المناضل بنعمرو يرد على ذ.سعيد الكحل:عندما يكون التضليل والجهل بالحقائق وبالقانون من أسباب محاربة اليسار. نشر موقع الحوار المتمدن – العدد 3106 – يوم 26 غشت 2010 في نطاق محور: " اليسار، الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي" – تعليقا منسوبا للسيد سعيد الكحل. ومما جاء في التعليق ما يلي:" وجه الأستاذ عبد الرحمن بن عمرو، بداية شهر غشت 2010 رسالة إلى كل من المجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية لعلماء المغرب يستفتيهما في موضوع: عدم تحمل الدولة المغربية مسؤوليتها القانونية والوطنية والإسلامية والمغربية في حماية اللغة العربية من المتآمرين عليها وعدم العمل على تنميتها ونشرها واستعمالها في جميع المجالات والميادين الرسمية..." بعد ذلك ينتقل المعلق إلى ما يلي: " بالتأكيد لا يشك أحد في صدق مشاعر الانتماء القومي العربي للأستاذ بنعمرو، واعتزازه بلغة القرآن الكريم وحرصه على حمايتها وتنميتها لكن نبل الهدف، - يقول التعليق- تشوش عليه الوسيلة المستعملة من جوانب عدة أبرزها: 1- إن استعمال الفتوى في موضوع الدفاع عن اللغة العربية من أجل تعميم استعمالها في التعليم العالي والإدارات العمومية هو إقحام للدين في الأمور السياسية المتعلقة بتدبير الشأن العام، وهذا يتنافى – يقول التعليق – مع قناعة اليساريين وكل الديمقراطيين الذين يطالبون بالفصل بين المجال الديني والمجال السياسي وينتقدون توظيف الدين لأهداف سياسية...، ومن شأن هذا التوجه أن يفشل المشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي الذي ناضلت وضحت من أجله أجيال المناضلين... 2- إن من شأن استصدار فتوى في موضوع كهذا يهم الشأن العام أن يشجع التيارات الدينية على شرعنة توجهاتها وتقوية مواقفها ضد الدولة وتشريعاتها التي تعتبرها، هذه التيارات، لادينية.. ومتى تم هذا، فسيكون المغرب أمام تجربة سياسية تعطي سلطة القرار والحسم والاختيار للفقهاء بعد أن تسلبها من ممثلي الشعب في المؤسسات الدستورية... وها نحن أمام – ولاية الفقيه – بدل ولاية الأمة. وهذا ما تطالب به تنظيمات الإسلام السياسي...، 3- إن محاكمة السياسات العمومية على ضوء الفتاوى الفقهية ستفجر حرب الفتاوى الفقهية بين التيارات الدينية نفسها، وفي هذه الحالة الدولة ستخضع لأي تيار وستعمل بأي فتوى ؟... 4- من شأن هذا الإجراء – الفتوى – أن يتولد عنه اتهام الدولة بمحاربة الدين من خلال محاربتها للغة القرآن، وتهميشها وعدم حمايتها...، فالأستاذ بنعمرو يريد أن يجعل الدولة في حكم من يحارب الدين لأنها تحارب لغة القرآن وتهميشها ولا تحميها. وهكذا يلتحق الأستاذ بنعمرو بخندق الأصوليين والسلفيين والمتطرفين في موقفهم من الدولة ومحاكمة سياستها العمومية بمنطق الفقه والشرع...في حين أن الأمر ينبغي أن يظل من اختصاص البرلمان... 5- إن وضع اللغة العربية الحالي، حسب التعليق، هو نتيجة لحسابات سياسية ضيقة حكمت اختيارات الدولة في مرحلة تاريخية معينة مما أفقدها- الاختيارات – جديتها ومصداقيتها...، 6- إن الاستفتاء في هذه الحالة،يتوخى – يقول التعليق – بيان حكم شرعي في قضية سياسية وطنية لا تهم الدين في شيء، وإلا لكانت شعوب العجم التي تدين بالإسلام ملزمة – شرعا – باعتماد اللغة العربية وحمايتها ونشرها حتى يصح إسلام مواطنيها ويستقيم إيمانهم بل هو إجراء يروم الضغط على الدولة باستعمال سلاح – الشرع – لحملها على اعتماد اللغة العربية في كل مرافقها...، فليحذر، يقول التعليق، الديمقراطيون من مزالق اللعب بسلاح الفتاوى الفقهية الذي سيكونون أولى ضحاياه، فضلا عن كونه سيفتح باب الفتن على شعب آمن ووطن مستقر." هذه مجمل ما جاء في المحاور الستة من تعليق السيد سعيد الكحل، حسب ما ورد في الحوار المتمدن، والتي سنتولى الرد عليها: - وقبل الجواب على كل محور على حدة، أحب أن أؤكد اعتزازي بالدفاع عن الحضارة العربية الإسلامية في جوانبها التقدمية المضيئة، واعتزازي بالدفاع عن اللغة العربية كوسيلة لنشر هذه الحضارة في المعمور ماضيا وحاضرا، وإن كنت، أعتمد، أساسا، في وجوب استعمال اللغة العربية في جميع مرافق الدولة، على الدستور، الذي هو أعلى درجة من درجات القانون وتعتبر مقتضياته من النظام العام الذي لا يجوز مخالفتها حتى ولو جاءت هذه المخالفة عن طريق القانون الذي يصدره البرلمان. - ومن المعلوم أن الدستور المغربي ينص صراحة في تصديره على أن اللغة الرسمية في المغرب، هي اللغة العربية، وحدها دون غيرها، وينص في مادته الرابعة على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، ويجب على الجميع الامتثال له.. - ومفهوم الرسمية، يعني، من الناحية القانونية، أن ترسيم لغة من اللغات، ينتج عنه وجوب استعمالها في جميع المرافق العمومية: الإدارية والتعليمية والقضائية والإعلامية...