سقط مبارك..وسقط نظامه..وسقط منطقه..وسقطت دكتاتورية طاغية حكم شعبا ردحا من الزمن رغما عن أنف هذا الشعب العظيم..زور الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشعب..وكان مبارك السبب، ومعه نظامه ومنطقه في حكم الشعب والاستبداد به، وراء إحداث مأساة اجتماعية بكل المعايير...لكن الذي حدث مباشرة بعد إعلان عمر سليمان تنحي محمد حسني مبارك عن رئاسة مصر وتولي المجلس العسكري الأعلى لشؤون الحكم في البلاد، حتى علت الهتافات ومشاعر الفرح بين مئات الآلاف من المحتشدين في معظم المدن المصرية، وعلى الأخص بالقاهرة، كما تحولت عواصم المدن العالم العربية وغير العربية، إلى فروع لميدان التحرير الموجود بمصر، حيث احتفلت عدد من العواصم وخاصة بيروت وعدة مدن بقطر وتونس وغيرها أمام السفارات المصرية، بانهيار نظام مبارك الإقطاعي كما يحلوا للكثيرين تسميته، ورأى الجميع مشاهد تبين مشاعر جياشة تكتب تاريخا جديدا لمصر ، بعدما شكلت الثورة المصرية وعيا جمعيا جديدا لدى جماهير مصر. ومن جهة أخرى، جاءت ردود فعل مرحبة بانتصار ثورة الشعب الذي أصر على الصمود الى رحيل مبارك ونظامه لمدة دامت 18 يوما، حيث عبرت عدد من الأنظمة عن مواقفها وعلى رأسها قطر التي أعلنت حكومتها دقائق معدودات بعد تنحي الدكتاتور بأنها تعتبر انتقال السلطة في مصر إلى مجلس عسكري خطوة ايجابية، وقال بيان عن ديوان أمير قطر "إن قطر ترى أن نقل السلطة إلى المجلس العسكري الأعلى خطوة إيجابية هامة على طريق تحقيق تطلعات الشعب المصري في الديمقراطية والإصلاح والحياة الكريمة". وخرج شعب قطاع غزة الصامد في مسيرات عفوية، حيث تم إطلاق الرصاص بشكل يثير الدهشة في الهواء، وتلاطمت شوارع غزة بأصوات أبواق السيارات وهتافات الشعب، كما دعا مؤذنو المساجد بالقطاع المواطنين إلى الخروج بكثافة في مسيرات حاشدة "احتفالا مع الشعب المصري بتنحي الديكتاتور مبارك، الذي كان ورقة ضاغطة للكيان الصهيوني على أبناء غزة بعدما حوصروا جوا وبرا وبحرا بتواطؤ نظام مبارك المكشوف، ومن جهة أخرى اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بأن في تنحي مبارك بداية لانتصار الثورة المصرية، وطالبت القيادة المصرية الجديدة برفع الحصار عن قطاع غزة من بوابة العريش، باعتباره المنفذ الوحيد لأبناء هذا الشعب المقهور بعدما فرض الكيان الغاصب سيطرته بحرا وجوا وبرا من كل الجهات، وقال إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إن مصر تكتب تاريخا جديدا للأمة واعتبر بأن الحصار على قطاع غزة بدأ يترنح، فيما طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتنحي الرئيس الحالي لفلسطين محمد عباس اقتداء بسلفه المخلوع حسني مبارك، معلنة في ذات السياق فرحه الكبير بثورة الشعب المصري، كما باركت الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الثورة المصرية التي فتحت آمالا جديدة أمام الشعب المصري ومعه الشعب الفلسطيني، وفي بيان له أعرب حزب الله عن شعوره بالفخر والاعتزاز بإنجازات ثورة مصر، وقال "إن إرادة الشعب وعزمه وثباته هو مفتاح القدرة على صنع المعجزات والانتصارات لقضيته وأمته"، مهنأ المصريين بثورتهم المباركة وباركهم خطواتهم التي أعادت الاعتبار