انطلقت الحرب بين حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار بجهة الدارالبيضاء الكبرى، الحرب التي لم تعد حبيسة الكواليس ومن وراء الجدران، حسب مصدر متتبع، بل خرجت إلى العلن بين حلفاء أمس في إطار ما كان يصطلح عليه ب »جي 8″. وتشهد مجموعة من المقاطعات والجماعات الترابية بجهة الدارالبيضاء الكبرى مواجهة بين القيادات المحلية والوطنية بالحزبين في أفق الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة. والبداية بمقاطعة سيدي مومن، التي بلغ الصراع بها أوجه، بين محمد بوالرحيم، عن التجمع الوطني للأحرار، وأحمد ابريجة عن حزب الأصالة والمعاصرة، في التنافس على رئاسة المقاطعة، والتي في الغالب سيكون لحزبي العدالة والتنمية والاتحاد الدستوري دور في حسم الصراع، لصالح طرف من الطرفين. أما في مقاطعة سيدي عثمان فالصراع سيتخذ منحى آخر، خاصة أن رئيس نادي الوداد الرياضي لكرة القدم، سعيد الناصري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، دخل في « حرب شرسة » لتنحية محمد حدادي من التجمع الوطني للأحرار عن رئاسة المقاطعة. وبمقاطعة الحي المحمدي، التي يراسها الاتحاد الدستوري، لن تخلو من الصراع بين الغريمين، الأحرار والبام، حيث يتعرض التجمعي محمد بوخيام لحصار صارم من طرف مسؤولي البام بالمنطقة، خاصة وأن بوخيام على خلاف كبير مع مصطفى حركات، رئيس غرفة الصناعة التقليدية المنتمي لأصالة والمعاصرة، وهو الخلاف الذي وصل إلى ردهات المحاكم، ورغم ان حظوظ البام بهذه المقاطعة ضعيفة، إلا أن الهدف هو التضييق على بوخيام. ولن تسلم مقاطعة عين الشق من هذه الحرب ين الحزبين، خاصة بين محمد شفيق بنكيران، رئيس المقاطعة، ورئيس الجهة، وأحد الأقطاب الأساسية لحزب التجمع الوطني للأحرار بالدارالبيضاء، وعدد من مسؤولي البام بالمنطقة، خاصة بعد إقامة سوق نموذجي للصناعة التقليدية بتراب المقاطعة، دون موافقة أو إذن رئيسها، الأمر الذي اعتبره بنكيران تحديا له، وانتقاصا من سلطته كرئيس للمقاطعة، ليتطور الخلاف إلى مواجهة بين الحزبين، انتهت بإلغاء إقامة السوق النموذجي. أما في مقاطعة عين السبع، والتي يرأسها البرلماني حسن بنعمر، أحد القياديين الأساسيين للتجمع الوطني للأحرار بالعاصمة الاقتصادية، فإن الأصالة والمعاصرة اختار لمواجته كائن انتخابي تربى في اليسار، التقدم والاشتراكية، قبل أن ينفصل عنه، في الولاية الحالية، ليلتحق بالاتحاد الدستوري، إنه عبد الفتاح مناضل، الذي راكم تجربة مهمة في العمل الجماعي، منذ زمن بعيد، ويعد من أكبر خصوم بنعمر، والذين ما أكثرهم في تلك المقاطعة، وسيترشح مناضل وكيلا للائحة حزب الجرار في الانتخابات الجماعية المقبلة بمقاطعة عين السبع. وفي ضواحي الدارالبيضاء لن تقل الموجهة عن مثيلتها في وسط الدارالبيضاء، بل ستكون ارس واعنف، حيث خاض عبد الكريم شكري، عن الأصالة والمعاصرة، « حرب استنزاف » وسط حزب التجمع الوطني للأحرار، خاصة بعد هجرة الطيور المغردة وبشكل جماعي، على راسهم محمد لومو، من حزب الحمامة إلى ركوب الحصان (الاتحاد الدستوري). ويعد ما سبق، حسب مصادر متطابقة، القليل من الكثير في صراع القوة والقوى بين حزبين لهما وزنهما على مستوى العاصمة الاقتصادية، ويعدان من أعمدة الجماعة الحضرية، بل ومن الفاعلين الأساسيين في حبك سيناريوهات هياكلها وهياكل المقاطعات، خاصة بعد إضعاف الحركة الشعبية، التي لم تعد تلك القوة التي كانت عليه، وسيبقى لحزب العدالة والتنمية والاتحاد الدستوري، على مستوى الدارالبيضاء، وحزب الاستقلال على مستوى بعض المقاطعات والجماعات دور في ترجيح كفة على أخرى سواء في الظفر برئاسة مقاطعة أو جماعة أو التموقع ضمن الأغلبية، فيما باقي الأحزاب لم يعد لها وجود في العاصمة الاقتصادية خاصة التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي. واستغربت مصادر من التجمع الوطني للأحرار صمت قيادة الحزب، و »حيادها » اتجاه الحرب التي يشنها حزب الأصالة والمعاصرة على قيادييها بالجهة، فيما يجد البام الدعم والمساندة من قيادته، التي تنزل بين الفينة والأخرى بكل ثقلها، سواء بعقد تجمعات جماهيرية أو لقاءات تنظيمية مكثفة.