، - وترسيم لغة من اللغات لا علاقة له، من الناحية القانونية، بالتاريخ ولا بالدين ولا بالوطنية، وإنما له علاقة أساسا بقدرة اللغة المرسمة، أكثر من غيرها، على ربط التوصل، داخليا، بين فئات المواطنين المتعددة اللهجات، وخارجيا، على التواصل الدولي، - ومن المعلوم كذلك أن هيئة الأممالمتحدة، التي تضم أكثر من 197 دولة عضوا فيها، أغلبها دول علمانية، هذه الهيئة الدولية العلمانية، اعتمدت في الاستعمال، بمختلف أجهزتها المركزية والجهوية والإقليمية، ستة لغات فقط كلغات رسمية، من بينها اللغة العربية، ولم تعتمدها، باعتبارها لغة القرآن، أي على أساس ديني، وإنما باعتبارها، في تاريخ الاعتماد لغة 19 دولة عربية أعضاء فيها، هذا بالإضافة إلى كونها، كما جاء في حيثيات قرار الاعتماد بالإجماع، وهو القرار المؤرخ في 18 دجنبر 1973 تحت رقم 2206: " كون اللغة العربية تلعب دورا مهما في نشر حضارة الإنسان وثقافته، وتطويرهما والمحافظة عليهما...، وإحدى اللغات المستخدمة في المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، مثل منظمة التربية والعلوم والثقافة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، وأيضا كونها إحدى اللغات الرسمية ولغة التخاطب، في منظمة الوحدة الإفريقية..." - وجميع الدول العلمانية، بأوروبا وأمريكا وآسيا، تنص على رسمية إحدى لغاتها، الأمر الذي يؤكد عدم علاقة الدين بترسيم اللغة، وإن كان هذا الأخير (الدين) قد يكون حافزا، لترسيم لغة دين الأغلبية متى توفرت فيها شروط القدرة على التواصل، كما ونوعا، وداخليا وخارجيا، وهو أمر محبذ وليس مكروه ويساهم في التنمية الشاملة وليس في الجمود أو التأخر، وتتوفر مثل هذه الشروط في اللغة العربية.. - والأغلبية الساحقة من الدول العربية، إن لم نقل جميعها تقريبا، وبما فيها تلك المحسوبة على الاتجاه اليساري الاشتراكي تنص في دساتيرها على رسمية اللغة العربية وعلى أن الإسلام دين الدولة، وتذهب بعض الدساتير العربية إلى النص على أن الشريعة الإسلامية مصدر "رئيسي للتشريع"... - وعندما نقول أن العربية هي لغة القرآن، فهذا أمر واقعي ومعاين ولا علاقة له باستغلال الدين، ولا يستطيع أي جاحد الإدعاء بأن لغة القرآن هي الفرنسية أو الإنجليزية مثلا، وإن كان من المتصور الترجمة إليهما وإلى غيرهما، ولا يستطيع منكر الزعم بأن حروفه ليس حروف عربية وإنما هي حروف لاتينية أو صينية أو يابانية أو هندية... - والواقع يقول بأن الدستور المغربي ينص في تصديره على " أن المملكة المغربية دولة إسلامية...، لغتها الرسمية هي اللغة العربية وهي جزء من المغرب العربي الكبير..." - وإذا كنا نستند على الدستور في القول برسمية اللغة العربية وعلى أن المغرب دولة إسلامية، فلأن الدستور نفسه، وهو أعلى درجة في القانون، يسمح لنا بذلك ولا يسمح لنا بقول العكس وإلا كنا ضد سيادة القانون... - ومع ذلك فإن استنادنا على مقتضيات الدستور لا يعني أننا، مع كافة الديمقراطيين، راضون عن هذا الدستور وعن الذي سبقه، بل إننا نطالب ونناضل مع غيرنا من الديمقراطيين من أجل مراجعته مراجعة شاملة، سواء على مستوى المبادئ والاختيارات أو على مستوى اختصاصات السلط، أو على مستوى علاقات السلط بعضها ببعض... - وإلى أن تتم المراجعة الشاملة لنصوصه، فإنه يجب الالتزام بتطبيق هذه النصوص بما فيها تلك المتعلقة برسمية اللغة العربية... - وإذا أسفرت المراجعة، عبر استفتاء نزيه وحر عن حذف رسمية اللغة العربية وبترسيم اللغة الفرنسية، فما علينا إلا القبول بهذه النتيجة والعمل بها، وإنما الذي لا يمكن قبوله أن تكون العربية رسمية ومع ذلك لا تستعمل في المرافق العمومية للدولة، وأن تكون اللغة الفرنسية غير مرسمة ومع ذلك يتم استعمالها في جميع المرافق العمومية للدولة... - بعد هذه المعطيات، التي قد نحيل عليها فيما بعد، ننتقل للرد، بتركيز، على كل محور من المحاور الستة التي تحدث في نطاقها السيد سعيد الكحل: أولا: الرد على ما جاء في المحور الأول: - على خلاف ما جاء في هذا المحور، فإن المراسلة الموجهة