"من الخيمة خْرج مايل" وضعية مجلس الجالية وما يتخبط فيه من سوء التدبير والتسيير وانسداد الأفق هي نتاج طبيعي للطريقة التي تم بها تصريف هذا الملف والتحايل على توجيهات جلالة الملك الداعية إلى تأسيس مجلس ديموقراطي يمثل الجالية ويتواصل مع نبضها ومع تطلعاتها للمشاركة في بناء المغرب الجديد وفي الدفاع عن مصالحها..ومنذ أن تأسس المجلس بشكله الناقص لم يستطيع مسيروه أن يفتحوا قنوات للحوار مع الجميع والتعاطي برزانة ومسؤولية مع منتقديه حتى تحول المجلس إلى خصم للجالية بدل أن يكون أداة للتواصل معها, والمثير أنه مرت ثلاث سنوات على تأسيسه دون أن تجتمع جمعيته الأولى, ودون أن يصدر أي تقريراستشاري فيما يتعلق بالقضايا الحيوية للهجرة وعجزت أغلب لجانه عن الاجتماع الدوري وبقيت لجنة المواطنة المكلفة بملف الحقوق السياسية تتخبط في مشاكل داخلية خطيرة حسمها الرئيس بتجميد أشغالها وتهميش أعضائها وعدم الاكتراث بالانتقادات التي تزايدت وثيرتها بشكل مقلق.. النتيجة أن مجلس الجالية يعرف شللا تنظيميا خطيرا يحاول مسؤوليه تجاوزه بتنظيم لقاءات فلكلورية تكلف أموالا باهظة دون نتيجة تذكر والخطير أن هذه اللقاءات ترافقها شكوك واتهامات خطيرة حول التسيب والشطط في صرف الأموال والمحسوبية وغيرها دون أن نسمع عن أي تحقيق في الموضوع لاسترجاع جزء من مصداقية المجلس..فيما يتعلق بآخر ما تداولته بعض المنابر وما توصلنا به من شجارات وصراعات بين بعض أعضاء المجلس ورئيس لجنة المواطنة وتورط رئيس المجلس في هذه الشجارات وخروجها إلى العلن بما تحمله من تبادل التهم الخطيرة والسب والقدف المتبادل, فالأمر في نظري يدعو أولا وقبل كل شيء للشفقة ويدعو للتقيء, وأقصى ما يستحق من تعليق هو "لاحول ولاقوة إلا بالله". حالة المجلس وسوء تدبير شؤونه وولادته القيصرية لايمكنها أن تعطي أكثر من هذه المسرحية ومن تداعياتها السخيفة على مجلس مشلول, بل المثير في الأمر أن المسؤول الأول والأخير عن هذه الحالة وهو الرئيس يواظب على سلوك النعامة ممتنعا عن التدخل لحسم هذه المهزلة واستعادة بعض من المصداقية لمجلس كنا ننتظر منه الكثير.. مشاكل هذه اللجنة مع رئيسها ومع رئيس المجلس علمنا بها منذ الجمعية الأولى وشكايات خمسة من أعضائها الشرفاء خرجت منذ مدة للعلن وتداولتها وسائل الإعلام دون أن يتفضل رئيس المجلس بالحوار مع المشتكين وبحسم الموضوع وإعادة الأمور إلى نصابها وكما هي عادة الرجل اعتبر الانتقادات هجوما على شخصه وهددهم علنا بالطرد من المجلس, وفضل سياسة الهروب إلى الأمام.. مانشهده الآن حقيقة تثير الشفقة, ولم يبقى للجالية إلا أن تنتظر تدخل الجهات التي عينت مثل هؤلاء للحسم في الموضوع وإعادة الأمور إلى نصابها بمجلس قادر على تمثيل الجالية وتأطيرها للقيام بدورها في الدفاع عن القضايا الحيوية للوطن وفي الضغط على دول إقامتها لدعم المغرب في مشروع التحديث وحل نزاع الصحراء بشكل يحمي مصالح المغرب ويضمن استقرار المنطقة.أتمنى بصدق أن ينتبه المسؤولين لخطورة هذه الحالة وتداعياتها على مصداقية الدولة,وأن لايتأخروا في ذلك.. أمستردام في 5 شتنبر 2010.