خمسة أشهر فقط تفصلنا على موعد الجمعة 07 أكتوبر 2016، ففي هذا اليوم ستنظم ثاني انتخابات تشريعية في ظل دستور 2011، التي ستفرز لنا ثاني حكومة بعد حكومة الربيع العربي و 20 فبراير التي حملت حزب العدالة والتنمية دو التوجه الإسلامي إلى الحكومة، بعدما نظمت انتخابات سابقة لأوانها في 25 نونبر 2011، بوأت إسلاميي المصباح المرتبة الأولى ب 107 مقعد… اليوم وبعد خمس سنوات، تمكن حزب المصباح من إتمام ولايته الحكومة مشكلا بذلك الإستثناء في المنطقة العربية التي انقلب ربيعها إلى خريف، معلنا بذلك عن انتهاء زمن الإسلاميين ببلدانها؛ وهو الآن مطالب بتقديم الحساب و إقناع الناخبين بحصيلته في تدبير الشأن العام. وفي المقابل، كثرت التخمينات بشأن من سيخرج منتصرا من هذه الإنتخابات؛ وانحصرت التوقعات حول كل من حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية اللذان يجسدات ثنائية قطبية في المشهد السياسي والحزبي الحالي؛ هذه الثنائية تأكدت خصوصا بعد انتخابات 04 شتنبر 2015 الجهوية والجماعية، التي أكدت أن محطة تشريعات 07 أكتوبر المقبل ستشهد حرب كسر للعظام بين الجرار والمصباح، زاد تأكيدها صعود إلياس العماري أمينا عاما لحزبه في فبراير الماضي…فكيف سيكون إذا المشهد السياسي المغربي غداة السابع أكتوبر المقبل؟ هل سيتمكن حزب الإسلاميون المعتدلون من « اكتساح » الإنتخابات المقبلة وقيادة حكومة يشكل فيها حزبهم قوة أغلبية مهمة ورقما صعبا في المعادلة السياسية ؟ أم أن تراكتور الأصالة والمعاصرة سيدخل محطة 07 أكتوبر معلنا بذلك عن طي صفحة البيجيدي ومباشرة تسييره للشأن العام عبر مؤسسة رئاسة الحكومة ؟ البيجيدي…هل دقت ساعة الرحيل ؟ صعد حزب العدالة والتنمية كما هو معروف إلى السلطة فوق أمواج الربيع العربي في نسخته المغربية؛ واستطاع أن يقاوم « موجة الردة » التي عصفت بإخوانه في مصر وتونس مهد شرارة الإنتفاضة العربية، وها هو اليوم يصل إلى المحطة الإنتخابية بعدما أتم ولايته الحكومية بحلوها ومرها… حزب الإسلاميين اليوم يراهن على تصدر نتائج الإنتخابات المقبلة لعدة عوامل من بينها حصيلته الحكومية التي يعتبرها « مشرفة »، أضف إلى ذلك « نظافة اليد » و إيتيكيت « المعقول » اللذان يتخذهما الحزب كأصل تجاري له، هذا دون أن نغفل نتائج محطة 04 شتنبر التي أعطت للحزب دفعة قوية جعلته يعتبر بأن الإنتخابات التشريعية في « الجيب ». معطى آخر يمكن القول أنه يشكل عنصر قوة مهم بالنسبة للعدالة والتنمية، يكمن في زعيمه عبد الإله ابن كيران الذي حقق معه الحزب مكاسب كثيرة و هائلة؛ ابن كيران بالنسبة للمراقبين والمتتبعين « ظاهرة سياسية » و »آلة تواصلية » و »بلدوزير » يقوى على المواجهة و »حيوان سياسي » ذو حس برغماتي..كل هذه التوصيفات تجعل من الرجل ورقة رابحة جعلت حزبه يقرر التمديد له على رأس قيادة الحزب لسنة إضافية وذلك خلال المؤتمر الإستثنائي، الذي سيعقد أواخر هذا الشهر الجاري.. ولكن، على الرغم من كل هذه المعطيات، فإن التشكيك في احتمال احتفاظ ابن كيران وحزبه بموقع الصدارة في تشريعات أكتوبر تعززه هو الآخر معطيات أخرى؛ فالحزب مطالب بتقديم حصيلة تدبيره للشأن العام، الشيء الذي لن يكون بالأمر الهين ،على اعتبار أن الحزب الإسلامي لم يحقق كل ما وعد به، إبان حملته الإنتخابية لسنة 2011، فحصيلة الحزب تظل حصيلة متواضعة، لم ترق إلى مستوى تطلعات المغاربة والقرارات اللا شعبية التي لطالما اتخذتها الحكومة منذ وصولها، أثارت « سخط » المواطنين. أما سياسيا، فإن التغيرات التي قامت أم الوزارات بإدخالها على القوانين المنظمة للعملية الإنتخابية، من قبيل تخفيض العتبة من 6% إلى 3%، هي الأخرى مؤشر مهم يفيد باحتمال عدم تمكن الحزب من الإحتفاظ بمركزه الإنتخابي. البام…هل حان موعد الوصول إلى الحكم ؟ منذ لحظة انتخابه أمينا عاما لحزب الأصالة و المعاصرة و قراره بالخروج من الظل إلى النور؛ عبر إلياس العماري بطريقة صريحة عن طموحه لتجاوز حزب ابنكيران في الإنتخابات التشريعية المقبلة وتولي البام رئاسة الحكومة القادمة. ولعل الركائز التي أسس عليها الامين العام لحزب الجرار طموحه هذا، هو تصريحه عقب توليه قيادة تراكتور البام بأن حزبه لم يكن يطمح إلى رئاسة الحكومة في سنة 2012 التي كانت السنة القانونية لإجراء الإقتراع التشريعي، وأنه كان يسعى إلى تحسين موقعه والصعود لربما إلى الحكومة في أفق سنة 2017 ؛ هذا دون أن ننسى تأكيده أن حزب البام قلص في 2011 من مشاركته في الإنتخابات، وذلك بعدم تجاوزه لعتبة الخميسن مقعدا، من أجل فسح المجال للعدالة والتنمية للفوز بالانتخابات، تنفيذا لتعليمات قال العماري بأنها مصدرها جهات في الدولة . وعلى مستوى الحزب وفي الإجتماع الأول للمجلس الوطني، أعلن العماري عن خطته لخوض معركة 07 أكتوبر التي بناها أساسا على حشد الآلة الإنتخابية ومواجهة البيجيدي، أضف إلى ذلك أن حزب العماري يعول على أطر حزبه الأكفا،ء على اعتبار أن الحزب الذي يقود التجربة الحكومية الحالية كان يعاني من نقص في الأطر التي تتمتع بما يكفي من الخبرة والكفاءة واالدراية بالملفات والمشاكل التي تواجه البلاد خصوصا في المجالين الإقتصادي والإجتماعي.