إلى كل من المجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية للعلماء لا تستهدف استغلال الدين في السياسة، وإنما معرفة رأيهما وموقفهما، بصفتهما جهازين من أجهزة الدولة، من التناقض المطلق بين ما جاء في دستور، الذي صنعته الدولة والذي ينص على رسمية اللغة العربية، وعلى أن المملكة المغربية دولة إسلامية، وإنها جزء من المغرب العربي الكبير، وبين ما يحدث من ممارسات عملية في الواقع، من طرف نفس الدولة والأجهزة التابعة لها. - والارتكاز على مقتضيات الدستور، لا يمكن تفسيره بأنه ارتكاز على الدين أو إقحام لهذا الأخير في السياسة، وإنما هو ارتكاز على القانون، لأنه كما قلنا أعلاه، فإن الدستور هو أعلى درجة من درجات القانون وحسب الفقرة السادسة من الفصل 81 منه، فإنه لا يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستور. - وكما أشرنا إلى ذلك أعلاه، فإن كلا من المجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية للعلماء ليسا بجمعيتين تم إنشاؤهما بمحض إرادة مجموعتين من العلماء أو الفقهاء، وأن كل مجموعة هي التي حددت أهداف الجمعية وشروط الانضمام إليها، وكيفية تسييرها واختيار المسيرين بكيفية ديمقراطية ومصادر تمويلها، وإنما هما (المجلس العلمي الأعلى، والرابطة المحمدية للعلماء) مؤسستان عموميتان خلقتهما الدولة بدافع استغلال الدين لتدعيم اختياراتها في الشؤون والمجالات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. - ومن أجل تحقيق الهدف المذكور فإن الدولة المخزنية، هي التي وضعت المؤسستين المذكورتين تحت وصايتها وأخضعتها لتوجيهاتها وحددت في القانونين المنشئين لهما أهدافهما، والأعضاء المكونين لهما وكيفية تسييرهما، وتمويلهما وعينت، بمقتضى ظهائر، أسماء الأعضاء المكونين والمسيرين لهما، وهكذا فإنه: - على مستوى المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الإقليمية: - فقد أحدثت الدولة هذه المجالس بمقتضى ظهير 270. 180 بتاريخ 3 جمادى الأول 1401 (8/4/1981). والذي نص في مادته الأولى على أنه: "يحدث مجلس علمي أعلى يتولى جلالة ملك المغرب أمير المؤمنين رئاسته"، ويشمل هذا الظهير على ثلاثة أقسام: القسم الأول يخص المجلس العلمي الأعلى: يضم بابين الأول: يتعلق بالتأليف والاختصاصات، والثاني، بالتسيير. القسم الثاني: ويخص المجالس العلمية الإقليمية ويضم بابين: الأول: يتعلق بالتأليف والاختصاصات والثاني: بالتسيير. القسم الثالث: وينص على أنه تحدد، عند الضرورة، بمقتضى مرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الإسلامية، كيفية تطبيق هذا الظهير. - إن الظهير المذكور تم نسخه بالظهير رقم 300 . 03 . 1 الصادر في ربيع الأول 1425 (12/04/2004) وهو الظهير الخاص بإعادة تنظيم المجالس العلمية. - وقد نصت المادة الأولى على أن المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الإقليمية توضع تحت وصاية الملك ويعاد تنظيمها وفقا لهذا الظهير. - ونصت المادة الثانية منه، على أن المجلس العلمي الأعلى يرأسه الملك، ويتكون من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومن بعض كبار العلماء الذين يعينون من طرف الملك، ومن الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى ومن رؤساء المجالس العلمية المحلية. - ومن بين اختصاصات المجلس العلمي الأعلى، حسب المادة الثالثة من الظهير، دراسة القضايا التي يعرضها عليه الملك، وإعداد النظام الداخلي للهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء والمصادقة عليه، وإصدار التوجيهات والتوصيات الرامية إلى ترشيد عمل المجالس العلمية المحلية وتفعيل دورها في تأطير الحياة الدينية للمواطنين والمواطنات المغاربة من المسلمين، وإحالة طلبات الإفتاء في القضايا المعروضة عليه إلى الهيئة المكلفة بالإفتاء قصد دراستها وإصدار فتاوى في شأنها. - وحسب المادة 6 من الظهير، فإن الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى يعين من طرف الملك ويمارس مهامه بتنسيق مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأن من بين مهامه: - إعداد جدول أعمال المجلس العلمي الأعلى الذي يتضمن، حسب الأولوية، القضايا التي يعرضها عليه الملك، قصد إبداء الرأي، بالإضافة إلى تلك التي يقترحها أعضاء المجلس والتي يوافق عليها الملك...