استطاعت الأندية المغربية على امتداد التاريخ الكروي أن تنتزع 4 كؤوس من الأندية التونسية، بينما حققت الأندية التونسية 5 كؤوس على حساب الأندية المغربية، وهو ما يعني أن العقدة التونسية لا أساس لها من الصحة. فما سر هذه العقدة التي غذت حديث الرأي العام بين المغرب وبين جارتنا تونس؟ وما حقيقتها؟ ينتظر فريق المغرب الفاسي أن يخوض مقابلة نهائية ضد الترجي التونسي في إطار كأس «السوبر»، بعد أن حاز الأول كأس الاتحاد الإفريقي، وفاز الثاني بعصبة الأبطال الإفريقية، فهل يمكن للفريق الفاسي أن يعادل رصيد الكرة المغربية مع نظيره للكرة التونسية بإضافة كأس أخرى تضع الكرة المغربية في نفس المرتبة مع الكرة التونسية.. تاريخ يستحق للقراءة.
إذا كان فريق الوداد وقبله الجيش الملكي قد فشلا في مقارعة الأندية التونسية التي غالبا ما شكلت عقبة توقفت أمامها عجلة هذه الفرق، إلا أن فرقا مغربية أخرى استطاعت أن تشكل عقدة للفرق التونسية في كل نهائي تلعبه أمامها، حيث اكتسحت الفرق المغربية المتوسطة الأربع نهائيات التي جمعتها بكبار الكرة التونسية. الكوكب المراكشي والفتح الرباطي والمغرب الفاسي والرجاء البيضاوي، كلها فرق استطاعت انتزاع كؤوس نهائية أمام نواد تونسية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سجلت فرق مغربية أخرى نتائج جد مشرفة ضد الأندية التونسية رغم قلة التجربة. البداية كانت سنة 1955، فريق الراسينغ البيضاوي (الذي اندمج فيما بعد مع فريق الرجاء) يحرز أكبر نتيجة على الإطلاق بين الأندية المغربية والتونسية، وذلك عندما تغلب على فريق قوي هو الإفريقي التونسي بسباعية نظيفة في إطار كأس شمال إفريقيا في دور الربع النهائي. سنة 1986، وفي إطار الدور ربع النهائي لكأس إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس، انتهت مباراة الذهاب وكذلك الإياب بين المغرب الفاسي وحمام الأنف بالتعادل السلبي، ليبتسم الحظ للفريق التونسي بركلات الترجيح. ومرة أخرى، وفي نفس الكأس في دورها الثاني لسنة 1990، يفشل المغرب الفاسي في تجاوز فريق تونسي، وهذه المرة أمام الترجي الرياضي الذي تفوق على الفريق الفاسي بتونس برباعية نظيفة رغم الفوز الصغير للمغرب الفاسي بأرضه بهدف يتيم. غير أن المغاربة كان عليهم انتظار سنة 1996 لكي يكونوا شاهدين على أول نهائي ينتزعه فريق مغربي من ناد تونسي، وذلك بعد الإنجاز الكبير الذي حققه نادي الكوكب المراكشي أمام فريق قهر كبار المغرب، وهو النجم الساحلي التونسي، فلم يكن أحد يرشح الفريق المغربي إلا أنه ورغم ثلاثية النجم، استطاع الكوكب، بفضل هدف الزبدي بسوسة، انتزاع لقب كأس الاتحاد الإفريقي بعد فوزه بمراكش بثنائية نظيفة من تسجيل العمراني والدميعي، لتكون تلك المرة الأولى والأخيرة التي يتجاوز فيها فريق مغربي نادي نجم الساحل التونسي. سنة 2002، وفي ثالث نزال له مع الأندية التونسية، يخسر المغرب الفاسي مع الإفريقي التونسي بنتيجة 4 أهداف لهدف، وذلك في إطار بطولة الأندية العربية الموحدة لكرة القدم، والتي تحولت فيما بعد إلى دوري أبطال العرب. الهزيمة كان لها وقع كبير على الفريق الفاسي، مما جعله يدخل في أزمة إدارية في تلك البطولة التي لعبت بجدة السعودية. سنة 2004، وفي أول مشاركة للفريق بكأس قارية بعد تتويجه بطلا للمغرب، لم ينجح فريق حسنية أكادير في تجاوز عقبة نجم الساحل الذي تغلب على الحسنية بهدفين بدون رد، بتونس بعد التعادل السلبي بأكادير وذلك في إطار الدور الثاني لكأس عصبة الأبطال الإفريقية. سنة 2006، وفي