لهذا الشعب الذي عاش القهر والظلم والطغيان لثلاثين سنة، في حين اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عبر متحدث باسمها بأن تنحي مبارك عن السلطة "يجب أن يكون عبرة للكثير من الأنظمة العربية"، هذا وأصدرت الخارجية التونسية بيانا رحبت فيه بتنحي مبارك وأكدت ثقتها في استعادة مصر لمكانتها العربية والإستراتيجية بعد سقوط مبارك ونظامه، كما دعت الحكومة التركية الجيش المصري إلى تسليم السلطة وقيادة البلاد إلى حكومة منتخبة في أقرب فرصة ممكنة تنفيذا لمطالب الشعب المصري، ومن جهة أخرى أكد بيان رسمي سوداني ترحيبه واحترامه لخيار ورغبة الشعب المصري في التغيير الجذري للنظام المصري. ومن جهة أخرى، اكتفت فرنسا بإعلان أملها في أن يتخذ المصريون كل ما يلزم لبناء حكم ديمقراطي، في الوقت الذي أعلن مكتب نتنياهو بأن "إسرائيل" تأمل أن تحافظ القيادة المصرية القادمة على معاهدة السلام بين البلدين، وفي مضمون التصريح مناشدتها التشبث باتفاقية كامب ديفد المذلة للشعب الفلسطيني، من أجل استمرار المزيد من الحصار وضرب الخناق على غزة ومعه مصير الشعب الفلسطيني ككل، وعبرت قيادات أخرى من الكيان الصهيوني عن أملها الكبير في أن تتم العملية الانتقالية نحو الديمقراطية بمصر بهدوء "من أجل مصر وجميع جيرانها أيضا"، وطالب بضرورة الحفاظ على معاهدة السلام التي وقعت عام 1979، ونفس الموقف عبرت عنه ألمانيا على لسان المستشارة أنجيلا ميركل، حيث دعت مصر إلى ضرورة احترام معاهدة السلام الموقعة بين البلدين، معربة عن سعادتها بالتطورات السياسية الأخيرة في مصر، وقالت "كلنا شهود على تحول تاريخي" مؤكدة متمنياتها للمصريين بأن يحضوا بمجتمع "بدون فساد ولا رقابة ولا اعتقال ولا تعذيب". وفي واشنطن رحب جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، باستقالة مبارك بعد تدبدب كبير عرفته مواقف واشنطن، واعتبر بايدن أن ما حققته الثورة المصرية "يوما تاريخيا" تشهده مصر، وقال في أول رد فعل أميركي "اليوم هو يوم تاريخي للمصريين"، فيما رحبت وزيرة الخارجية الأوروبية، كاثرين آشتون، بتنحي الرئيس المخلوع مبارك ونظامه معتبرا أن قراره ناتج عن "استماعه إلى صوت الشعب" وأنه بقراره (المكره) فتح الطريق أمام "إصلاحات سريعة وعميقة"، وهنّأت، من جهة أخرى، منظمة العفو الدولية المتظاهرين المصريين بسقوط مبارك، مشددة على ضرورة إصلاح منظومة حقوق الإنسان في مصر، ودعا الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، سليل شطي، الجيش المصري إلى اغتنام هذه الفرصة لوضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وطي صفحة الماضي. ويبدو أن الجزائر لم تتعظ بعد، حيث منعت السلطات مظاهرة في العاصمة ابتهاجا بسقوط مبارك يوم أمس فيما منعت تظاهرة اليوم 12 فبراير الجاري دعت إليها المعارضة الجزائرية منذ بداية الشهر الجاري، وتم اعتقال منسق هذه المسيرة الوطنية وعدد من المحتجين والنواب، وفي المقابل لم يصدر عن الحكومة الجزائرية أي موقف اتجاه الإطاحة بنظام مبارك. وتجدر الإشارة إلى أن الشعب المصري رغم تحقيقه لانتصار ساحق إلى أن ثوار 25 يناير أعلنوا في بيان اليوم 12 فبراير الجاري عن عزمهم مواصلة الثورة إلى حين تحقيق المطالب.