، وتلقي طلبات الإفتاء قصد عرضها، عند الاقتضاء، على المجلس العلمي الأعلى. وحسب المادة 7 من الظهير، فإنه تحدث لدى المجلس العلمي الأعلى هيئة علمية تتكون من بين أعضائه، تختص وحدها، دون غيرها، بإصدار الفتاوي الرامية إلى بيان حكم الشريعة الإسلامية في القضايا ذات الصبغة العامة. - وطبقا للمادة 9 من الظهير، فإنه تصدر الفتاوي عن الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء إما بطلب من طرف المجلس العلمي الأعلى أو بناء على طلب يعرض على المجلس من لدن الكاتب العام. وحسب المادة 10 من الظهير، فإنه يحدد عدد أعضاء الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء وكيفية تعيينهم وطريقة تسيير الهيئة بموجب النظام الداخلي... - وطبقا للمادة 19 من الظهير فإنه تسجل الاعتمادات المالية اللازمة لسير المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية وفروعها في ميزانية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويعين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى آمرا مساعدا بصرف هذه الاعتمادات . - وطبقا للمادة 20 من الظهير فإنه تضع الإدارات العامة ولاسيما وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتربية الوطنية والتعليم العالي والمالية الوسائل المادية والبشرية اللازمة رهن إشارة المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية وفروعها التي تمكنها من القيام بالمهام المسندة إليها بموجب الظهير... - وطبقا للمادة 21 من الظهير، فإنه يرفع إلى الملك تقرير سنوي عن حصيلة أنشطة المجالس العلمية وعن وضعية تسييرها... - هذا وقد صودق على النظام الداخلي للمجلس العلمي الأعلى بمقتضى الظهير رقم 231-04-1 الصادر في 7 محرم 1426 (16/02/2005). - وتؤكد المواد التي استعرضناها أعلاه من ظهير 22/4/2004 المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية بأن هذه الأخيرة، ما هي إلا جهاز من الأجهزة الرسمية للدولة. - وبالنسبة للرابطة المحمدية للعلماء - فإنها محدثة بالظهير رقم 210 . 1 .05 الصادر في 15 من محرم 1427 (14/02/2006) بتحويل جمعية رابطة علماء المغرب صفة مؤسسة ذات نفع عام تحت اسم:"الرابطة المحمدية للعلماء". - وحسب المواد: 2 و3 و4 و17 و20 و23 و26 و27 من الظهير، فإن الرابطة المحمدية للعلماء تخضع من حيث مهامها وتكوينها وكيفية تسييرها لأحكام هذا الظهير الذي يعتبر بمثابة نظامها الأساسي، وأن من بين مهامها التعريف بأحكام الشرع الإسلامي الحنيف ومقاصده السامية والعمل على نشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه السامية والموعظة الحسنة واحترام مبادئ الوسطية والاعتدال...، وأنه تمنح العضوية في الرابطة المحمدية للعلماء للشخصيات العلمية التي يختارها ويعينها الملك...، وأن الأمين العام للرابطة يعين من طرف الملك ويعهد إليه بتسيير شؤون الرابطة والعمل باسمها وتمثيلها إزاء الغير وأمام القضاء والقيام بجميع التصرفات والعمليات الهادفة إلى تحقيق أغراضها... وأن من بين مصادرها المالية، الإعانات المالية الممنوحة لها...، وأنه من أجل التأسيس الأولي لأجهزة الرابطة فإن الملك يعين لجنة تأسيس تتكون من، بالإضافة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، من أربعة أعضاء يختارون من بين الشخصيات العلمية...، وأنه تحدد كيفيات تسيير أجهزة الرابطة واللجان العلمية المنصوص عليها في المادة 14 أعلاه بمقتضى نظام داخلي يعرض، قبل العمل به، على الملك للمصادقة عليه. - وتؤكد المواد التي استعرضنا بعض مقتضياتها أعلاه ما قلناه سابقا من كون الرابطة المحمدية للعلماء، هي، كالمجلس العلمي الأعلى، جهاز من أجهزة الدولة المخزنية تستعملها، كباقي الأجهزة الرسمية، لتنفيذ اختياراتها اللاشعبية اللاديمقراطية. - وتأسيسا على ما ذكر، فإن مكاتبتنا لها وللمجلس العلمي من أجل استخلاص موقف أو فتوى لا ترمي إلى إلزام الدولة المغربية باستعمال اللغة العربية في المرافق العمومية، لأنه مهما كان نوع المواقف والفتاوى الصادرة عن المؤسستين المذكورتين، فإنها تظل مجرد آراء قد تصيب وقد تخطئ وبالتالي تبقى مجرد مواقف وفتاوى غير ملزمة، لأن الملزم للجميع، وبدون استثناء هو الدستور والقوانين الصادرة من المؤسسات المختصة، وهي الأحكام القضائية النهائية القابلة للتنفيذ والتي تكون ملزمة لجميع من صدرت ضدهم مهما كانت حيثياتهم، بما في ذلك الدولة المغربية وإداراتها ومؤسساتها العمومية. ومن المعلوم أن القضاء سبق أن قال كلمته في موضوع