الPPS يشجب شراء الضمائر تحت يافطة "العمل الخيري" من طرف الأحرار    بعد وفاة بن عيسى.. فتح باب إيداع الترشيحات لرئاسة مجلس جماعة أصيلة    المغرب وروسيا يوقعان اتفاقًا جديدًا للصيد البحري لمدة أربع سنوات    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    نتنياهو يهدد بالتفاوض تحت النار.. وحماس تدعو للضغط على واشنطن    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    حكومة نتنياهو توافق على عودة بن غفير رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة    المنتخب المغربي يواصل تحضيراته لمباراتي النيجر وتنزانيا قبل السفر إلى وجدة    أسود الأطلس مكتملي الصفوف يستعدون لمواجهتي النيجر وتنزانيا..    أولمبيك آسفي يعلن انفراجا في أزماته بعد تدخل لقجع    العصبة والجامعة تحددان مواعيد كأس العرش واستئناف البطولة    ريتايو: "لا نريد الحرب مع الجزائر الجزائر هي من تهاجمنا"    الذهب يصعد لأعلى مستوى    المغرب يتحرك لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية داخل الاتحاد الإفريقي    اللجنة الوطنية لحماية المعطيات تطلق برنامجا لضمان الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي    اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستشاره الإعلامي وتقييد الوصول لوسائل التواصل الاجتماعي بتركيا    أرباح الأندية المغربية من بيع اللاعبين في 2024 تبلغ 8.27 مليون دولار    منخرطو الوداد ينتفضون في وجه الرئيس آيت منا    مؤلم.. العثور على رضيع حديث الولادة قرب مسجد بمريرت    كيوسك الأربعاء | تقرير يبوئ المغرب الرتبة السابعة عربيا في مؤشر النجاعة القضائية    تلمسان.. مدينة مغربية لقرون طويلة قبل تغيير هويتها    مسؤول بحماس: لم نغلق باب التفاوض    شركة صينية تفوز بصفقة لتوسيع الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    "التسوية الطوعية" تَخفض حاجة البنوك إلى السيولة بداية عام 2025    إسبانيا تعزز موقعها كشريك تجاري أول للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي    مسيرة بطنجة تندد بحرب الإبادة    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    المغرب في مواجهة أزمة مائية متفاقمة: تقرير يسلط الضوء على التحديات والحلول المستقبلية    المغرب يعزز الحوار الإفريقي: مشاورات غير رسمية مع الدول في مرحلة انتقالية    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: مشاورات غير رسمية مع الدول في مرحلة انتقالية سياسية    من اغتال كينيدي ؟ .. ترامب يكشف للعالم الحقيقة    إعادة الإدماج بنون النسوة: حفل إفطار جماعي لنزيلات السجن المحلي العرائش 2    جنيف : فاعلون صحراويون ينددون بالانتهاكات والقمع في مخيمات تندوف    صندوق النقد الدولي يمنح المغرب 496 مليون دولار    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    ترويج مواد صيدلانية يجر ثلاثة أشخاص للاعتقال    الشرطة القضائية تفكك شبكة لسرقة سيارات كراء السيارات بمدينة البئر الجديد    يسار يشكر جمهوره بعد ليلة لا تُنسى في الدار البيضاء    "دبلوماسية الطعام"    جائزة "مبدعات" تعود بدورتها الرابعة لدعم إبداعات النساء    حِكم حَلاجِية..    لوديي يستقبل الوزير المنتدب لدى رئاسة جمهورية الكاميرون المكلف بالدفاع    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    أَكُلُّ هذا القتل من أجل تجويد شروط التفاوض؟    التمني في زمن التفاهة.. بين الحلم والواقع    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بذكراه الثلاثين ويكشف عن أعضاء لجنتي التحكيم    أيوب كريطع يتوج بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلسطينيون يريدون تغيير النظام
نشر في السند يوم 03 - 03 - 2011

إن كانت تونس ومصر قد سبقتا بإسقاط أنظمة الحكم فيها، وأجبرتا قيادتهما على التنحي والرحيل، وأسستا لنظمٍ ديمقراطية تحترم وتقدر حقوق الإنسان، فإن الفلسطينيين كانوا أسبق تفكيراً في ضرورة الإطاحة بكل المنظومة الفلسطينية الحاكمة، المتسلطة والمتربعة على كراسي السلطة والحكم، والمتحكمة وحدها سنين طويلة في القرار الوطني الفلسطيني، والمتنعمة دون غيرها بخيرات الحكم، وعطايا السلطة،
وهي التي جاءت إلى السلطة دون مشورة شعبها، وقد فرضت في أغلبها عليه،
دونما انتخاباتٍ أو استفتاءٍ على شرعيتهم، واستمرت في حكمه دون استشارته، وتحكمت في مصيره دون أن تشركه في القرار، فجلهم قد جاء إلى مراكز القوة والسيادة ولم يدفع ضريبة المنصب الذي تبوأه سنيناً، والموقع الذي يشغله تشريفاً، والذي تحكم من خلاله في شعبه طويلاً، فأيهم قدم من عمره سنيناً في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وأيهم عذب في أقبية الزنازين الإسرائيلية، ومن منهم عرف مرارة القيد وضيق الزنزانة ووحشة العزل في الإكسات، وعفونة المكان وقذارة الفراش، ومن منهم اكتوى بنار الحرمان من أهله وأطفاله وذويه ، فحرم رؤيتهم سنين طويلة، فترعرع أطفاله وشبوا بعيداً عنه، فلم يشهد طفولتهم، ولم يحنُ عليهم، ولم يربت على ظهورهم، ولم يتمكن من أن يشتري لهم الحلوى والألعاب وجديد الملابس والثياب، فجل كفاءتهم ومؤهلاتهم أنهم مقربون ومحضيون ومرضيٌ عنهم، يحسنون المديح، ويتقنون التزلف، ويتفنون في الإشادة بأصحاب القرار.
