ما نشرته جريدة المساء في عددها لنهاية الأسبوع، تحت يافطة التحقيق، وحول ما نعتته بوقائع التزوير التي طالت انتخاب هياكل حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مؤتمره الأخير، يعتبر بمثابة زلزال كبير على سلم قياس الممارسة السياسية... هو اتهام صريح مسنود بشهادات أطراف عديدة، منها المنتمية لهذا الحزب ومنها من هو غير منتم إليه، موظفون عموميون في إدارة التراب الوطني، ومنتمون إلى أحزاب أخرى لا علاقة لها بحزب القوات الشعبية.... كانت أخبار التزوير تروج في الكواليس وعلى صفحات المواقع الاجتماعية، بشكل شفهي وفي نطاق نخبوي يهم رواد هذه الشبكات، الآن أصبحت هذه الأخبار موثقة في أوراق جريدة يومية كانت تعتبر إلى وقت قريب من أكثر الجرائد بيعا في الوطن... كما تناقلت كثير من المواقع الالكترونية ردة فعل القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العمري، سواء عبر نقل واقعة المكالمة الهاتفية مع الصحفي الذي أنجز التحقيق، والذي انتهى بالشنآن، أو نقل تصريح المعني وعزمه مقاضاة الجريدة نظرا لضرر لحقه من هذا النشر... نقلت كذلك تكذيب الوزير السابق، محمد عامر، كون السيد إلياس العمري اتصل به وحدثه بما نقلته المساء... لم يدل ادريس لشكر بأي تصريح في الموضوع، وكأن الأمر لا يعنيه... كما لم ينعقد أي اجتماع للمكتب السياسي ليتدارسوا خطورة هذا التحقيق، ويصدروا بيانا يكذبوا فيه ما ذهب إليه... تصدر بعد ذلك جريدة الاتحاد الاشتراكي لعدد 10330 بتاريخ الإثنين 25 فبراير 2013، وهي بالمناسبة لسان حال الحزب، خالية من أي رد على ما ورد في جريدة المساء... اللهم بضعة أسطر تحكي فيه ما ورد على بعض المواقع الاجتماعية من تكذيب لمحمد عامر والياس العماري.... لغة المادة تشبه إعلانات وكالة المغرب العربي للأنباء... جاء في ركن من يوم لآخر، جملة محتشمة حول تقوية الجبهة الاجتماعية، تشير بنوع من المواربة إلى واقعة التحقيق، حيث يرد في الركن "ولن تستقيم دعوات من هذا القبيل مع الحملات الإعلامية التي تزعزع الكيانات الجماعية، كيفما كانت طبيعتها أو مساراتها". في جريدة الصباح، لنفس اليوم، تكذيب لعبد الوهاب بلفقيه، لا ينفي فيها التزوير الذي حصل، بل فقط ينفي عن الضريس شرقي تهمة التدخل في المؤتمر، ليطرح السؤال لماذا اختار هذا الاتحادي الذي يشك التحقيق في أحقيته لتقلد المسؤولية في أجهزة الحزب، جريدة غير جريدة حزبه ليكذب ما يريد تكذيبه... ربما لأن المعنيين برسالته لا يقرؤون جريدة الحزب، ويفضلون عليها جريدة الصباح... "كشكش" إلياس العماري لأنه يعي جيدا خطورة ما تم نشره، لكن ما كان على حزب من حجم الاتحاد الاشتراكي أن يكتفي "بتكشكيشة" إلياس.... فهي على كل حال تبرئه هو، لكنها لا تنفي وقائع التزوير التي جاءت على لسان أكثر من مناضل وفي أكثر من جهة... هذا ما يظهر بشكل علني وراء هذا التحقيق، فما الذي يخفيه يا ترى؟ لا تُلعبُ السياسة في المغرب بشكل مكشوف، بل لعل كل ما تغزله من سَكَنِ الكواليس... لتطرح الأسئلة التي يجب البحث عن أجوبة لها: لماذا انفردت المساء بهذا التحقيق؟ ثم لماذا تم التركيز على اسم القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، مع ضرورة استحضار بعض الإشارات لعلها تنفع التحليل، منها إقحام اسم نفس القيادي في محاكمة المساء السابقة، التي واكبها اعتقال صاحب عمود "شوف تشوف"... منها ذكر اسم الياس العماري في محاكمة اكديم ايزيك الأخيرة ثم تصريحه حول نقل رفات عبد الكريم الخطابي... لماذا سكتت جريدة الحزب عن ما ورد في المساء؟ وما هي الصراعات التي تتقاطعها بدورها؟ فقط وجب التنبيه أن هناك رأي عام تشكل حول حزب الاتحاد الاشتراكي الحالي، كون قيادته مزورة، وأنه أصبح أداة طيعة في يد جهة ما... لها مصالح أخرى غير مصالح القوات الشعبية... ذلك بفضل المساء وسكوت المحرر... عفوا جريدة الاتحاد الاشتراكي.