وجوب استعمال اللغة العربية في مرافق الدولة وإداراتها ومكاتبها ومؤسساتها العمومية، وأنها مسؤولة مدنيا عن مخالفة ذلك... - وترتيبا على ما ذكر ولغيره، فإن مراسلتينا الموجهتين إلى كل من المجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية للعلماء إنما هما في الحقيقة وفي العمق موجهتان إلى الدولة المغربية عبر جهازين من أجهزتها الرسمية، وذلك من أجل أن تجيب، بواسطة لسان الجهازين المذكورين، على التناقض الذي توجد فيه والمتجلي بين ما تدعيه عبر النصوص القانونية التي تصدرها وبين ما تمارسه في الواقع ضدا على مقتضيات تلك النصوص، فهي على وجه المثال: - ترسم اللغة العربية نظريا في الدستور بينما ترسم الفرنسية واقعيا باستعمالها تقريبا في جميع المرافق العمومية... - وهي تنص في دستورها على أنها دولة إسلامية، بينما واقعيا، وعلى خلاف كافة الدول العربية والإسلامية، لا تعطل مرافقها الرسمية يوم الجمعة ذي الحمولة الدينية الإسلامية وإنما يوم السبت ذي الجذور الدينية اليهودية ويوم الأحد ذي الجذور المسيحية. - وهي تحرم التعذيب والاختطاف والحجز والاعتقالات التعسفية وتعاقب من يرتكب هذه الأفعال، بينما بعض أجهزتها الأمنية والسلطوية ترتكب نفس الجرائم ضد المعارضين السياسيين وتظل هذه الأجهزة، مع ذلك، بعيدة عن أية محاسبة أو متابعة أو عقاب... - وهي تمنع التزوير والتزييف وتعاقب عليه ومع ذلك لا تتورع عن تزوير الإرادة الشعبية، بمختلف الأساليب، في الاستفتاءات الشعبية والانتخابات العامة... - وأخيرا، وليس بالأخير، فهي، تمنع الآخرين من الإفتاء في الشأن الديني، حتى لا يستغل هذا الإفتاء في الميدان السياسي، ومع ذلك تحل لنفسها ما حرمته عن الغير وذلك عندما قررت استغلال الدين في السياسة عبر احتكار الإفتاء في الشأن الديني بحصره في المجلس العلمي الأعلى. - ويرى الكثيرون، عن حق، بأن الفتوى غير ملزمة من الناحية القانونية، لأي أحد، وأنها مجرد رأي من الآراء يحتمل الصواب والخطأ، وأنه باعتبارها كذلك فإنها يجب أن تكون مباحة للجميع سواء في الميدان الديني أو في غيره من الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية، وسواء صدرت هذه الفتوى من رجال الدين أو من غيرهم. - وبما أنها (الفتوى) مجرد رأي، فإن تحريمها، في الشأن الديني، على فريق دون فريق آخر، يعتبر مسا بحرية الرأي والتعبير التي تنص عليها المادة 9 من الدستور هذا دون أن ننسى بأن تصدير الدستور ينص على أن المملكة المغربية تؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية يضمنان حرية الرأي والتعبير واعتناق الآراء دون مضايقة (المادة 19 إعلان والمادة 19 من العهد)، ويضمنان حرية الفكر والوجدان والدين (المادة 18 إعلان و18 عهد).. ثانيا: الرد على ما جاء في المحور الثاني: على خلاف ما جاء في هذا المحور، بأن شرعية الدولة لا تستمد ولا ترتكز على فكر أو مذهب أو تأييد أي تيار من التيارات، سواء كان هذا التيار دينيا، أو علمانيا، يساريا أو يمينيا أو وسطيا، كما لا ينتقص من شرعيتها معارضة أي تيار من التيارات المذكورة... - إن شرعية الدولة تستمد وتقوم وترتكز على إرادة الغالبية من الشعب. ويجب أن تتجلى هذه الإرادة في : - دستور ديمقراطي، في إعداده وفي محتواه، دستور يحدد الاختيارات واختصاصات السلط وعلاقاتها فيما بينها.. - وانتخابات حرة ونزيهة ينبثق عنها برلمان تكون له سلطة التشريع في جميع الميادين، وحكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع تكون بيدها سلطة إدارة الشأن العام في نطاق تنفيذ القوانين... - وقضاء مستقل استقلالا حقيقيا يختص بحماية الحقوق والحريات... - إن السلط الثلاث المذكورة، المتوفرة فيها الشروط المشار إليها، هي الموكول إليها، قانونيا، الحسم والفصل في أي شأن من الشؤون، بما في ذلك الشأن الديني، ولا يمكن، قانونا، أن يكون الحسم بيد أي تيار من التيارات أو فئة من الفئات كيفما كانت توجهاتها ووجاهة مطالبها... ثالثا: الرد على ما جاء في المحور الثالث: - وعلى خلاف ما جاء في هذا المحور، فإنه، وكما أسلفنا ذلك أعلاه: 1- فإن مراسلتينا، الموجهتين إلى كل من المجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية للعلماء، معتمدتان، في مطالبهما ومرتكزاتهما، على القانون وحده، وهو الدستور، وليس على أي مصدر من المصادر الدينية. 