قلةٌ قليلة من القيادة الفلسطينية ضحت وأعطت، وعذبت وحرمت، وعانت وقاست، واستحقت بجدارةٍ أن تتقدم الصفوف، وتقود المسيرة، وتتحدث باسم الشعب، وتنوب عنه، وتعبر عن حاله، فقد جاء بعضهم من وسط الشعب الفلسطيني الصابر، وخرج من القرى والمخيمات، وعاش طويلاً في الأزقة والشوارع، وشاطر الأهل معاناتهم، واكتوى معهم بنار الاحتلال، وعرف مرارة السجن والقيد والاعتقال، ومنهم من قدم فخوراً ومعتزاً ولداً أو أكثر شهيداً في المعركة، ومنهم من فقد شقيقه أو والده سجناً أو شهادة، ومازال هذا النفر القليل من القيادة التي تدرك احتياجات شعبها ومطالبه، تعتقد أن المنصب الذي تشغله إنما هو أمانة، وهو عبء ثقيل، ومهمة عظيمة تتطلب منه الصدق والأمانة والحرص والوفاء، وتلزمه بأن يكون دائماً صادقاً مع شعبه، أميناً عليهم وعلى مصالحهم وحياتهم، يعيش معهم، ويختلط فيهم، ويسمع لهم، ويستجيب إلى طلباتهم، ويلبي احتياجاتهم، ولا يتكبر عليهم، ولا ينأى بنفسه عنهم، ولا يغامر بحياتهم، ولا يقامر بمصالحهم، ولا يضحي بهم لحساباته الشخصية، ومآربه الخاصة، يصدقهم القول، ويخلص لهم في النصيحة، يقدم عاملهم، وينصح مقصرهم، يحزنه مصابهم، ويؤلمه جرحهم، ويفرح لفرحهم، ويسعى لرسم البسمة دوماً على شفاههم، جيوبهم فارغة، وبطونهم خاوية، وبيوتهم متواضعة، فلا مدخرات عندهم، ولا حسابات سرية في مصارف عربية وغربية يخفون فيها أموالهم، يعيشون الكفاف كغالب أهلهم، الثياب الفاخرة عليهم غريبة، والسيارات المصفحة، والمرافقة ذات الخبرة، ومختلف أسلحة الحماية لديهم منكرة وغير محببة.
ولكن آخرين ممن يتربعون على كراسي القيادة، فيتربحون منها ويكسبون، ويأخذون ولا يعطون، ويقطعون ولا يصلون، ويحرمون ولا يمنحون، ويكذبون أكثر مما يصدقون، ويخلفون ولا يوفون، ويعدون ولا يلبون، ويتآمرون ولا يخلصون، ويظلمون ولا يعدلون، في أبراجهم العاجية يعيشون، وفي رغد العيش يرفلون، موائدهم عامرة، وبيوتهم فارهة، ومزارعهم وارفة، يرون عيشهم الرغيد في معاناة شعبهم، وفي المزيد من صراخهم وعويلهم، يجوبون الكون كله على ظهر شعبهم، ويجمعون المال باسم أهلهم، يفرحون لمصيبة وطنهم، ويسعدون لمصاب شعبهم، إذ هي مراتعهم، وآفاق عملهم وتجوالهم، وهم الذين يجأرون عالياً بفقر أهلهم وجيوبهم عامرة، ويبكون جوع شعبهم وبطونهم متخمةٌ شبعة، يعتلون المنابر، ولا يغيبون عن مؤتمرٍ وندوة، ولا تفقدهم وليمةٌ ولا مكرمة، فيقدمون ويحترمون ويبجلون لا لأشخاصهم ولا لصفاتهم وألقابهم، وإنما لأنهم ينطقون باسم شعبهم، ويبرزون لتمثيل أهلهم، ولأنهم فلسطينيين، من أهل الأرض المباركة، ومن الأمة المرابطة، ومن جيران القدس وسكانها، ومن أبناء الشعب الذي يواجه أعتى قوة، وأسوأ إحتلال.