إطار كأس الاتحاد الإفريقي، ستحقق الكرة المغربية فوزا تاريخيا مرة أخرى على الكرة التونسية، حيث اكتسح أولمبيك خريبكة ترجي جرجيس بسداسية نظيفة سجل منها رفيق عبد الصمد رباعية، ليتأهل الفريق الخريبكي إلى الدور الموالي رغم هزيمته ذهابا بهدف وحيد، لتكون ثاني أكبر نتيجة بين الفرق المغربية والتونسية. بعد ذلك بسنتين، سيتوهج المغرب الفاسي في مباراة تاريخية بتونس، وذلك بعد أن أحرج العملاق التونسي الترجي وهو يتعادل معه بأربعة أهداف لمثلها، وذلك في إطار نصف نهائي كأس شمال إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس، وقد كان الفريق الفاسي قريبا جدا من تجاوز تاريخي للترجي، لولا أنه انهزم في الوقت الميت من مباراة الإياب بفاس بهدف نظيف من توقيع وجدي بوعزي. سنة 2008، فريق مغربي صغير يحرج مرة أخرى العملاق الترجي، ففي إطار الدور الثاني من كأس الاتحاد الإفريقي، يفوز الرشاد بالدار البيضاء ب3 أهداف لهدف واحد، وقد كان الفريق المغربي قريب جدا من تجاوز الترجي، غير أنه انهزم بهدفين في مباراة الإياب بالمنزه، أحد هذه الأهداف كان من تسجيل مدافع ضد مرماه. سنة 2009، سيكرر المغرب الفاسي خيبته أمام الأندية التونسية، وهذه المرة في الأدوار التمهيدية لكأس الاتحاد الإفريقي، وذلك عندما انهزم أمام قوافل قفصة بهدف وحيد بتونس بعد التعادل الإيجابي بهدف لمثله بفاس. غير أنه سنة 2010 وفي إطار كأس الاتحاد الإفريقي، فريق مغربي يحقق إنجازا تاريخيا جديدا على الأندية التونسية، إنه الفتح الرباطي بقيادة عموتة، والذي تواجه 4 مرات مع الصفاقسي التونسي، مرتين في دور المجموعات، حيث تغلب هنا بالرباط بهدفين لهدف، وانهزم هناك بثلاثة أهداف، ليلتقي معه مرة أخرى في النهائي. اللقاء الأول بالرباط انتهى بالتعادل السلبي، واللقاء الثاني بصفاقس كان تاريخيا للفتح الذي انتصر ب3 أهداف لهدفين عبر هدف لبوخريص وثنائية للزويدي، ليتوج الفتح الرباطي باللقب من وسط تونس. هذه السنة، يتمكن فريق المغرب الفاسي من تحقيق إنجاز مزدوج بتغلبه على الإفريقي التونسي: الأول هو إنهاؤه للعقدة التونسية التي لازمته، والثاني هو إحرازه للقب كأس الاتحاد الإفريقي الذي احتفظ به المغرب للمرة الثانية على التوالي. هذا الإنجاز تحقق على يد المدرب الطاوسي، وذلك بعد مباراة الذهاب التي انتهت بهدف وحيد للفريق التونسي رغم الأداء المميز للفريق الفاسي، والإياب الذي انتهى بالنتيجة ذاتها رغم إلغاء الحكم لهدف صحيح، لتنصف ركلات الحظ الفريق الفاسي، وذلك بفضل تألق حارسه أنس الزنيتي. إذن، هذه كانت جميع محطات مواجهات الأندية التونسية مع الفرق المغربية دون احتساب العمالقة الثلاثة (الوداد، الرجاء، الجيش)، والتي تتوزع على الشكل التالي: 8 انتصارات، 6 تعادلات، 10 هزائم، ولكن يبقى الأهم هو حصد هذه الأندية المغربية ل3 كؤوس على حساب الأندية التونسية في كل النهائيات التي تواجهت معها فيها. من هنا وكنتيجة لهذا الملف الذي أنجزناه حول المواجهات الكاملة للفرق التونسية والمغربية، يظهر أن العقدة التونسية لا وجود لها كما يعتقد البعض، فقد استطاعت الأندية المغربية أن تنتزع 4 كؤوس من الأندية التونسية، بينما حققت الأندية التونسية 5 كؤوس على حساب الأندية المغربية، ويمكن أن نقول إن نجم الساحل، مثلا، شكل وحشا مخيفا للعمالقة المغاربة، لكن فريقا متوسطا كالكوكب استطاع أن ينتزع منه لقبا قاريا، لتكون الخلاصة ككل أن المواجهات المغربية-التونسية تبقى مواجهات قوية وشيقة ومن الصعب جدا التكهن بنتيجتها.