2- وأن المراسلتين المذكورتين غير موجهتين إلى فقيه أو مجموعة من الفقهاء الدينيين، وإنما إلى مؤسستين حكوميتين منظمتين بمقتضى القانون (الظهير) الذي أسند لأحدهما، وهو المجلس الأعلى العلمي الأعلى، مهمة إصدار الفتاوى وحرمهما على الغير... 3- وكما أسلفنا أعلاه، فإن الفتاوى، سواء كانت صادرة عن جهات رسمية أو غير رسمية، لا قيمة لها من الناحية القانونية، الأمر الذي يجعلها غير قابلة للتنفيذ... رابعا: الرد على ما جاء في المحور الرابع: على خلاف ما جاء في هذا المحور، وكما أسلفنا أعلاه: 1- أن كون العربية لغة القرآن، فهذا أمر واقع، والواقع المعاين لا يمكن رفعه ولا جحوده من قبل أي كان... 2- إننا نعتمد في وجوب استعمال اللغة العربية على القانون (الدستور) وليس على أي مصدر ديني، بما في ذلك القرآن. 3- إن المراسلتين، كما أسلفنا، لا تستهدفان جعل الدولة في حكم من يحارب الدين، وإنما في حكم من يعيش تناقضا قاتلا بين النظرية والتطبيق، حسب التفاصيل التي سقناها أعلاه... - وهذا الحكم، الذي أبرزه النقيب عبد الرحمن بن عمرو، لا يضعه في خندق "الأصوليين والسلفيين والمتطرفين" في موقفهم من الدولة ومحاكمة سياستها العمومية...، وإنما يضعه، بغض النظر عن مناقشته مفهوم الأصولية والسلفية والتطرف، في صف التقدميين الديمقراطيين الذين يفضحون طبيعة الدولة المخزنية، واختياراتها اللاشعبية اللاديمقراطية وسياساتها الفاشلة والعقيمة، وتناقضاتها القاتلة... 4- يقول السيد سعيد الكحل، بأن محاكمة السياسة العمومية للدولة يجب ألا يكون بمنطق الحلال والحرام، في حين أن الأمر ينبغي أن يظل من اختصاص البرلمان... ونحن نرد على ما جاء في هذا الخصوص بما يلي: - لا مانع من الارتكاز على مفهوم الحلال إذا كان هذا الحلال مرتكزا على القانون، وعلى مفهوم الحرام إذا كان هذا المفهوم مؤسسا على ما يمنعه القانون... - وليس البرلمان، هو المخول وحده محاكمة سياسة الدولة، وإنما، طبقا للحق في حرية الرأي والتعبير، التي يضمنها الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فإن محاسبة سياسة الدولة واختياراتها من حق الجميع، فرادى ومجموعات، وبغض النظر عن مختلف توجهات هذا الجميع المذهبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. - والفرق بين محاكمة البرلمان لسياسة الحكومة، ومحاكمتها من قبل مكونات الشعب، أن الأولى قانونية يمكن أن يترتب عنها، متى توفرت الشروط اللازمة، إسقاط الحكومة...، بينما الثانية ليست كذلك، إذ تظل في حدود التأثير المعنوي... - لكن، والأهم من ذلك، فعن أي برلمان يتحدث السيد سعيد الكحل ؟ - هل عن البرلمان الحالي، الذي لا يمثل الإرادة الشعبية، بسبب ما عرفه من أساليب، قديمة وحديثة، في التزوير والتزييف وشراء الذمم والأصوات...، أم عن البرلمانات التي سبقته والتي عرفت نفس الوصف والمسار؟ - هل عن البرلمانات، التي لم تستطع في أي ولاية من ولاياتها محاسبة الحكومة ومؤاخذتها، وعند الاقتضاء، إسقاطها وذلك بسبب ما ينخر إدارتها من فساد إداري واقتصادي ومالي، وما ترتكبه أجهزتها الأمنية من جرائم تمس الحق في الحياة وفي الأمان الشخصي...؟ ! - هل عن البرلمانات، التي لم يستطع أي واحد منها، منذ الاستقلال ولغاية تاريخه، أن يحمي مقتضيات الدستور، الذي ينص في تصديره على رسمية اللغة العربية، وذلك عن طريقين: الأول: محاسبة ومؤاخذة الحكومة على عدم استعمال اللغة العربية في جميع المرافق العمومية، لإداراتها ومؤسساتها العمومية ضدا على مقتضيات الدستور. الثاني: سن قانون يتضمن فرض جزاءات معينة على مخالفة وجوب استعمال اللغة العربية... خامسا: الرد على ما جاء في المحور الخامس: - أنا متفق مع السيد سعيد الكحل، في كون وضع اللغة العربية الحالي هو نتيجة لحسابات سياسية حكمت اختيارات الدولة...، وأن واقع التعليم في المغرب والضعف الذي يطبع مردوديته، يجسد فشل السياسات الرسمية وتخبطها... لكن الذي لا أتفق معه فيه هو: وصف تلك السياسات بالضيقة، أي كأنها جاءت نتيجة خطأ في الحساب...، فبالنسبة لي، فإنني أراها سياسات محسوبة ومقصودة فرضتها فرنسا على المغرب، عبر الاتفاقات التي رافقت ظروف وشروط الإعلان عن الاستقلال الرسمي، وتضمنت جميع هذه الاتفاقات وجوب المحافظة على المصالح الاقتصادية والمالية والثقافية واللغوية لفرنسا بالمغرب. ولا نحتاج إلى التذكير على ارتباط التوسع في استعمال اللغة الفرنسية بالمغرب، على المستوى التعليمي والإداري والإعلامي والتجاري والبنكي ..