أولادهم ليسوا كأولادنا، وبيوتهم ليست كبيوتنا، ومظهرهم ليس كمظهرنا، وهيئتهم ليست كهيئتنا، يلبسون فاخر الثياب، ويدخنون السيجار والغليون، ويركبون أفخم السيارات، ويرافقهم كثيرٌ من العمال والحراس والغلمان، يعبثون بأموال الشعب، ويفسدون قيم الأهل، يشاركون العدو تجارتهم، ويدفعون إليه لترسوا عليهم مشاريعه، ويخدعون أمتهم ليكسروا عن عدوهم الحصار، ويرفعوا عنه المقاطعة، ويقاسمونه أموالهم، ويكنزون في بنوكه ومصارفه ما يحبون أن يخفوه من أموالهم عن شعبهم، لا يعرفون المقاومة، ولا يحسنون حمل البندقية، ولم يعرفوا سجون العدو يوماً، ولم تزين معاصمهم قيودٌ حديدية ولا أخرى بلاستيكيةٍ لعينة، يتقززون من المخيمات، ويقرفون من شوارعها وحواريها، ويأنفون من لقاء أهلها، ولا يحبون أن ينسبوا إليها أو إلى أهلها، فهم شيئ آخر مختلف، ليسوا جزءاً من هذا الشعب، ولا يتقنون لهجته، ولا يحملون لون وسحنة أبناءه، ولا يحملون جنسية بلادهم، ولا جواز سفر سلطتهم، بل يفخرون بجنسياتٍ أخرى، ويباهون بأنهم يحملون جوازات سفر دولٍ عظمى، تمكنهم من دخول كل الدول، وطرق أبواب كل العواصم.
إذا كان أغلب جيل شباب ثورة 25 يناير المصرية قد فتح عينيه على الدنيا في ظل رئاسة محمد حسني مبارك لمصر، وفي سبعينيات القرن الماضي، فإن أغلب شباب فلسطين في الوطن والشتات قد فتحوا أعينهم على الحياة قبيل الإنتفاضة الفلسطينية الأولى، وقد ولدوا في ظل الثنائية القطبية، وأجواء الحرب الباردة، أي أنهما أبناء جيلٍ واحد، وأبناء مرحلة سياسية واحدة، ولكنهم نشأوا في ظل الأحادية القطبية، وفي ظل التفرد والتفوق الأمريكي على العالم كله، ولكن جيلهما لم يعرف الهزيمة، ولم يستسلم لفرضية الضعف وعدم توازن القوى، بل هو جيلٌ آمن بقدراته، واعتز بموروثاته، وأدرك عوامل قوته، وأسباب تفوقه، ورفض أن يهون ليبقى عزيزاً، فثار في مصر، واستطاع أن يطيح بالنظام الذي ارتضى الذل والهوان لنفسه وبلاده، ونجح في تصحيح المسار، ومحاربة الفساد، ومحاكمة الفاسدين، والإطاحة بكل المتآمرين، وأطلق العنان لكل مقدرات الأمة، وأفسح المجال لكل المخلصين من الشعب، فأعاد إلى الوطن شبابه، وأعاد الوطن إلى شبابه، وقد كان حلمهم عند آباءهم مستحيلاً، ولكنه أضحى عندهم على أيديهم حقيقة لا خيالاً.
الفلسطينيون اليوم شباباً وشيوخاً، ورجالاً ونساءاً، في الوطن وفي الشتات، يتطلعون إلى يومٍ لا يقل عن يوم مصر العظيم، يسجله التاريخ ويحفظه لهم، يفخرون به ويعتزون، ويتيهون به ويتغنون، بأنهم فيه خاضوا ثورة التصحيح، وانتفضوا على تراكم السنين، وطالبوا برحيل المنتفعين، ومحاكمة الفاسدين، ومعاقبة المتورطين، وإقصاء المتاجرين، وتنحية غير الصادقين، وفضح العابثين بحقوق شعبنا وثوابته، لأننا يومها سنكون إلى النصر وإلى العودة والتحرير وأقرب، وستكون انتفاضتنا الثالثة على عدونا أصلب وأقوى، وسيكون شعبنا أصفى وأنقى، وأصلب عوداً وأقوى شكيمة، وأقدر على تحقيق أهدافه والوصول إلى غاياته.
دمشق في 3/3/2011
• يتبع " مطالبٌ شعبية من فصائل الثورة الفلسطينية " [/align]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.