبته الصحفية سوزان مور في صحيفة The Guardian الشهر الماضي هو «Let's get off our knees and abolish the monarchy»، أي «لنقف على ركبتينا ونُبطل النظام الملكي». وقد قالت فيه: «أندرو لم يكن مجرد تفاحة فاسدة، بل يأتي من بستان ملكي مليء بها. لقد حان الوقت لتنضج بريطانيا لتصير جمهورية». أما السيرة الذاتية Charles at Seventy: Our Future King التي كتبها المراسل الملكي السابق، روبرت جوبسون، عن الأمير تشارلز، فقد أورد مؤلفها عن بعض المسؤولين الملكيين الكبار قولهم إن تشارلز يُعتبر فعلياً «ملك الظل»، وإن الملكة قد تتقاعد في عمر الخامسة والتسعين، ليتولى ولي الحكم بدلاً منها. غير أن سالي بيديل سميث، كاتبة السير الذاتية الملكية الأمريكية، التي ألفت كتباً عن الملكة وتشارلز، تقول إنها لا تصدق الأخبار المتداولة عن تنحي الملكة مبكراً. سالي بيديل قالت لصحيفة USA TODAY، إن مثل ذلك الكلام لطالما كان ينتشر منذ أعوام، وقد برز مرة أخرى بفضل الفوضى التي أحدثها أندرو. لكن سالي أضافت أن تعهد الملكة، الذي قطعته وهي في الواحدة والعشرين من عمرها، وأكدته مرات متعددة من ذلك الحين، هو أن تخدم بصفتها ملكة حتى وفاتها. وسبق أن تحدَّثت الملكة إليزابيث عن استمرارها للأبد دون تقاعد كانت إليزابيث قالت في كلمتها الإذاعية التي وجَّهتها إلى العالم من جنوب إفريقيا بمناسبة عيد ميلادها الحادي والعشرين: «أعلن أمامكم جميعاً أنني سأُكرّس حياتي كلها، سواء كانت طويلة أم قصيرة، لخدمتكم وخدمة عائلتنا الإمبراطورية العظيمة التي ننتمي جميعاً إليها». وتقتبس سالي عن الراحلة مارغريت رودس، ابنة العم الأولى للملكة، التي ذكرت ما قالته الملكة عام 2003، عندما أعلن رئيس أساقفة كانتربيري تقاعده. قالت سالي: «تنهدت الملكة وقالت «هذا شيء لا يمكنني أن أفعله. سوف أستمر إلى النهاية». وسيكون التعديل الوحيد على ذلك هو في حال إصابتها بسكتة دماغية أو بالزهايمر. وتضيف: لكن مارغريت رويدس أضافت أنه «حتى حينها لن تتقاعد». بالإضافة إلى ذلك فلن يسمح القانون البريطاني للملكة بنقل سلطتها ببساطة إلى تشارلز ليحكم نيابة عنها؛ إذ إن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك، ويشمل موافقة أشخاص أكثر بموجب قانون ريجنسي. أوضحت سالي أنه يجب أن يقوم ثلاثة من أصل خمسة أشخاص، هم زوج الملكة ووزير العدل ورئيس مجلس العموم البريطاني وكبير قضاة إنجلترا وويلز ورئيس محكمة الاستئناف، بالإعلان كتابةً أن الملكة غير قادرة «لأسباب متعلقة بالعجز العقلي أو الجسدي»، على مواصلة واجباتها الملكية. تقول: «ويُطلب إثبات الأطباء للحكم بهذا العجز»، مضيفة: «بعبارة أخرى، هناك مجموعة من الإجراءات، ولذا فهو ليس شيئاً يُستدعى بسهولة، بل هو قضية كبيرة».