صدق من قال إن المصائب لا تأتي فرادى، مثل ينطبق حرفيا على عائلة عبد الرحيم، الذي خطف منه الموت أربعة من أفراد أسرته، بعد انفجار قنينة غاز حولت المنزل الصغير إلى ركام، ورمت بأجساد من كانوا فيه في المستشفى قبل أن يسلموا الروح لبارئها تباعا. تعود أطوار هذا الحادث المأساوي إلى يوم الأربعاء 20 أبريل الماضي، فأسرة عبد الرحيم التي تعيش في منزل واحد كانت تعيد أطوار حفل زفاف ابن الجيران، الذي عقد قرانه يوم قبل الفاجعة، لكن القدر لم يمهلهم كثيرا وفي لحظة اهتزت أركان البيت وحولت كل شيء مرتب إلى خراب، واستطاعت قنينة غاز صغيرة أن تقتل طفلا لم يبلغ سنته الثانية وترسل أمه وجدته وخالة أبيه إلى المستشفى. صراع من أجل الحياة جعل عبد الرحيم وما تبقى من أسرته يفترشون أرضية مستشفى ابن رشد، يثبتون أعينهم نصب باب جناح الحروق وينتظرون من يأتي لهم بخبر اليقين الذي كانوا يتمنونه خيرا، وتتعافى الأم والزوجة والخالة، لكن ما كل شيء نتمناه ندركه، وصار القدر كما يريد هو لا كما تريد العائلة المكلومة. عبد الرحيم الذي إلتقاه موقع « فراير » في مستشفى ابن رشد، كان يجلس أرضا بجانب جدته وليس في فمه سوى كلمات يتمتم بها « الحمد لله.. أنا صابر.. يقولو ليا غير مي وخالتي وردية آشنو كاين واخة أنا متأكد أنهم ماتوا ». يقين عبد الرحيم بدأ يتأكد تدريجيا، ففي لحظة وجودنا بالمستشفى نقلت جثة من جناح الحروق إلى مستودع الأموات، قبل أن تعلن الطبيبة المكلفة بالحالات لعبد الرحيم أن والدته في ساعة الاحتضار. وضع عبد الرحيم جثتي ابنه وزوجته تحت التراب، واليوم يستعد لأن يدفن بجانبهم جثتي والدته وخالته. مأساة يعتبرها عبد الرحيم امتحان من الله، يقول الكلمة إيمانا واحتسابا وعينيه تتطلع لوالده وجدته وإخوانه وطفلته اليتيمة، سأدفنهم وأعود للحياة، هؤلاء يحتاجون لي أكثر ممن رحلوا.