أصدر بيت الحكمة بلاغا يرد فيه على تصريحات حسن الكتاني حول ما يجري في مصر. وهذا نص البلاغ الذي توصلت به "فبراير.كوم". في خرجة إعلامية مثيرة ، أكد حسن الكتاني، أحد رموز التيار السلفي بالمغرب بأنه لا يعادي القيم الكونية للإنسانية فقط، بل وضع نفسه ضد حركية التاريخ مع ما راكمته البشرية من تطورات وتقدم مذهل في شتى المجالات على مر العصور، حيث اعتبر "أن الديمقراطية نظام علماني لا يصلح للمسلمين" . وهذا التصريح يترجم في العمق العداء الدفين لقيم التعددية والاختلاف، ولمقومات التمثيلية السياسية المبنية على قواعد وأعراف الديمقراطية الكونية ضدا على أنماط الحكم الديكتاتوري والشمولي أيا كانت مرجعياته. كما يبرز الطابع الحربائي للفكر السلفي الذي يعلن القيام ب"مراجعات" فكرية دون تحقيق ذلك عمليا. ففي معرض دفاعه عن حكم "الإخوان المسلمين"، واستخلاصا منه لدروس مصر اعتبر بأن "الذي يحكم يجب أن يكون حازما قويا " و"أن الحدود الشديدة شرعت لردع الجناة وترهيب غيرهم " و"أن الناس تهاب القوي ولو كان ظالما".. إن هذه التصريحات بقدر ما تترجم تصورات الفكر السلفي لدى بعض رموز هذا التيار، بقدر ما تعكس الإيديولوجية التحكمية التي ينبني عليها هذا الفكر الذي يشرعن الاستبداد والترهيب والطغيان باسم الدين، إلى درجة إباحة التقتيل والعنف وتبرير هيمنة الحاكم المستبد باسم ما يسميه الكتاني "هيبة الدولة"، إذ يصرح بدون تردد بأن "الدول تقوم بالهيبة ، وذهاب الهيبة هو ذهاب للدولة". وهي دعوة صريحة للاستبداد، حيث يدرك الجميع اليوم بأن "هيبة الدولة" لا تقوم على الغلبة والعنف، وإنما مصدرها احترام القانون والحريات وحقوق المواطنة. إن المرجعية التي تستند عليها هذه التصريحات بقدر ما تعادي أسس الدولة المدنية القائمة على التداول الديمقراطي والسلمي على السلطة، بقدر ما تختبئ وراء الدين لتبرير الهيمنة السياسية والحكم الشمولي، ناهيك عن كونها تريد إيقاف عجلة التاريخ، وإرجاع البشرية قرونا إلى الوراء. إننا في بيت الحكمة بقدر ما نستنكر مضمون هذه التصريحات، بقدر ما ننبه مجددا إلى خطورة هذا النوع من التفكير الذي يتنكر للتاريخ، ويعادي مكتسبات المجتمع العصري، ويذكي فتيل الفتنة والتطرف ضدا على القيم الإنسانية النبيلة القائمة على الحوار والانفتاح ونبذ العنف والاستبداد أيا كان نوعه ومنطلقاته.