الخ، بالتوسع في حماية ورعاية مصالحها الاقتصادية والمالية والتجارية بنفس البلد (المغرب). - ولم تفرض فرنسا مصالحها الاقتصادية والثقافية واللغوية على المغرب عبر الاتفاقيات المرافقة أو الموالية للإعلان عن الاستقلال الناقص أو المبتور، وإنما فرضت كذلك نوعية الحكم الذي سينفذ هذه الاتفاقيات ويحميها من الإهمال أو عدم التنفيذ أو الفسخ، ولم يكن الحكم سوى النظام السياسي الذي كان وما زال قائما منذ الاستقلال، قائما باختياراته على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي والتعليمي والإداري والقضائي والأمني والذي لا زال يقف حجر عثرة أمام أي إصلاح حقيقي جذري في أي ميدان من الميادين المذكورة. وهكذا، وعلى وجه المثال. - فإنه على مستوى وجوب استعمال اللغة العربية في جميع المرافق العمومية للدولة، مع وضع جزاءات على المخالفين، فقد تقدم حزب الاستقلال بمشروع مقترح قانون، في هذا الخصوص، أمام البرلمان في أواسط الستينات، لكن النظام السياسي المغربي، عبر حكومته، اعترض على المشروع، مدعيا أن موضوعه يدخل في اختصاص المجال التنظيمي أي في اختصاص الحكومة، ورفع الاعتراض حينها، إلى الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى التي قضت لصالح الحكومة، ورغم مرور أكثر من نصف قرن على قرار الغرفة الدستورية، فإن جميع الحكومات المتوالية لم تعمل على إصدار مرسوم تنظيمي يفرض استعمال اللغة العربية في جميع المرافق العمومية تحت طائلة جزاءات معينة: فلا هي تركت البرلمان يصدر قانونا في الموضوع ولا هي قامت بذلك، وكل ما هنالك أن الوزير الأول، الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، و الوزير الأول الحالي الأستاذ عباس الفاسي، وهما معا مجرد موظفين ساميين، كباقي الوزراء، مع النظام، أصدرا منشورا موجها إلى كافة الوزراء ومديري المؤسسات العمومية، الأول في سنة 1998، والثاني في سنة 2008، ويتضمن المنشور وجوب استعمال اللغة العربية في جميع المصالح الإدارية التابعة لهم، إلا أن منشوريهما ظلا لغاية تاريخه، حبرا على ورق؟... - أما على مستوى تعريب التعليم في جميع مراحله، فإن الحركة الوطنية، ممثلة في تنظيماتها السياسية، التي كافحت وضحت من أجل الوصول إلى الاستقلال، اتفقت بالإجماع على مبادئ أربعة يجب أن يقوم عليها إصلاح التعليم، وهي المغربة والتعميم والمجانية والتعريب، ووضعت التوصيات التفصيلية، عبر العديد من اللجان والندوات والمؤتمرات والبيانات الوطنية من أجل تحقيق وتنفيذ تلك المبادئ وما يرتبط بها وكل ذلك لم يجد صدى لدى الحكم. - وهكذا على وجه المثال: - فقد نظمت وزارة التربية الوطنية، بالمركز الرياضي بغابة معمورة خلال شهر أبريل من سنة 1964، مناظرة وطنية حول التعليم شارك فيها أكثر من 400 شخص من ممثلي مختلف التنظيمات الوطنية. ومما خرجت به المناظرة فيما يخص التعريب: - جعل اللغة العربية لغة التعليم في جميع المراحل. - تعليم اللغات الأجنبية، كلغات، ابتداء من الطور الثانوي. - مرحلة انتقالية لتعريب الابتدائي والثانوي في عشر سنوات. - تعريب الابتدائي الثاني في أكتوبر من سنة 1964. - وضع تصميم لتعريب الإدارة مقرونا بتصميم تعريب التعليم. - وقد ظهرت معاكسة الحكم المخزني لتوصيات المناظرة من خلال ما صرح به وزيره في التربية، الدكتور محمد بنهيمة في ندوته الصحفية، من التأكيد على إقرار الازدواجية واستحالة التعريب. وقد رد على التصريح المذكور اتحاد جمعيات الآباء لثانويات الرباط وسلا بتاريخ 14 أبريل 1964، ومن بين ما جاء فيها أن صاحب الحق الوحيد في اتخاذ قرار سياسة التعليم هو الشعب المغربي وممثلوه الحقيقيون الذين أعلنوا رأيهم على لسان: أ- اللجنة الملكية لإصلاح التعليم سنة 1957. ب- لجنة التربية والثقافة سنة 1959. ت- المجلس الأعلى للتربية الوطنية سنة 1962. ث- المناظرة الوطنية حول التعليم سنة 1964. ج- البرلمان في عدة مناسبات سنة 1964. وفي شتنبر 1970 صدر بيان من مثقفي المغرب حول سياسة التعليم والغزو اللغوي الاستعماري الفرانكفوني للمغرب. وفي 23 ماي من سنة 1973 صدر بيان من علماء ومثقفي المغرب حول سياسة التعليم والغزو اللغوي الاستعماري للمغرب العربي. ومما جاء في هذا البيان: أولا: يجددون نصحهم وتحذيرهم من أخطار السياسة القائمة حتى الآن في مجال التعليم والتي لم تحقق غير المزيد من فرنسة الأجيال المغربية الناشئة وفرنسة لغة التخاطب المغربية وترسيخ فرنسة الإدارة والمصالح العمومية والخصوصية بالمغرب المستقل... ثانيا: يذكرون بأن التعريب الكامل العام في التعليم والإدارة والعمل والشارع، هو مطلب قومي أجمعت عليه الأمة منذ الاستقلال، وهو لا يتعارض، بحال من الأحوال، مع دراسته اللغات الأجنبية الحية كلغات، ولا يتناقض مع رغبتنا جميعا في التفتح على حضارة القرن العشرين... ثالثا: ينبهون إلى التجني الذي يرتكب في حق اللغة العربية عندما يراد ربطها بالوضع الذي يوجد عليه العالم العربي اليوم والنقص الذي يلاحظ في المصطلحات العلمية الحديثة...، والذي لا يرجع إلى عجزها هي، بل لجمود المجتمعات العربية التي عليها أن تقوم بسد هذا العجز في الميدان اللغوي... رابعا: يؤكدون بأنه لا حل لمشاكل التعليم المستعصية إلا بوضع المبادئ التي أجمعت عليها الأمة وهي: تعريب التعليم في جميع المراحل وعلى جميع المستويات، ومغربة أطره وتعميمه، وتوحيده موضع التنفيذ المخلص السريع حسب "ميثاق للتعليم" وطبق تصميم محدد، يساهم في وضعها ويصادق عليهما الممثلون الحقيقيون للمؤسسات الوطنية كلها، على أن يكون جاهزا للتطبيق ابتداء من أكتوبر 1970... وقد جاء في البيان الصادر عن المؤتمر الثامن لرابطة علماء المغرب بالناظور المنعقد، خلال شهر يونيو من سنة 1981: "بأن لغة التعليم، في جميع مراحل التعليم، هي اللغة العربية، ولا يشرع في تعليم اللغات الأجنبية، كلغات إلا في التعليم الثانوي، ولذلك فإن المؤتمر يرفض أي مشروع لإصلاح التعليم، لا يقوم على هذا الأساس الوطني..." وجاء في مشروع سنة 1994 للجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم والمؤلفة من 330 عضوا، يمثلون كافة الاتجاهات الوطنية والمعينون من قبل وزارة التربية الوطنية، التأكيد على المبادئ الأربعة... - ومما جاء بخصوص التعريب، "...اعتبار التعريب مبدأ أساسيا لا رجعة فيه، ينبغي أن يمتد من التعليم الأولي إلى التعليم العالي، بما في ذلك التكوين المهني، والتعليم التقني، عن طريق البرمجة والتدرج وتوفير الوسائل البيداغوجية والبشرية والمادية، مع دعم تطور اللغة العربية تسهيلا لاستجابتها ومواكبتها بمستجدات التطور العلمي والتكنولوجي..." - أن جميع تلك التوصيات والمطالب بخصوص استعمال اللغة العربية في جميع المجالات، ظلت تلقى الرفض والمعارضة ومختلف العراقيل من طرف النظام السياسي المخزني بالمغرب وذلك ضدا على رغبات الأمة وإرادتها، الأمر الذي يؤكد أن المشكل في المغرب هو قبل كل شيء وبعد كل شيء مشكل سياسي في عمقه مصدره الأساسي هو الحكم المخزني في المغرب، هذا الحكم الذي كان وما زال يرفض الامتثال لإرادة الشعب المغربي، على كافة المستويات. سادسا: الرد على ما جاء في المحور السادس والأخير: - إن هذا المحور، ما هو إلا تكرار للمحاور السابقة بصيغة جديدة، ولذلك نحيل في الرد عليه على ما قلناه سابقا، مع المزيد من التوضيحات والإضافات التالية: 1- إننا لم نطلب من الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس العلمي الأعلى إصدار حكم شرعي في موضوع استعمال اللغة العربية، كلغة رسمية، لأن ذلك من اختصاص القضاء. 2- كما أننا لم نتوخ من مراسلة المؤسستين الرسميتين المذكورتين إصدار نص قانوني أو مرسوم في الموضوع لأن ذلك من اختصاص الجهات التي خولها الدستور ذلك (البرلمان – المجلس الوزاري – الحكومة) 3- إن ما توخيناه من المراسلتين، كما وضحنا ذلك سابقا، هو أن تفسر لنا الدولة المغربية، عبر جهازين رسميين تابعين لها، أسباب التناقض الذي توجد فيه على مستوى النظرية (النص دستوريا على رسمية اللغة العربية) والتطبيق (عدم استعمال اللغة العربية في المرافق العمومية). 4- إننا لم ندع في المراسلتين المذكورتين ولا في غيرهما بأنه على الدول الإسلامية أن تستعمل اللغة العربية في مرافقها العمومية، باعتبارها لغة القرآن، لأنني أدرك، ويدرك كافة رجال القانون والفقه القانوني ومن له حد أدنى من المعرفة، بأن مصدر وجوب استعمال أي لغة من اللغات في المرافق العمومية إنما هو القانون وليس الدين . - وللمعرفة، فإن جميع الدول الإسلامية العجمية، التي تحترم سيادة القانون، بالإضافة إلى التمسك بهويتها، قولا وفعلا، تستعمل لغتها الرسمية في التعليم والإعلام، وبصفة عامة، في جميع المرافق العمومية؛ وذلك مثل إيران وتركيا وباكستان وماليزيا واندونيسيا، وجميعها تقطع أشواطا في التنمية الاقتصادية والمالية والصناعية والتكنولوجيا. ويلاحظ، بالنسبة لهذه الدول كونها لا تعيش التناقض الذي يعيشه المغرب على المستو